الخصوصية الثقافية للمجتمع العراقي
في كل مجتمع أو ثقافة هناك خصوصية يتميز بها هذا المجتمع أو تلك الثقافة، وتعد هذه الخصوصية من ضرورات المجتمع، إذ بغيرها لا يمكن استمرار المجتمع بصورة طبيعية لأنها لم تأت من فراغ، بل هي تراكم ثقافي وتاريخي يمتد لعقود أو قرون وحتى آلاف من الاعوام، ولا يزال يذكر بعض المتخصصين، أن هناك قضايا ثقافية ولغوية ولهجية وعادات وتقاليد اجتماعية من اقوام قديمة سابقة سكنت العراق، يرجعها بعضهم إلى السومريين والأكديين والبابليين، وغيرهم من الأقوام التي سبقتنا.
وعلى العموم فإن هذه الخصوصية تشكل الهوية والتاريخ والجغرافيا وما تحمل من بنى وأنظمة وأنساق بالنسبة للثقافة العراقية، بل وتشكل النظام الاجتماعي والكلي والشامل في كل مجتمع، الذي ينقسم إلى قسمين (مادي) و(ثقافي)، فالمادي يتكون من اﻷدوات واﻵلات والعمارة واﻷثاث وكل التراث المادي للمجتمع، وكل عنصر يتكون منه المركب الثقافي المادي. والثقافي: يتكون من اللغات والاعتقادات والقيم واﻷعراف والاخلاق والفنون وغيرها من مكونات الثقافة الروحية.
الاعتقادات الدينية والطقوسية وزيارة اﻷضرحة للأئمة واﻷولياء والاستعمالات العامية العراقية كلها دلالات واضحة على الخصوصية الثقافية العراقية
فالاعتقادات الدينية والطقوسية وزيارة اﻷضرحة للأئمة واﻷولياء، والاستعمالات العامية العراقية، مثل( الجا، واللعد، والعجل، والزا، وشكوماكو، والله بالخير، وعيني، وأغاتي )، كلها دلالات واضحة على الخصوصية الثقافية العراقية.
ويرى الأستاذ «قيس النوري» أن الثقافة العراقية تمتاز بـ (سيطرة طابع الحزن وما يقترن بها من ذكر اﻷموات والبكاء عليهم وزيارة قبورهم، والخوف من الحسد، والمبالغة في نبش الماضي، والخلط بين الواقع والخيال، وطغيان مفهوم القدر ). وغيرها من السمات المشتركة بين أفراد المجتمع العراقي.
المجتمع العراقي له خصوصية في الثقافة المادية، كما في تفضيلاته في استخدام بعض الأدوات في العمل والزراعة والصيد ووسائل النقل البري والنهري
والمجتمع العراقي له خصوصية في الثقافة المادية، كما في تفضيلاته في استخدام بعض الأدوات في العمل والزراعة والصيد ووسائل النقل البري والنهري، والتي ترجعها المكتشفات اﻷثرية إلى أقوام قديمة في طريقة بناء بيوت القصب في اﻷهوار العراقية وعملية صناعة الزوارق (المشحوف)، وطريقة صناعة (المسحاة)، التي يفضلها الفلاح العراقي في العمل وهو واقف بانتصاب، يضرب بها اﻷرض ويقلبها بكبرياء، خلافا لغيره في استعمال المعزقة، وهو مطاطأ على اﻷرض في فلاحة اﻷرض في البلدان الأخرى.
ويرى الدكتور «عاطف وصفي» (أن الخصوصيات الثقافية لها جانب كبير من ثقافات المجتمعات المتمدنة، وهي في الحقيقة عوامل مفرقة، إذ عن طريقها تصبح لكل جماعة طابع خاص). ولذلك فقد تميزت ثقافة الطعام العراقية بأنواع من اﻷطعمة واﻷشربة، ذات الخصوصية العراقية والشعبية التي لها طعم ولذة خاصة في ذائقة كل فرد عراقي، فهي مرتبطة بتراثه وثقافته وذكرياته مع أهله وعائلته برابط قوي ومتماسك لاينفل، ولا زالت تفضيلاته في أنواع اﻷطعمة في اللحوم والفاكهة والخضراوات التي يجد لها طعما خاصا وميزة فريدة، والتي يفتقدها في اﻷطعمة المستوردة، والتي بلا شك تحمل خصوصية ثقافية مختلفة، وبيئة أخرى تختلف كليا عنه وعن تفضيلاته وثقافته.
وفي الازياء هناك خصائص تميز زيه عن الآخرين كما في الزي العربي، فالعباءة والعقال والكوفية بألوانها المختلفة واشكالها المتنوعة، وطريقة ارتدائها التي تميز منطقة عن أخرى، متنوعة بين المدينة وبين غيرها من الريف أو البادية أو الجبل تشكل أيقونة مائزة تخص سمة مجتمع معين عن غيره، وعلى الرغم من دخول الموضات الحديثة للبلاد، فإن هذا الزي لا زال يحتفظ بقيمة رمزية واجتماعية مائزة. وعلى العموم لكل مجتمع أو ثقافة خصيصة تميزه لتكون بذلك سمة وصفة اجتماعية وثقافية وهوياتية خاصة به.
هذا المقال نقلا عن وكالة الأنباء العراقية (واع)