«خليجيون»| مراوغة إيرانية لتصدير منتجاتها عبر الخليج والصين
في محاولة للتحايل على العقوبات الغربية التي تحاصرها، لجأت إيران إلى حيل متعددة لتصدير منتجاتها إلى أسواق عالمية عبر دول خليجية والصين، وهي المسارات التي تعتمد بالأساس على المصالح الاقتصادية والتبادل التجاري، وفصلها عن المسارات السياسية أو الخلافات الاستراتيجية.
وتكشف عمليات تدقيق في الأرقام الرسمية والمعلومات شبه الرسمية عن وصول منتجات إيرانية إلى عدة دول حول العالم، وإن كانت بغطاء تجاري آخر، فعلى سبيل المثال تزعم تقارير أن المنتجات الإيرانية يجرى نقلها إلى مناطق مجاورة لإيران، لاسيما في الإمارات العربية المتحدة، وإعادة تصديرها إلى دول أخرى بعد تعديل في معلوماتها التجارية.
الأكاديمية المصرية الدكتورة عالية المهدي تحدثت عن جانب من هذه المحاولات عندما قالت إن «إيران تضطر إلى إرسال شحنات ضخمة من إنتاجها للدول المجاورة لها في آسيا من بينها الإمارات وعمان، جراء العقوبات المفروضة على».
ولفتت عالية المهدي، وهير خبيرة اقتصادية، في منشور لها إلى أن الدول المستوردة للمنتجات الإيرانية، تقوم بتصديرها تحت اسم بلادهم دون ذكر المصدر الرئيسي للمنتج (إيران)، وهو ما يرفع نسبة صادرات تلك البلاد.
صادرات إيرانية إلى الإمارات
وكشفت إحصائيات صادرة عن مصلحة الجمارك الإيرانية، في 17 من يناير الجاري، عن بلوغ «التبادل التجاري مع الإمارات إلى 20 مليار دولار في الشهور التسعة الأولى من السنة المالية 2023».
وكان مدير مكتب غرب آسيا بمنظمة التنمية التجارية الإيرانية عبد الأمير ربيهاوي، أعلن أن قيمة صادرات السلع الإيرانية للإمارات بلغت 5 مليارات دولار في الفترة المذكورة.
واعتبر أن دولة الإمارات في العقد الأخير، من الشركاء التجاريين الأساسيين لإيران، وأن غالبية السلع الإيرانية يجرى تصديرها عبر هذا البلد الجار إلى مختلف البلدان، لذا فإنها تحظى بأهمية خاصة.
العبور والخدمات اللوجستية
وكشف تقرير نشرته صحيفة «ميدل ايست برايفنج» أن «إيصال البضائع الإيرانية إلى الأسواق العالمية عبر الإمارات العربية المتحدة جزء أساسي من استراتيجية التصدير الشاملة لإيران».
يقول التقرير إن «الإمارات طريق مهم للوصول إلى آسيا الوسطى وروسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU) وأوروبا الشرقية. يمكن لخبرة دولة الإمارات الواسعة في عمليات الموانئ أن تساعد المناطق والموانئ الحالية والجديدة في إيران».
على سبيل المثال، قدَّم المستثمرون الإماراتيون 12 مليون دولار أميركي لمنطقة ساراخس الاقتصادية الخاصة الإيرانية بالقرب من حدود إيران مع تركمانستان.
ولفت التقرير إلى أن «لدى إيران والإمارات العربية المتحدة فرص للتواجد في خطط مشتركة لتطوير البنية التحتية للنقل. بالإضافة إلى ذلك، ستكون التجارة أسهل مع تنفيذ خطط مثل النفق تحت البحر في مضيق هرمز، والمزيد من الاتصالات بين الجزر على الجانبين، واتصالات بحرية أفضل وأكثر انتظامًا، وخطوط شحن لنقل البضائع من إيران إلى الإمارات العربية المتحدة».
