استقالة الحكومة الفلسطينية لـ«ترتيبات جديدة» بشأن غزة
أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، استقالة حكومته، على خلفية الإبادة الجماعية التي يتعرَّض لها قطاع غزة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن المرحلة المقبلة «تحتاج لترتيبات حكومية وسياسية جديدة» و«بسط حكم السلطة على كامل الأراضي الفلسطينية».
في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، أعلن إشتية أن حكومته قدمت استقالتها للرئيس محمود عباس، نظرًا لأن المرحلة القادمة «تحتاج إلى تدابير سياسية وحكومية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع الجديد» في قطاع غزة.
لماذا استقالت حكومة اشتية؟
وقال إشتية: «وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف الرئيس في 20 فبراير الجاري واليوم أتقدّم بها خطيا»، مشددًا على أن هذه الخطوة تأتي «على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس وما يواجهه شعبنا وقضيتنا الفلسطينية ونظامنا السياسي من هجمة شرسة وغير مسبوقة».
وتحدث رئيس الحكومة المستقيل عن الحاجة إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية و«الحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين».
وأضاف اشتيه أن ذلك يأتي إلى جانب «تكثيف الاستيطان والخنق المالي غير المسبوق ومحاولة تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والضم المتدرج للأراضي الفلسطينية».
مرحلة ما بعد العدوان على غزة
ويتصل هذا التطور المهم مع اتصالات دبلوماسية تشارك بها عدة دول، بمرحلة ما بعد العدوان على غزة، خاصة ما يروج لها بمسألة «إصلاح السلطة الفلسطينية»، التي يرأسها عباس منذ العام 2004.
موقف حماس:
عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال للعربية حول الحكومة الفلسطينية التي تحدث عنها أسامة حمدان دون التشاور مع فتح والسلطة ومنظمة التحرير. pic.twitter.com/Awk3YFzzrV
— نادين خمّاش (@NadineKh) February 25، 2024
وتزادت خلال الفترة الماضية، دعوات دولية وإقليمية لدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين المطروح بواسطة هيئات ومنظمات دولية وعربية. في الأثناء تقترح واشنطن أن تؤدي السلطة الفلسطينية بعد الحرب، دورًا في حكم قطاع غزة، لكنها تقول إن السلطة «تحتاج إلى تجديد وتنشيط وتحديث فيما يتعلق بأسلوب حكمها، وتمثيلها للشعب الفلسطيني».
وفادت مصادر إسرائيلية وأميركية وفلسطينية متطابقة، خلال الأسابيع الأخيرة، بأن هناك مباحثات جدية تجري لتسليم السلطة الفلسطينية إدارة شؤون قطاع غزة بعد الحرب.
وتخوض الأطراف الفلسطينية مباحثات حول آليات التعامل مع مسألة اليوم التالي لتوقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، ومناقشة الخطط بصورة غير رسمية مع جهات إسرائيلية تعتقد السلطة الفلسطينية أنها ستكون المحرك الرئيسي لليوم التالي للحرب، وفق مصادر فلسطينية لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، تقول إن الفلسطينيين يتطلعون لدور عربي محوري في إدارة قطاع غزة سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية وإعادة الإعمار.
مراسل #العربية عبد الحفيظ جعوان: استقالة الحكومة الفلسطينية ستبقى على طاولة #عباس لحين التوصل إلى توافق بين رغبات #فتح و #حماس و #إسرائيل pic.twitter.com/zAwSfUyY5m
— العربية (@AlArabiya) February 26، 2024
حكومة جديدة برئاسة محمد مصطفى
في الأثناء، تفيد الوكالة بأن المناقشات تجور الآن حول تشكيل حكومة جديدة تدير قطاع غزة والضفة الغربية على أن تكون حكومة من الكفاءات (التكنوقراط)، حيث يتمسك الرئيس الفلسطيني بتكليف محمد مصطفى بتشكيل الحكومة القادمة بصفته رجل سياسة واقتصاد وقادراً على تشكيل حكومة مهنية تدير المرحلة الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية خاصة في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ورئيس الحكومة المحتمل محمد مصطفى، شغل عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 2022، ومنصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاقتصاد في حكومات سابقة، ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني منذ عام 2005 وهو واحد من أهم الصناديق التي تدير المؤسسات الاقتصادية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
نص كلمة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية
بداية، أود أن أُبلغ المجلس الكريم، وشعبنا العظيم أنني وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف السيد الرئيس، وذلك يوم الثلاثاء الماضي 20/2/2024، واليوم أتقدم بها خطيا.
