من غزة إلى بيروت والدوحة.. كواليس قرارات حماس بشأن الهدنة مع إسرائيل
بعد كل جلسة مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى، تطلب حماس مهلة زمنية من يوم حتى ثلاثة أيام للرد على ما يتم طرحه في المباحثات التي ترعاها مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية.
وفيما يتعلق بالمناقشات، يقول مصدر رفيع المستوى مطلع على تفاصيل التفاوض لوكالة أنباء العالم العربي إن هناك عدة آراء داخل حركة حماس وضمن نقاشاتها الداخلية لكن الجميع يلتزم بالقرار النهائي الذي يتم اتخاذه وفقا لمبدأ «شورى وأغلبية».
وتتخذ القيادة السياسية لحركة حماس من العاصمة القطرية الدوحة مقرا لها، حيث يقيم هناك رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية بالإضافة لعدد من أعضاء المكتب السياسي، بينما توجد قيادة للحركة أيضا في بيروت والتي كان على رأسها صالح العاروري نائب هنية والذي تم اغتياله في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت في يناير كانون الثاني الماضي، بينما يوجد هناك كذلك أعضاء آخرون من المكتب السياسي.
قرار غزة في عهدة يحيى السنوار
أما في قطاع غزة فإن دائرة صنع القرار يتزعمها قائد الحركة هناك يحيى السنوار.
ورغم المواقف الأولية الإيجابية التي يعبر عنها المفاوضون، إلا أن الأمور لا تسير على ذات النحو بعد وصول الردود الرسمية، وأحدث هذه التفاصيل هو ما ناقشه الوسطاء مع الوفد الإسرائيلي الذي توجد في القاهرة في مطلع الأسبوع ليومين للتوصل إلى صيغة جديدة تُطرح على حماس لمحاولة التوصل لوقف إطلاق نار.
تدير حماس اتصالاتها الداخلية بسرية مطلقة تبدأ فور وصول المقترح ليناقشه أعضاء المكتب السياسي الموجودون في قطر ثم يتم تمريره إلى قيادات الحركة في بيروت بطرق اتصال سرية لكنها ليست معقدة كما يجري في غزة، لتصل المعلومات إلى قيادة الحركة في غزة عبر طرق بدائية وسرية لا علاقة للتكنولوجيا الحديثة بها.
بين غزة وبيروت
بعد يومين إلى ثلاثة بحد أقصى، تصل رسائل غزة، وتكون قد وصلت نقاشات بيروت إلى قيادة المكتب السياسي في الدوحة والتي تدير الملف بطريقة مركزية من خلال مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فقط، حيث اتخذت الحركة قرارا يقضي بمنع وجود اتصالات مختلفة وخطوط أخرى غير الجهة الرسمية وهي مكتب هنية.
لكن كل النقاشات المفصلية للحركة تتم بعد وصول الرأي من قيادة حماس داخل قطاع غزة وهو الضلع الذي يحدد طبيعة التفاعل مع مقترحات الوسطاء. يغيب عن أضلع حماس ضلع رابع وهو قيادة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين انقطع الاتصال بهم منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول وما تلاها من عمليات تنكيل وتضييق على الأسرى الفلسطينيين.
ويعتقد المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن حماس تحلت بكثير من المرونة مع مقترحات الوسطاء ووقفت بوجه الضغوط التي مورست عليها بطرق مباشرة وغير مباشرة.
ولا يخفي المسؤول وجود ضغوط وصفها بـ"الثقيلة" على قيادة حماس، لكنه رفض الإفصاح عن نوع الضغوط التي تُمارَس على قيادة الحركة بالخارج.
حماس متمسكة بمطالبها
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية الثلاثاء عن تقدم جديد في المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار.
وزعم تلفزيون «آي 24 نيوز» الإسرائيلي إن تقدما تحقق في المحادثات الجارية الآن في القاهرة مع مرونة تبديها إسرائيل بشأن قضية عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة والموافقة على زيادة الأعداد المقترحة.
