شهادات من داخل «مدينة الجوع».. أين تذهب المساعدات الإنسانية في غزة؟
«ما بعرف كيف تدخل وكيف تنباع».. كلمات محملة بأنين عبر رسالة صوتيه أرسلها محمود أبوخالد إلى «خليجيون» شاكيا من صعوبة الحصول على كيس طحين، إلا عن طريق الأسواق التي تباع بها ما يدخل من مساعدات غذائية، بينما تشير الاتهامات إلى عدة جهات على رأسها الاحتلال الإسرائيلي وبعض عائلات الجنوب، بينما حمل آخرون حركة المقاومة حماس مسؤولية حجب الغذاء في غزة.
وأبو خالد النازح مع أسرته إلى رفح منذ شهر بعد استشهاد أخيه وأغلب أقاربه في غزة جراء العدوان، ينوي مغادرة رفح إلى وسط غزة رغم العواقب المنتظرة هناك مبررًا ذلك لخوفه من الاجتياح الإسرائيلي المتوقع لرفح وفقا لما أعلنه رئيس وزراء الاحتلال عدة مرات في الآونة الأخيرة.
ويقول النازح الفلسطيني إن «الجوع هو السمة السائدة في رفح ومن لا يملك شواكل، يبحث في الشوارع وأمام الخيام عن أحد يقتسم معه بعض اللقيمات».
الحصار المميت
وبالانتقال إلى الشمال حيث الحصار المميت من قبل القوات الإسرائيلية، ينتظر الرضيع علي الذي لم يكمل أسبوعًا «رشفة حليب» لا سيما وأمه باتت غير قادرة على تقديم وجبة الرضاعة الطبيعية لرضيعها نظرًا لسوء التغذية الذي تعانيه هي وغيرها من سكان القطاع.
وبعد بحث في المستشفيات وغيرها في رحلة قد يتخللها الموت قنصًا أو قذفًا كما اعتادت أن تظهره مقاطع الفيديو المصورة في شمال غزة، يحصل أبو علي الدكتور حمزة على حقنة من الحليب منحته إياها إحدى السيدات رحمًة برضيعه.
3 قطع لحم بـ 70 دولار
وعبر كلمات الآية القرأنية «وأما بنعمة ربك فحدث» يبرز حمزة فرحته باقتناص 3 قطع لحم بعد 5 أيام من البحث في الشمال مقابل 70 وحبات من الأرز تكاد تملأ نصف طبق بـ25 دولار واصفًا تلك الوجبة بالهدية لزوجته التي وضعت مولودًا حديثًا.
وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر غضب شاب فلسطيني، لأنه لم يتمكن من الحصول على أي مساعدة غذائية لابنته التي تضور جوعا.
شاب فلسطيني ينفجر غاضبًا بسبب بيع المساعدات الإنسانية في السوق السوداء بـ دير البلح. pic.twitter.com/4VUwkx4mP1
— سالفة الهاشتاق وأكثر (@AbtTrend) February 17, 2024
ويعد الهلال الأحمر الفلسطيني ومنظمة الأونروا المسؤولان عن توزيع المساعدات الغذائية في غزة، لكن مع انتشارها في الأسواق يبقى السؤال من يحجبها عن المواطنين ويروجها في الشوارع.
وكانت دول فرنسا و الولايات المتحدة، ألمانيا، كندا، إيطاليا، المملكة المتحدة، هولندا، سويسرا، أستراليا، فنلندا قد أوقفت الدعم المالي لمنظمة الأونروا في ضوء مزاعم إسرائيلية تقول إن «موظفين في الأنروا عناصر في حركة المقاومة حماس».
رد الأونروا
في المقابل يؤكد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إن عواقب تجميد المانحين لتمويل الوكالة لن تؤثر فقط على قدرتنا على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الضخمة في قطاع غزة، بل على بعض الأنشطة الأخرى.
وأضاف «لازاريني» عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» أن تجميد تمويل «الأونروا» سيؤثر على الأنشطة في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية والأردن وسوريا ولبنان.
الاحتلال السبب
ويرجع المحلل السياسي الفلسطيني رأفت النبهان، أزمة الغذاء في غزة إلى الاحتلال الإسرائيلي قائلا:«الجيش الإسرائيلي هو المسؤول حاليا عن كل ما يجري في قطاع غزة في ظل حربه الاجرامية والمجازر التي يمارسها بشكل يومي».
ويضيف النبهان في تصريح إلى «خليجيون»:«بعد قتل قوات الاحتلال للأطفال والنساء والشيوخ في غزة بالصواريخ والقذائف والغارات المكثفة التي تستهدف لأحياء السكنية بدأ سياسة التجويع لأكثر من 2، 300، 000 فلسطيني يعيشون في قطاع غزة».
ويتابع:«وبالتالي فهو يستهدف الشرطة الفلسطينية و الهيئات والمؤسسات الحكومية في قطاع غزة المسؤولة عن توزيع المساعدات حيث يقصف سياراتها بالصواريخ ويسعى من وراء ذلك لخلق حالة من الفوضى داخل القطاع… فهو المسؤول عن كافة المظاهر الناتجة عن جرائمه ومجازره في قطاع غزة ومن ضمنها بيع بعض الناس لمساعدات نتيجة الحاجة الماسة التي دفعهم الاحتلال إليها».
عائلات الجنوب في دائرة الاتهام؟
ويؤكد الصحفي بالجزيرة إسماعيل الغول عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»:« أن من يبيع المساعدات هي بعض العائلات بالجنوب سعيا في ترتيب احتياجاتهم في ظل عدم أموال أو فرص عمل».
اتهام حماس بالتسبب في الأزمة
يتهم المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد الهدي مطاوع أعضاء في حركة حماس بالتسبب في أزمة نقص المساعدات في رفح والشمال قائلا:«المساعدات تسيطر عليها حماس وتستحوذ على 90% ولا توزع في تصرفات ليس لها تفسير».
وشدد مطاوع في تصريح إلى «خليجيون» على ضرورة أن تتولى جهة دولية مهمة توزيع المساعدات منوها إلى أن «منظمة الأونروا باتت ليس محل ثقة في عملية التوزيع بعد ما أثير مؤخرًا حول ارتباط بعض الموظفين بحركة حماس».
بينما المبعوث الأميركي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، أكد غياب أدلة تفيد باستيلاء حماس على المساعدات الانسانية.
وقال ساترفيلد إن «إسرائيل لم تقدم أدلة محددة على سرقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمساعدات الأمم المتحدة التي تدخل قطاع غزة حسبما ذكرت «أسوشيتد برس» السبت.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن توقف تسليم المساعدات إلى شمال قطاع غزة، مؤكدًا أن «حياة الأطفال فى غزة مهددة بسبب ارتفاع معدلات سوء التغذية»
وحذر بيان ثلاثي مشترك بين منظمة الصحة العالمية ويونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي، من «خطورة الوضع خطير بشكل خاص في الشمال، حيث يعاني طفل واحد من بين كل 6 أطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد».
اقرأ المزيد
الاغذية العالمي يطلق برنامجا طارئا لمساعدة الفارين من أوكرانيا