يأتي هذا القرار على ضوء المستجدات السياسية، والامنية، والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية، ومدينة القدس، وما يواجهه شعبُنا، وقضيتُنا الفلسطينية، ونظامُنا السياسي من هجمة شرسة، وغيرِ مسبوقة، ومن إبادة جماعية، ومحاولات التهجير القسري، والتجويع في غزة، وتكثيف الاستيطان، وإرهاب المستعمرين، واجتياحات متكررة في القدس، والضفة، للمخيمات، والقرى، والمدن، وإعادة احتلالها.
والخنق المالي غيرُ المسبوق أيضا، ومحاولات تصفية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، والتنصل من كل الاتفاقيات الموقعة، والضم المتدرج للأراضي الفلسطينية، والسعي لجعل السلطة الوطنية الفلسطينية، سلطة إدارية أمنية وبلا محتوى سياسي.
ولكن، سنبقى في مواجهة مع الاحتلال، وستبقى السلطة الوطنية تناضل من أجل تجسيد الدولة على أرض فلسطين رغمًا عنهم.
لقد عملتْ هذه الحكومة في ظروف معقدة، وواجهت معارك فرضت علينا، بدءاً من معركة القرصنة الإسرائيلية لأموالنا بسبب التزامنا بواجباتنا تجاه أسر الشهداء، والأسرى، والجرحى، ثم معركة صفقة القرن التي أرادت إنهاء قضيتنا، وتلاها جائحة كورونا التي عصفت بالبشرية جمعاء، ثم حرب أوكرانيا وارتداداتها الاقتصادية على شعبنا، وتنافس الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في الاستيطان، والقتل، والتنكيل بشعبنا، وحاليًا الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق أهلنا في قطاع غزة، والتصعيد المتواصل في القدس، والضفة، وجميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.
وفي خضم ذلك كلِه، تمكنت الحكومة من تحقيق توازن بين تلبية احتياجات شعبِنا ومتطلبات توفير خدمات تليق به، من بنية تحتية، وتشريعات، وبرامج إصلاح، والسلم الأهلي، والانتخابات البلدية، والغرف التجارية، وغير ذلك، وبين الحفاظ على حقوقنا السياسية، والوطنية، وحمايتها ومواجهة الاستيطان، ودعم المناطق المسماة (ج)، وتدويل الصراع مع الاحتلال في المنصات الدولية.
من جانب آخر، مضى على تشكيل الحكومة خمسُ سنوات، وهي حكومة سياسية، ومهنية تضم عددا من الشركاء السياسيين والمستقلين، بمن فيهم خمسة وزراء من أهلنا من قطاع غزة.
وعليه، فإنني أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ بالاعتبار الواقع المستجِد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين.
ومن أجل ذلك، فإنّني أضع استقالة الحكومة تحت تصرّف السيد الرئيس، لاتخاذ ما يلزم لخدمة شعبِنا العظيم ووحدة قواه المناضلة، لقد بقينا أوفياء للشهداء والأسرى، ولأهلنا المنكوبين في غزة، ولمشروعنا الوطني الفلسطيني، ومناهجنا المدرسية، وللقدس، ومقدساتنا، ولشعبنا البطل، رغم الحصار غير المسبوق المفروض علينا، وواجهنا التحديات التي فرضت علينا، والتي لم يكن أيٌ منها من صنع أيدينا، وتحملنا من أجل ذلك المشقة، لأن فلسطين تستحق أن نتحمل من أجلها الكثير.
إنني أتقدم بالشكر الجزيل لأخي سيادة الرئيس محمود عباس على حكمته ودعمه، ولإخواني الوزراء، على عملهم الاستثنائي في ظروف استثنائية، ولشركائنا من الفصائل المشاركة في الحكومة والمستقلين، على دعمهم أيضا، والشكر موصول لموظفي دولة فلسطين بكل درجاتهم ورتبهم على تفانيهم في خدمة شعبنا وتحمُّلهم وصبرهم.
وأقدم مع أخواني الوزراء الاحترام والتقدير لشعبِنا العظيم ولتضحياتِه، ولصموده في الوطن، وتحمله عذابات المنافي والشتات، وإصراره على نيل حقه في الحرية والاستقلال، والدولة ذات السيادة، متواصلة الأطراف، القابلة للحياة وعاصمتها القدس، بعد كنس الاحتلال من أرضنا وعودة اللاجئين.
هذه حكومةُ السيد الرئيس وله الحق في وضع الأمور في نصابها القانوني، بما يتيح له النظام السياسي.
من جانبي، فإنَّ عهدي علي من أجل فلسطين، وحركتِنا العظيمة، سأبقى ما بقيت منتميا لها والنصرُ لشعبنا.
عشتم، وعاشت فلسطين.
اقرأ أيضًا:
«خليجيون» خاص| «غزة ما بعد الحرب».. أبرز ملفات قمة السيسي والملك عبد الله في القاهرة