ويشير المسؤول إلى أن الطرح الجديد الذي وصل الحركة يتضمن بدائل عن عودة كل النازحين إلى الشمال من خلال تأمين ظروف عيش أفضل في أماكن وجودهم «جنوبا» وتزويدهم بالخيام، ورفع العدد العائد للشمال ليكون عدة آلاف وعلى مراحل مختلفة لكن في مناطق محددة وليست أماكن سكنهم الأصلية.
لكن المسؤول الفلسطيني قال «موقفنا واضح ولن نتخلى عن ثلاثية عقد الهدنة، عودة النازحين للشمال، تعبير صريح عن استكمال المراحل للوصول لوقف إطلاق نار شامل وتبادل أسرى».
كلمة هنية
وتردد صدى ذلك الموقف في كلمة لرئيس المكتب السياسي هنية بمناسبة يوم القدس العالمي في وقت سابق اليوم الأربعاء. وأكد هنية أن حماس متمسكة بمطالبها، وعلى رأسها الوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم وإدخال المساعدات إلى القطاع.
وانتقد هنية موقف إسرائيل خلال المفاوضات الرامية للتوصل لوقف إطلاق النار قائلا إنها "تراوغ وتعاند ولا تستجيب لمطالبنا العادلة من أجل وقف الحرب والعدوان".
وأضاف «نؤكد بوضوح أننا متمسكون بمطالبنا المتمثلة بالوقف الدائم لإطلاق النار والانسحاب الشامل من قطاع غزة، والعودة الكاملة للنازحين إلى أماكن سكناهم وإدخال كل المساعدات اللازمة لأهلنا في غزة، وإعمار القطاع، ورفع الحصار وإبرام صفقة أسرى مشرفة».
ضغوط إسرائيلية
داخل إسرائيل تتعالى أصوات مطالبة بممارسة المزيد من الضغط العسكري على حركة حماس من أجل تسريع عملية الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين بشروط أقل مما تطلبه الحركة.
وكشف هيئة البث الإسرائيلية عن دعوات من وزراء إسرائيليين خلال جلسة لمجلس الحرب لتكثيف الضغط العسكري على حركة حماس.
وينظر الفلسطينيون إلى ما خلفته إسرائيل من دمار في مستشفى الشفاء بقطاع غزة في إطار الإصرار على مواصلة الضغط العسكري والسعي لخلق صورة مروعة تجبر حماس على الإسراع في التقدم نحو الصفقة.
لكن رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات هاني المصري يعتقد أن إسرائيل من خلال ما تركته في الشفاء من قتل وتدمير تريد أن تقدم صورة نصر للإسرائيليين على حساب الجثث الفلسطينية التي تم قتلها بالمئات.
وقال المصري لوكالة أنباء العالم العربي «ما جرى في الشفاء يدل على مدى الوحشية والإبادة الجماعية وروح الانتقام ويدلل على النوايا والأهداف الإسرائيلية إزاء قطاع غزة، فهم يبحثون على النصر ولو على جثة في مستشفى».
وتابع «إسرائيل تتحدث عن اعتقالات وقتل لمسلحين لكن من اعتقلتهم وقتلهم جزء كبير منهم هو من الحكومة في غزة وليسوا من المقاومة المسلحين وكانوا يقومون بمهام مدنية، ومع ذلك تقوم إسرائيل بالإعلان عن انتصار باهر في الشفاء لأنها لا زالت عالقة في قطاع غزة وتبحث عن أي صورة نصر».
ويعتقد المصري أن ما تريده إسرائيل أن لا يكون قطاع غزة قابل للحياة حتى يكون طاردا لأهله.
وكان مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة مروان أبو سعدة قال أمس إن المستشفى خرج من الخدمة إلى الأبد ولا يمكن ترميمه إذ باتت جميع مباني المستشفى آيلة للسقوط، وطالب بإقامة مستشفى ميداني على وجه السرعة.
وأضاف في مؤتمر صحفي مع بعض أفراد الطاقم الطبي للمستشفى «حجم التدمير من الداخل ومن الخارج مهول جدا، والبنايات دمرت بشكل كامل».
اقرأ المزيد:
بريطانيا تدرس إعلان إسرائيل «منتهكة للقانون الدولي»