وأكد أن إيران والإمارات سارعت خلال الآونة الأخيرة بـ«تسريع التعاون في مجال الموانئ والبحري والعبور، وأطلقت إيران خطًا مباشرًا لشحن الحاويات من ميناء بوشهر الإيراني إلى ميناء جبل علي الإماراتي».
وتحول الإمارات إلى مركز لوجستي بين أفريقيا وأوروبا وآسيا، وتحول إيران إلى مركز تقاطع الممرات، يمكن أن يؤدي التعاون الثنائي إلى تسهيل وصول إيران إلى أفريقيا وتحسين وصول الإمارات إلى أوراسيا. ويمكن لإيران أيضًا استخدام مرافق ومناطق التجارة الحرة الحديثة في الإمارات العربية المتحدة لإعادة التصدير إلى أكثر من 100 دولة والاستفادة من مزايا الموانئ والشحن السهل والرخيص.
عقوبات دفعتها إلى البيع بنصف الثمن
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، أجبرتها على الالتفاف حولها عبر تصدير منتجاتها النفطية من خلال دول أخرى على رأسها الصين، لكنها تعاني من قلة تصدير المنتجات الآخرى كالحديد وغيرها.
ولفت رشاد عبده في تصريح إلى «خليجيون» إلى أن «إيران غنية بالموارد التعدينية والنفطية ما يجعلها مصدرا مهمًا في تصدير مئات السلع إلى دول أسيا وأوروبا».
وأوضح أن «لجوء طهران لتصدير سلعها بطريقة غير مباشرة عبر دول آخرى يقلل من أرباحها إلى النصف على الأقل، نظرًا إلى النسبة التي تتحصل عليها الدول التي تشتري منتجاهتها».
عقوبات ضد شركات بالإمارات لتعاونها مع إيران
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في يناير الماضي، فرض عقوبات على شركة تابعة للبنك المركزي الإيراني وكيانين مقرهما الإمارات العربية المتحدة وكيان مقره تركيا و3 أفراد بسبب «تهريب تكنولوجيا أمريكية الى ايران» حسب زعمها.
وذكرت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان أوردته وكالة رويترز: «تستهدف هذه العقوبات ثلاثة أفراد وأربعة كيانات مرتبطة بشراء تكنولوجيا أمريكية متطورة ليستخدمها البنك المركزي الإيراني بما ينتهك قيود وعقوبات التصدير الأمريكية».
وأعلن الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة أسماء الشركات والأفراد، وهي «شركة إنفورماتكس سيرفيسز (آي.إس.سي) التابعة للبنك المركزي الإيراني ومقرها إيران، وشركة أدفانس بانكنج سولوشن تريدنج ومقرها الإمارات، وتعمل واجهة للشركة المذكورة سلفا، وشركة فريدم ستار جنرال تريدنج ومقرها الإمارات، وشركة تيد لتطوير خدمات التكنولوجيا والصناعة والتجارة ومقرها تركيا».
وحددت وزارة الخزانة الأفراد الثلاثة على أنهم «الرئيس التنفيذي لشركة (آي.إس.سي) سيد أبو طالب نجفي ورئيس شركة فريدم ستار محمد رضا خادمي والموظف بشركة (آي.إس.سي) بوريا ميردامادي، وهو حامل للجنسيتين الفرنسية والإيرانية وذكرت الوزارة أنه اشترك في عمليات شركة تيد».
التعاون الإيراني العماني
في سياق متصل ذكرت وكالة مهر للأنباء أن صادرات السلع الإيرانية لسلطنة عمان سجلت أكثر من مليار دولار في السنة المالية المنتهية 20 مارس 2023، صعودًا عن 716 مليون دولار المحققة في الفترة المناظرة السابقة 2022.
بالمقابل، أكدت الجمارك أن واردات إيران من عمان بلغت في السنة المالية المنتهية 20 مارس 2023، ما قيمته 800 مليون دولار صعودا عن مستوى 619 مليون دولار، مشيرة إلى أن حجم التبادل التجاري البيني سجل 1.887 مليار دولار بنمو 41% على أساس سنوي.