دولة عربية تدرس إلغاء تجريم التسول
تدرس المغرب إلغاء تجريم التسول بعد توصية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب (حكومي)، الذي رأى أن التسول ظاهرة اجتماعية معقدة من حيث أسبابها الظرفية والبنيوية، وأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأشكالها المتعددة، وتداعياتها على الأفراد والمجتمع والنظام العام.
عقوبة التسول في القانون المغربي
ويجرم القانون المغربي، منذ سنة 1963، ظواهر التسول والتشرد بموجب الفصلين 326 و333 من مجموعة القانون الجنائي، وهو ما اعتبره المجلس «يطرح إشكالية، لكونه يتحدث عن عناصر يصعب تقييمها بشكل موضوع، على غرار التعريف الذي يمكن اعتماده اليوم لمعنى العيش وضمان الحاجيات، وكيفية تكوين قناعة موضوعية حول قدرة أم عدم قدرة شخص على العمل».
وينص الفصل 326 من القانون الجنائي المغربي على أنه «يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التعيُّش، أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعوّد ممارسة التسول في أي مكان كان».
واعتبر المجلس الحكومي أن هذه الممارسة «تنتهك الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية للأشخاص الذين يمارسونها»، وأنها «تمس بالدرجة الأولى الفئاتٍ الهشة التي هي في حاجة إلى الحماية من كل استغلال ومتاجرة، لا سيما الأطفال والنساء والمسنون والأشخاص في وضعية إعاقة».
مجلس حكومي: عوامل تساهم في التسول
وأشار المجلس إلى عوامل تساهم في إيقاع الأشخاص في وضعية هشة في آفَة التسول مثل التخلي الأسري، والطلاق أو فقدان المعِيل بالنسبة للنساء، وتدني المستوى الدراسي والتكويني، وتراجع قيم التضامن العائلي، والوضعية الصحية.
اقرأ أيضًا:
بالصور.. متسولون يذهبون إلى أماكن التسول بسيارات مرسيدس فاخرة
المتسولون في الإمارات «كرييتف».. تعرف إلى طرق النصب والعقوبة
حكايات «المتسولين الأثرياء» في الأردن
وشدد على ضرورة التفكير في اعتماد مقاربة أخرى تخرج التسول من دائرة مجموعة القانون الجنائي، مع الحرص على الاحتفاظ بالعقوبات المتعلقة بالأفعال الإجرامية الفردية أو الجماعية التي ترتكب تحت غطاء التسول.
وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تنامي ظاهرة التسول وانتشارها في الشوارع والفضاءات العمومية بالمغرب.
واقترح المجلس ضمن أربعة محاور:
أولا: القضاء على جميع أشكال تسول الأطفال، من خلال تعزيز آليات حماية الطفولة على صعيد المجالات الترابية (وحدات حماية الطفولة) على مستوى التنظيم الجيد، وتوفير الموارد البشرية والمادية الضرورية، وعبر تشديد العقوبات في حق مستغلي الأطفال والمتاجرين بهم في التسول.
ثانيا: حماية الأشخاص في وضعية هشاشة من الاستغلال في التسول، من خلال تشديد العقوبات على الممارسات التي يتم ارتكابها تحت غطاء التسول، طبقاً لمقتضيات القانون الجنائي، لاسيما ضد الشبكات الإجرامية التي تستغل النساء والمُسِنِّين والأشخاص في وضعية إعاقة، والنهوض بالسياسات المتعلقة بحماية ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين، والإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين المعَرَّضِين لممارسة التسول.
ثالثا: إعادة تأهيل وإعادة إدماج الأشخاص في وضعية تسول، وهو ما يقتضي بالدرجة الأولى العمل على إلغاء تجريم التسول بالنظر إلى صعوبة تحديد دافع الحاجة (أي كيف نحدد انعدام وسائل العيش أو من هو الشخص المعدم؟)، ونظرًا لأن الجرائم الفردية أو الجماعية المقرونة بهذه الممارسة معاقب عليها في العديد من أحكام القانون الجنائي.
كما يقتضي إعادة التأهيل والإدماج وضعَ بدائل مستدامة للتسول، من خلال تعزيز السياسات المتعلقة بالمساعدة الاجتماعية، وتطوير الأنشطة المدرة للدخل، وتحسين التكفل بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية.
رابعا: الوقاية من التسول، من خلال تعزيز قدرة الأُسَر على الصمود اجتماعياً واقتصادياً، وذلك عبر محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم والتكوين والشغل.
وبلغ عدد الموقوفين من قبَل مصالح الشرطة المغربية في إطار محاربة التسول 44 ألفا و260 شخصا في سنة 2022، مقابل 28 ألفا و597 شخصا في سنة 2021، و12 ألفا و590 شخصا في سنة 2020، حسب المعطيات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة.
رفض مقترح إلغاء تجريم التسول
لكن بعض الجمعيات الأهلية، أعلنت عن رفضها مقترح إلغاء تجريم التسول، حيث قالت هند العايدي، رئيسة جمعية «جود» التي كانت من بين المستمعين إليها خلال إعداد المجلس لرأيه، إنها «ترفض مقترح إلغاء تجريم التسول الذي يأتي بدافع الحاجة بشكل قاطع».
وفي مارس العام الماضي، عاقبت محكمة مغربية امرأة تمتهن التسول، وذلك بتهمة النصب والاحتيال، بعد الكشف عن امتلاكها ثروة مالية كبيرة وعدة عقارات.
وجرى إيقاف المتسولة خلال حملة أمنية بمدينة أكادير جنوب البلاد، قامت بها عناصر الدائرة الأمنية الثالثة استهدفت عددًا من ممتهني التسول، حيث كانت تتواجد المعنية بالأمر قرب مسجد لبنان بأكادير.
المتسولة الثرية في المغرب
وعرفت قصة المرأة إعلاميا بـ«المتسولة الثرية» في المغرب، خاصة بعد الكشف عن امتلاكها منزلين وعقارات في حي راق وأرصدة بنكية، كما أنها تحمل الجنسيتين المغربية والسويسرية.
وندّد مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي بانتشار ظاهرة التسول في بلادهم وتحويلها إلى مهنة للربح المادي عن طريق الاستغلال والاحتيال والمغالطة، داعين إلى ضرورة تكثيف الحملات والمراقبة الأمنية لمكافحة هذه الظاهرة والحد منها.