جنوب أفريقيا تجر إسرائيل مجددًا إلى محكمة العدل الدولية
اتخذت جنوب إفريقيا إجراء جديد ضد الاحتلال الإسرائيلي بمحكمة العدل الدولية، إذ طالبتها بوقف انتهاكات جيش الحرب الإسرائيلي، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لإتاحة توفير الغذاء لأهل غزة دون عراقيل.
وحذرت جنوب إفريقيا، في طلبها الجديد، من شبح المجاعة الذي يلوح في أفق شمال قطاع غزة، داعية المحكة لأن تأمر الاحتلال باتخاذ تدابير فورية وفعالة لإتاحة توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها للتصدي للمجاعة ونقص الغذاء في القطاع، مشددة على أنه يتعين على المحكمة اتخاذ هذه التدابير من دون تحديد موعد لجولة جديدة من جلسات الاستماع بسبب الإلحاج الشديد للوضع، حسب وكالة الأنباء القطرية (قنا).
وقالت رئاسة جنوب إفريقيا:«إن الناس في غزة لا يمكنهم الانتظار»، لافتة إلى أن «احتمالية حدوث مجاعة شاملة أصبح حقيقة الآن، وأن المحكمة بحاجة إلى التحرك لوقف المأساة الوشيكة، وأن تضمن بشكل فعال حماية الحقوق التي وجدت أنها مهددة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه» - على حد قولها-.
وفي سياق متصل، قالت ن وزيرة خارجية جنوب إفريقيا اليدي باندور، في كلمة خلال فعالية تضامنية مع فلسطين في بلادها، «إن الأمم المتحدة لا تمتلك القدرة على فرض السلام"، مؤكدة أنها لو كانت تملك ذلك لتم إنقاذ أرواح الفلسطينيين».
ودعت الأمم المتحدة «للذهاب إلى ما هو أبعد من مراقبة السلام، وامتلاك القدرة على فرضه» مشددة على ضرورة «إرسال الدول القوية ذات الجيوش الكبيرة، التي تزود الكيان الإسرائيلي بالسلاح، جنودها إلى حدود رفح لضمان نقل المساعدات ومرافقة شاحنات الإغاثة، من أجل كسر الحصار الإسرائيلي، وضمان مرور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الفلسطيني».
إجراءات مماثلة
وتلك هي المرة الثانية التي تطلب فيها بريتوريا من المحكمة اتخاذ إجراءات إضافية، وقد تم رفض طلبها في الأول من فبراير الماضي، غير أن المحكمة كانت قد أمرت في يناير الماضي الكيان الإسرائيلي باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة، والتحريض المباشر عليها.
وصوتت غالبية أعضاء لجنة التحكيم لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب إفريقيا باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة.
وذكرت المحكمة أنها تقر بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مشددة على ضرورة التزام الكيان الإسرائيلي بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة، وأن يضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري، لكنه لم يلتزم بالتنفيذ.
وتعد الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي بادرة غير مسبوقة، تهدف لوقف الحرب والقتل والدمار الذي يتعرض له سكان القطاع المحاصر، والذي يشهد حربا دموية منذ أكثر من 5 أشهر.
واتهمت جنوب إفريقيا في دعواها الاجتلال الإسرائيلي بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، ووجد صوتها العالي المناصر للفلسطينيين دعما من أكثر من 50 دولة، بالإضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية.
مستويات قاتلة من المجاعة
وفي سياق آخر أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة «وصول المجاعة في شمال القطاع مستويات قاتلة، وخاصة وسط الأطفال والحوامل والمرضى المزمنين، وأشارت إلى ارتفاع الوفيات جراء المجاعة وسوء التغذية والجفاف في محافظتي غزة والشمال، إلى 20 شهيدا».
و حذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، جيمي ماكغولدريك في حديث مع وسائل الإعلام عبر رابط فيديو في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، من أن أزمة الجوع الحادة في قطاع غزة تعرض حياة الأطفال للخطر، كاشفا عن الوضع المزري في غزة.
وقال المسؤول الأممي إن الجوع قد وصل إلى مستويات كارثية، داعيا إلى وضع خطة لمعالجة هذه الأزمة، ومبينا أن الاحتياجات العاجلة تتطلب استخدام طريق وصول عسكري إلى شمال غزة للسماح بدخول ما لا يقل عن 300 شاحنة مساعدات يوميا، فضلا عن توفر شرط الكفاءة في عمليات التسليم البرية لمساعدات إنسانية عاجلة بدلا من عمليات الإنزال الجوي.
الأطفال يأكلون أوراق الصبار
وتقول التقارير الواردة من غزة إن «نفاد الطعام في شمال القطاع جراء العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023، أجبر الناس هناك على إطعام أطفالهم أي شيء يمكن العثور عليه، بما في ذلك أوراق الصبار الشوكي للبقاء على قيد الحياة».
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف من أن «الارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل تهديدا خطيرا على صحتهم، خاصة مع استمرار الحرب المدمرة»، إذ قال نائب المدير التنفيذي لـ «اليونيسف» تيد شيبان إن «غزة على وشك أن تشهد انفجارا في مستوى وفيات الأطفال، الذي بلغ حدا لا يطاق بالفعل».
ودخل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة يومها الـ154، مخلفة حتى الآن 30 ألفا و800 شهيد، و72 ألفا 298 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، علاوة على آلاف المفقودين تحت الأنقاض.