بناء مهبط طائرات قبالة باب المندب.. ما دور الإمارات؟
كشف تحقيق أميركي وصور بالأقمار الاصطناعية معلومات عن بناء مهبط طائرات جديد يجري تشييده بإحدى جزر سقطرى اليمنية، قرب خليج عدن عند مدخل باب المندب، الممر البحري الحيوي في البحر الأحمر.
وتتزامن عمليات البناء مع توترات أمنية وعسكرية في المنطقة، مع استمرار جماعة أنصار الله (الحوثيون) استهداف السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، في حين ترد الولايات المتحدة الأميركة وبريطانيا بقصف مواقع يمنية.
حرب مفتوحة على مجهول في البحر الأحمر
تأتي هذه التطورات في ضوء تنامي المخاوف من حرب مفتوحة على مجهول في البحر الأحمر والدول المشاطئة، وهو ما يحول دون حدوث استقرار أمني في الشرق الأوسط، لاسما مع تمادي الاحتلال الإسرائيلي في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
صور جرى التقاطها بواسطة أقمار اصطناعية لـ«أسوشيتد برس» تظهر أن العمال كتبوا عبارة «أنا أحب الإمارات العربية المتحدة» بجوار أكوام من التراب، قرب المدرج
وأظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية ما يبدو أنه «مهبط طائرات جديد" يجري تشييده عند مدخل هذا الممر البحري الحيوي، بحسب تحقيق لوكالة «أسوشيتد برس».
ولم تعلن أية دولة عن أعمال بناء تجري هذا الشهر في جزيرة عبد الكوري القاحلة في المحيط الهندي، بالقرب من مصب خليج عدن. لكن صورًا جرى التقاطها بواسطة أقمار اصطناعية لـ«أسوشيتد برس»، تظهر أن العمال كتبوا عبارة «أنا أحب الإمارات العربية المتحدة» بجوار أكوام من التراب، قرب المدرج.
قوات إماراتية في سلسلة جزر سقطرى
وتربط التقارير بين وجود قوات إماراتية في سلسلة جزر سقطرى (جزيرة عبد الكوري جزء منها)، بجانب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، والمناهض لجماعة الحوثي.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس»، الخميس، عن الإمارات، قولها إن «أي وجود لدولة الإمارات في جزيرة سقطرى يستند إلى أسباب إنسانية، ويتم تنفيذه بالتعاون مع الحكومة اليمنية والسلطات المحلية».
وأضافت دون الخوض في تفاصيل: «إن دولة الإمارات تظل ثابتة في التزامها بكافة المساعي الدولية الرامية إلى تسهيل استئناف العملية السياسية اليمنية، وبالتالي تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء الذي ينشده الشعب اليمني». ولم ترد السفارة اليمنية في واشنطن والسعودية، التي تقود تحالفا يقاتل الحوثيين أيضًا على الأسئلة.
منطقة استراتيجية
ويبلغ طول جزيرة عبد الكوري حوالي 35 كيلومترا، وعرضها في أوسع نقطة نحو 5 كيلومترات، وهي أقرب إلى القرن الأفريقي منها إلى اليمن، الذي يشهد حالة حرب منذ سنوات. وعلى طول تلك النقطة الأوسع، يجري بناء مهبط للطائرات.
ووفق التقرير، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية من «بلانيت لابز» التي حللتها «أسوشيتد برس»، شاحنات ومركبات أخرى وهي تقوم بتسوية المدرج يوم 11 مارس، وتحول جزءًا من المعالم الرملية إلى اللون البني الداكن.
وأظهرت صور «بلانيت لابز» للموقع الذي جرى التقاطها أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، مركبات في مواقع مختلفة وأنشطة تجري هناك، منها رصف الموقع، حيث يبلغ طول المدرج الممتد من الشمال إلى الجنوب حوالي 3 كيلومترات. ويمكن لمدرج بهذا الطول أن يستوعب طائرات هجوم ومراقبة ونقل، وحتى بعض أثقل القاذفات.
تشير تحليلات الصور إلى رؤية أعمال البناء مبدئيًا في المنطقة في يناير 2022، مع حفر مدرج أقصر، وفقًا لصور «بلانيت لابز». وظهرت أولى علامات بناء المدرج الأطول من الشمال إلى الجنوب في يوليو 2022، لكن العمل في الموقع توقف لاحقًا.
تزايد النشاط في جزيرة عبد الكوري
ومنذ مارس من هذا العام، تزايد النشاط في جزيرة عبد الكوري، ومن بينها أعمال البناء في الطرف الشمالي من المدرج بالقرب من المياه، وتحرك مركبات ثقيلة في الموقع. ويتوافق هذا النشاط مع تقرير بثته، الأسبوع الماضي، قناة «سكاي نيوز عربية»، نقل عن مسؤول دفاع أميركي لم تسمه، قوله إن أميركا «عززت دفاعاتها الصاروخية في جزيرة سقطرى»، تحسبًا لأي هجوم يشنه الحوثيون على القواعد الأميركية.
من جانبها، صرحت القيادة المركزية للجيش الأميركي لـ«أسوشيتد برس»، بأنها «لا تقوم بأي بناء في عبد الكوري، كما لا يوجد أي وجود عسكري أميركي في أي موقع آخر في اليمن».
كما لم تظهر صور الأقمار الاصطناعية أي بطاريات دفاع جوي يمكن تمييزها على جزيرة عبد الكوري. لكن جرى ترتيب أكوام من التراب في الموقع لكتابة «أنا أحب الإمارات العربية المتحدة» شرق المدرج مباشرة.
وتعد جزيرة سقطرى واحدة من مواقع التراث العالمي لليونسكو، وموطن شجرة دماء التنين النادرة. وتمثل أيضًا ميناء استراتيجيًا منذ فترة طويلة، نظرا لموقعها على طريق تجاري رئيسي بين الشرق والغرب لشحن البضائع والطاقة من آسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.
مطار في جزيرة ميون
ومدرج عبد الكوري ليس أول مهبط طائرات غامض يتم تشييده وسط حرب اليمن. ففي عام 2021، أوردت «أسوشيتد برس» أنه «جرى بناء مطار في جزيرة ميون»، وتعرف أيضًا باسم جزيرة بريم، وتقع في مضيق باب المندب الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر.
بعد ذلك، قال مسؤولون عسكريون في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، التي يدعمها التحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2015، إن «الإمارات تقوم ببناء المدرج».
واعترف التحالف الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين، في وقت لاحق، بوجود «معدات» في الجزيرة، في حين اعترف زعيم جماعة مسلحة وابن شقيق الرئيس اليمني الراحل، علي عبد الله صالح، بأن «قواته المدعومة من الإمارات متمركزة هناك»، حسب «أسوشيتد برس».
وفي العام 2018، أفاد تقرير لوكالة «رويترز» بأن الإمارات الإمارات توسع وجودها العسكري في اليمن، حيث هبطت طائرات نقل عسكرية إماراتية في جزيرة سقطرى، وأنزلت دبابات وقوات في إطار مسعى لمد نفوذه إلى مجرى مائي استراتيجي تحيط به مناطق صراع. وطورت الإمارات قدرات وحدات عسكرية محلية في اليمن وعززت نفوذها على طول ساحل البحر الأحمر لكنها فتحت مجالا للخلاف مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
اقرأ أيضًا:
حل الصراع في باب المندب.. هل يفرضه التنين الصيني؟