النفط يبدد الثروة الزراعية في شمال العراق
« لم يعد هناك فائدة لهذه الأرض».. بتلك العبارة وصف المزارع العراقي عبد المجيد سعيد الذي يملك 6 هكتارات (14 فدان) حال أرضه، بعد ارتوائها بتسربات النفط الذي يطال تلال منطقة حمرين والأراضي الزراعية المجاورة لها في قرية المعيبدي شمال العراق.
لا تزال محافظة صلاح الدين القابعة في شمال العراق منذ العام 2016 تعاني من بقايا تسرّب نفطي امتزج مع سيول مياه الأمطار الغزيرة، الأمر الذي أتلف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية تقدر بمئات الهكتارات، حسب وكالة أنباء فرانس فرنس
وهذا التلوّث الدائم، معيار إلى عجز السلطات المحلية عن إيجاد حلول دائمة لوضع حدّ لهذا التسرب النفطي.
ويقول عبد المجيد سعيد إن «النفط سرق مونة الأرض كلها وكل ما وضعنا بها البذور، تفسد.. .لم يعد هناك فائدة لهذه الأرض».
فيما على مقربة، تقوم جرافات ببناء سواتر ترابية، وهو الحلّ الذي أوجدته السلطات المحلية لمنع سيول المياه الملوثة بالنفط من التسرّب باتجاه الأراضي الزراعية، لكن ذلك لا يلغي واقع أن الضرر قد وقع بالفعل.
وتقدّر المساحة «التي تعرضت إلى تلوث بالنفط بنحو (500 هكتار) كانت مزروعة بمحصولي الحنطة والشعير» وفق محمد مجيد مدير دائرة البيئة في محافظة صلاح الدين.
وأرجع المسؤول العراقي سبب هطول الأمطار بكميات كبيرة إلى «المخلفات التي كانت متراكمة داخل كهوف طبيعية" في منطقة حمرين».
وتتنوع التفسيرات بشأن مصدر هذا النفط، لكن بحسب المزارعين والمسؤولين المحليين فإنّ لعناصر تنظيم الدولة الاسلامية الذين سيطروا على تلك المنطقة دوراً في هذه المأساة.
معاناة
ويشرح مجيد أن عناصر تنظيم داعش عمدوا إلى «تفجير خطوط الأنابيب والآبار ما تسبب بنزول المخلفات» النفطية إلى الكهوف الطبيعية في حمرين.
وبعد استعادة السيطرة على المنطقة إثر هزيمة داعش في العام 2017 في العراق، طمرت القوات الأمنية هذه الخزانات، وفق عامر المهيري مدير هيئة الحقول النفطية في محافظة صلاح الدين في حديث لوكالة الأنباء العراقية.
لكن عند هطول الأمطار، يطوف هذا النفط.
ويقول مدير دائرة الزراعة في محافظة صلاح الدين لفرانس برس إن «ظاهرة السيول النفطية في منطقة حمرين والعلم تتكرر منذ العام 2016».
ويوضح أن «الأرض تتأثر من خلال تخندق التربة وامتصاص المواد النفطية والزيوت في الأراضي»، مضيفا أن «هذا الموضوع يكلف ويكبد الفلاح خسارة كبيرة».
ويضيف هذا التلوث إلى معاناة أخرى يواجهها المزارعون في هذا البلد نتيجةً للتغير المناخي، وسط جفاف يرخي بظلاله على العراق للعام الخامس على التوالي. وبهدف توفير الموارد المائية، تعمد السلطات على تقليص المساحات المزروعة بشكل كبير.
كارثة بيئية
ويكشف مدير دائرة البيئة في صلاح الدين إن وزارته «فاتحت وزارة النفط» من أجل «التخلص من هذه المخلفات»، مشيرًا إلى أن «استصلاح هذه التربة يتمّ من خلال قشط التربة ورفعها واستبدالها بتربة أخرى».
ويعدّ العراق بلداً غنياً بالنفط الذي يمثّل نسبة 90 بالمئة من عائداته. كما أن العراق ثاني أكبر بلد منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويصدّر يومياً حوالى 4 ملايين برميل.
ويمكن للعراق أن يواصل استغلال النفط على مدى 96 عاماً مقبلةً بفضل الاحتياطات الهائلة التي يملكها وفق البنك الدولي.
وتعاني العراق من أزمة آخرى تتمثل في الجفاف خاصة في عموم محافظات العراق وإقليم كوردستان، حيث ارتفعت أسعار لحوم الأغنام والأبقار، إذ بلغ سعر كيلوجرام الواحد من 23 - 24 ألف دينار، حسب وكالة شفق نيوز.