3 أسباب محتملة لتقديم موعد «رئاسية الجزائر»
فاجأ قرار الحكومة الجزائرية تقديم موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية المراقبين إلى السابع من سبتمبر المقبل، وأرجعوا هذا القرار إلى عدة أسباب محتملة مرتبطة بموعد إقرار الميزانية وانتخابات البرلمان الجزائري.
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت في بيان في وقت سابق أنّ تبّون قرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في السابع من سبتمبر القادم، وأشارت إلى أنه سيتم استدعاء الهيئة الناخبة في الثامن من يونيو المقبل.
القرار جاء بعد أن ترأس تبون اجتماعا ضم رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس الحكومة ورئيس أركان الجيش ووزير الداخلية ورئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، لكنه لم يذكر سببا لتبكير إجراء الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها نهاية هذا العام.
وبهذا القرار، يكون تبون قد قلّص فترته الرئاسية بمدة ثلاث أشهر، حيث تنتهي ولايته الحالية في 12 ديسمبر.
وقال أحمد ربحي، النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ هذا القرار سيادي «حيث يُجيز الدستور له تقديم موعد إجراء الانتخابات قبل شهر ديسمبر.. .الأمر تقني، متعلّق بسير أمور الدولة، حيث كانت نقاشات في الوسط السياسي بسبب تأخر موعد الرئاسيات إلى آخر شهر من السنة».
وجرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2019 في الشهر الأخير من السنة، بعدما تأجلت مرتين قبل ذلك تحت ضغط الشارع في الحراك الشعبي الجزائري الذي حال دون تمديد ولاية الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسىة. وكان من المفروض أن تجرى تلك الانتخابات في أبريل 2019 قبل أن تؤجَّل إلى يوليو ثم إلى 12 ديسمبر.
أسباب محتملة لتقديم رئاسية الجزائر
وأشار النائب ربحي إلى أنّ الأوساط السياسية في الجزائر كانت تتوجّس من تاريخ الرئاسيات في ديسمبر، وهو الشهر الذي تُعدّ فيه ميزانية الدولة، التي يجب تقديمها قبل السابع من أكتوبر 2024 والتصديق عليها قبل 31 ديسمبر من العام ذاته.
وقال ربحي إنّ «التاريخ الأول في ديسمبر كان سيصطدم بعدّة معوّقات تؤثّر على حُسن سير مرافق الدولة، فجاء تقديم تاريخ الانتخابات إلى السابع من سبتمبر 2024 واستدعاء الهيئة الناخبة قبل ثلاثة أشهر، أي في الثامن من يونيو 2024، وذلك طبقا لمواد القانون العضوي للانتخابات». واعتبر النائب الجزائري أن هذا القرار يخدم استمراريّة مؤسسات الدولة ويحترم المركز القانوني لمنصب رئيس الجمهورية».
ولم يعلن عبد المجيد تبون (78 عاما) بعد ما إذا كان سيترشح لولاية ثانية. وكان قد دخل المستشفى لعدة أشهر في ألمانيا بعد إصابته بفيروس كوفيد نهاية عام 2020.
ويستبعد ربحي أن يكون قرار تقديم موعد الانتخابات سببه رغبة تبون في مغادرة منصب الرئاسة، قائلا إنّ الأمر «غير مطروح بتاتا، بل الطبقة السياسيّة كلّها تعلم أنّ من مصلحة الجزائر أن يستمر الرئيس تبون لعهدة ثانية». ويرى النائب الجزائري أنّ «استمرار تبّون في استقبال الطبقة السياسية، خاصة استقباله رئيس حزب طلائع الحريّات.. .وما يمثّله من مؤشرات بأنه يريد أن يحتوي جميع مكوّنات الطبقة السياسية».
وقال إنّ لجان مساندة تبّون تعمل على الولاية الثانية، التي يرى أنه يجب أن يصل إليها «ليقطف ثمار أخلقة الحياة السياسية واستكمال بناء المؤسسات التي باشرها منذ أن استلم الحكم في ظروف صعبة».
من جانبه، أشار المحامي والبرلماني السابق فاتح قرد إلى أنّ شهر ديسمبر هو موعد انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة وانتهاء ولاية رئيس المجلس، قائلا إن هذا قد يكون «سببا وجيها» لتقديم موعد الانتخابات الرئاسية. يضيف في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي أنّ رئيس مجلس الأمة الحالي صالح قوجيل غير قابل للترشّح لمنصب رئيس المجلس بسبب انتهاء فترة ولايته لست سنوات على رأس المجلس.
والبرلمان الجزائري ذو غرفتين، مجلس الأمة وهو الغرفة الثانية للبرلمان والعليا منه، والمجلس الشعبي الوطني وهو الغرفة الأولى والسُفلى، وسُميّ بالسفلى لأنه يمثّل الشعب وقاعدة المجلس النيابي، أمّا مجلس الأمة فهو الغرفة العليا لأن القوانين تمر في المرحلة الأخيرة عليه وقد تتوقف إذا لم يوافق عليها.
ويعتبر شغور منصب رئيس مجلس الأمة المتزامن مع موعد انتخابات الرئاسية لو أنها بقيت في موعدها في شهر ديسمبر أمرا مربكا سياسيا ودستوريا، وفق فاتح قرد.ويشغل رئيس مجلس الأمة مكانة دستورية مرموقة، وهو مؤهل لتولي منصب رئيس الدولة في حالات شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب الوفاة أو الاستقالة أو وجود مانع آخر.
وجرت آخر انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر 2019، وفاز فيها تبون بحصوله على 58 في المئة من الأصوات. وخلف يومها عبد العزيز بوتفليقة الذي دفع إلى الاستقالة العام 2019 بضغط من الجيش والحراك الاحتجاجي الشعبي. وتوفي بوتفليقة في سبتمبر 2021.
إعلان جزائري مفاجئ
وسبق هذا الاعلان الرئاسي المفاجئ كهنات في وسائل الإعلام الفرنسية حول احتمال تأجيل الاستحقاق، إذ ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في 24 فبراير أن «الانتخابات ستجرى في موعدها المنصوص عليه في الدستور احتراما للدستور وللشعب الجزائري الوحيد صاحب السيادة». كما أعلنت الرئاسة الجزائرية في 11 مارس أن تبون سيقوم بزيارة دولة لفرنسا في نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر. وأرجئت هذه الزيارة مرات عدة على خلفية تقلب العلاقات بين البلدين.
كانت الزيارة مقررة في مايو 2023، قبل تأجيلها لأول مرة إلى يونيو من العام نفسه، مع تخوف الجزائريين من أن تفسدها تظاهرات الأول من مايو ضد إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل في فرنسا، وفق ما أفادت حينها مصادر متطابقة.
لكن الرئيس الجزائري لم يؤكد بعد ذلك موعد إجراء الزيارة التي تعتبر مؤشرا الى تحسن العلاقات بعد عدد من الأزمات الدبلوماسية. ومن ناحية أخرى، قام تبون بزيارة دولة لروسيا في الوقت نفسه، الأمر الذي اعتبر بمثابة تنصل من زيارة باريس.
ثم في ديسمبر، اعتبرت الجزائر أن شروط الزيارة «غير مناسبة»، ثم ذكرت خمس قضايا يتعين حلها مسبقا، من بينها الذاكرة والتنقل والتعاون الاقتصادي ومعالجة تداعيات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية إبان الاستعمار. ولا تزال حقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962) تلقي بثقلها على العلاقات بين البلدين.
اقرأ المزيد:
رسالة أميركية صادمة لقطر بشأن حماس