عُمان مركز الرسائل الأميركية إلى الحوثيين وإيران
وسط أنباء عن تعثر جهود عمان التيسيرية مع الحوثيين بشأن استمرار هجماتهم في البحر الأحمر، استقبل رئيس أركان قوات السُّلطان المسلحة اليمنيه بمكتبه بمعسكر المرتفعة اليوم الأحد، قائد القوات الجوية بالقيادة الوسطى الأمريكية الفريق طيار أليكسوس جي جرينكريتش والوفد العسكري المرافق له الذي يزور سلطنة عُمان حاليًّا.
وشنت القوات الجوية الأميركية عشرات الضربات ضد 60 هدفا في 16 موقعا تابعا للحوثيين، واستهدفت مراكز قيادة وسيطرة ومخازن ذخيرة، حسب أحدث بيان للقوات الجوية الأميركية.
وتبادل القائدان العماني والأميركي خلال المقابلة وجهات النظر وبحث عددٍ من الموضوعات العسكرية ذات الاهتمام المشترك، حسب وكالة الأنباء العمانية.
عمان مركز الرسائل الأميركية إلى الحوثيين
ويرجع الدبلوماسي المصري السفير رخا أحمد حسن، توجيه الولايات المتحدة الأميركية بوصلة مباحثاتها بشأن ما يدور حول خلافاتها مع الحوثيين إلى التقارب بين الطرفين منذ سنوات حتى تحولت مسقط إلى مركز رسائل أميركية إلى الحوثيين لعدم وجود وسيلة تواصل مباشرة، منذ بداية التحركات الحوثية في البحر الأحمر.
ويرى رخا في تصريح إلى «خليجيون» أن الولايات المتحدة الأميركية تتخذ من علاقة عمان بطهران الوطيدة كوسيلة وساطة، في نفس الوقت تلجأ إلى السفارة السويسرية في طهران.
واعتبر الدبلوماسي المصري أن التحركات الأميركية ولجوءها للوساطة، استهلاك للوقت بدون فائدة، قائلا:«أميركا تصعد من وتيرة الأزمة في البحر الأحمر بتداخلتها العسكرية حماية للمصالح الإسرائيلية، ما يفاقم الأزمة التي يصعب للوساطة حلها».
ويستبعد رخا أن تحاول عمان الضغط على الحوثيين لوقف عملياتها العسكرية في البحر الأحمر، نظرًا لارتباط الأمر بالقضية الفلسطينية، و التدخل لمنعها يعني في مجمله قبول العدوان الإسرائيلي.
وكان وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي قد أكد في خطاب ألقاه في أكسفورد في 15 فبراير الماضي «قناعته بأن تسوية النزاع في غزة وتحقيق الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة يعتمدان بشكل حاسم على تلبية التطلعات الفلسطينية والإسرائيلية والتوفيق بينها».
عمان تلعب دور وساطة قائمة على التكتم
وتأتي تلك الزيارة في ظل الدور الذي تلعبه مسقط بشأن أزمة الولايات المتحدة الأميركية مع الحوثيين وإيران، إذ تقول دراسة أعدها منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه «عمان تلعب دور الوساطة القائمة على التكتم».
ولفتت الدراسة أن «الدبلوماسيون العُمانيون يتمتعون بعلاقات عمل وثيقة مع نظرائهم الإيرانيين ويصف كبار المسؤولين العُمانيين علاقاتهم الثنائية مع إيران بأنها ودية وقائمة على الثقة التي بنيت على مدى سنوات كثيرة».
وتشير الدراسة إلى أن «إيران سبق وذكرت بـ«أنها كانت على تواصل مستمر مع الولايات المتحدة، وبدون علاقات دبلوماسية قائمة بين البلدين، تمرّ على الأرجح هذه الاتصالات إما عبر السفارة البريطانية في طهران أو عن طريق العُمانيين، ولكن على الأرجح من خلال مزيج من الاثنين».
وفي نوفمبر 2023 وصف مسؤول عُماني كبير المكتب الإيراني، وهو بؤرة تنسيق التعاملات مع إيران، بأنه الأكثر نشاطًا في وزارة الخارجية العُمانية.
وتعتبر الدراسة أن «قوة هذه العلاقة هي ثمرة الإرادة، ففيما يتذكر بعض كبار المسؤولين العُمانيين تدخلات إيران في الشؤون الداخلية العُمانية، يسعى معظمهم إلى تعزيز العلاقة مع إيران والتركيز على العلاقة التاريخية القديمة بين بلاد فارس وعُمان».
مصلحة عمان
وتشير الدراسة إلى أنه «من الواضح أن لعُمان مصلحة في مواصلة دور الوسيط ومساعيها الحميدة مع الحوثيين|، ويمكن إعادة إحياء التسوية المحتملة للحرب الأهلية، إذ لا يزال لدى عُمان مصلحة أمنية قوية في استقرار اليمن على حدودها الغربية ومصلحة اقتصادية في تعزيز التجارة مع جارها».
وعلى غرار دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، تعاني عُمان من جراء تحويل مسارات سفن الشحن بعيدًا عن قناة السويس ليس بسبب زيادة تكاليف الشحن فحسب، بل أيضًا بسبب خسارة حركة الملاحة من السويس إلى آسيا عبر صلالة، والتي جعلت هذه الأخيرة ثاني أكثر الموانئ نشاطًا في الشرق الأوسط. كما ستتعطل الصادرات المتجهة غربًا من مصفاة الدقم الموسعة حديثًا.
الاعتراف بدولة فلسطين
وتوضح الدراسة أنه رغم امتلاك عُمان عوامل محفزة قوية لتساعد في تهدئة الحوثيين، لكنها لا تستطيع استخدامها إلا إذا تم حل مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وتمر القناة المعتمدة للحوار الحوثيين وعمان عبر محمد عبد السلام، كبير مفاوضي الحوثيين وعضو المكتب السياسي، الذي غالبًا ما يتم رصده في مسقط وليس في صنعاء. وهذه هي القناة الدبلوماسية التي كادت أن تفضي إلى تسوية للحرب الأهلية اليمنية طويلة الأمد، ولكن يبدو أن هذه التسوية باءت اليوم بالفشل من جراء تداعيات النزاع في غزة.