ما وراء الاستثمارات الفرنسية على الحدود المغربية - الجزائرية؟
لاعب جديد ينخرط في الأزمة التاريخية بين المغرب والجزائر المتمثلة في إقليم الصحراء الغربية المسيطرة عليه جبهة البوليساريو، إذ غضبت جراء اعتزام فرنسا تمويل مشروعات في تلك المناطق في خطوة اعتبرتها الجبهة «استفزازية»، فيما يرى مراقبون أن فرنسا تستغل حالة الخلاف بين الأطراف الثلاثة لحساب مصالحها الشخصية ونهب ثروات تلك المنطقة سواء المعدنية أو النفطية.
وقال بيان لحكومة الصحراء الغربية، إن «نية فرنسا الاستثمار وتمويل مشاريع من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، بالمناطق الصحراوية المحتلة، تمثل دعما صريحا للاحتلال المغربي اللاشرعي لأجزاء من التراب الوطني الصحراوي، وخرقا سافرا للقانون الدولي ولالتزامات فرنسا الدولية»، حسب رويترز.
وأضاف البيان أن «الخطوة الفرنسية تعد تصعيدا خطيرا للموقف الفرنسي العدائي تجاه الشعب الصحراوي وقضيته العادلة».
وتابع البيان: «تدعو حكومة الجمهورية الصحراوية، فرنسا بإلحاح إلى ضرورة احترام الوضع الدولي للصحراء الغربية، وإلى أن تكون مساهما بناء في البحث عن الحل السلمي والعادل والدائم لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وليس داعما لسياسة التوسع المغربي».
النبش في ثروات الصحراء الغربية
ويرى أستاذ العلوم السياسية المصري الدكتور حسن نافعة، أن فرنسا تستغل حالة الاختلال السياسي في منطقة الصحراء الغربية الفاصلة بين الجزائر والمغرب، في محاولة للسيطرة على مقدرات ثرواتها المعدنية والنفطية والغذائية
ويلفت نافعة في تصريح إلى «خليجيون» إلى أن فرنسا تتخذ خطوات مماثلة في مالي حيث عقد صفقات مع القيادات والمسؤولين مقابل نهب ثروات الشعوب.
ويرجع الدبلوماسي المصري سهولة التدخل الفرنسي في تلك المنطقة إلى حالة الانشقاق المستمرة منذ عقود بين الجزائر والمغرب، موضحًا أن الأخيرة تمارس أعمالا استفزازية من شأنها التخطيط للسيطرة على الصحراء الغربية والانتصار على الجزائر في هذه القضية القديمة.
بداية القصة
ومنذ بداية الألفية الجديدة وقع المغرب عدة اتفاقيات منها اثنتان للتنقيب عن النفط مع شركتي «توتال فينا إلف» الفرنسية و«كيرمالك غي كورب» الأميركية في أكتوبر، الأمر الذي قوبل باعتراضات كبيرة خصوصا من طرف جبهة البوليساريو.
و ألجأ ذلك المغرب إلى طلب المشورة القانونية من الأمم المتحدة، فصدرت فتوى عن المستشار القانوني للأمم المتحدة "هانس كوريل" تعطي المغرب الحق القانوني في القيام بعمليات التنقيب عن النفط في الصحراء الغربية، بشرط ألا يستغل المغرب النفط تجاريا دون موافقة السكان المحليين.
وأعلن ناطق باسم مجلس الأمن الدولي آنذاك فتوى المستشار القانوني للأمم المتحدة ليست ملزمة لأي جهة من الجهات، مما يعني أن الجدل سيبقى قائما ما لم يتضح الوضع في الصحراء الغربية بين الطرفين المتنازعين (المغرب وجبهة البوليساريو).
فرنسا تتدخل سياسيا
وكان وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، قد جدد دعم باريس «الواضح والمستمر» لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لحل النزاع، وذلك خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة بالرباط.
وتطرح المملكة المغربية مسألة التفاوض حول خطتها للحكم الذاتي حلا وحيدا للنزاع، بينما تطالب جبهة البوليساريو باستفتاء لتقرير المصير، فيما تحث الأمم المتحدة الطرفين إلى جانب الجزائر وموريتانيا على استئناف المفاوضات المتوقفة، منذ عام 2019، لإيجاد حل سياسي متوافق عليه "دون شروط مسبقة".
وتعد فرنسا والمغرب، حليفين تقليديين لكن علاقاتهما الدبلوماسية شهدت توترات قوية في السنوات الأخيرة تزامنت مع سعي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى التقارب مع الجزائر، في حين قطعت الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2021.
وتضغط الرباط على باريس لكي تتخذ موقفا مماثلا لذلك الذي أعلنته الولايات المتحدة، أواخر العام 2020، حين اعترفت بسيادة المملكة على إقليم الصحراء الغربية، في مقابل تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
ما قصة الصحراء الغربية؟
الصحراء الغربية ممتدة على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر المجاورة على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
اقرأ المزيد
تفاصيل مباحثات حماس مع رئيس المخابرات المصرية
الغلاء يجبر العراقيين على تناول هذه الوجبات
مرتديا «زي الإحرام».. رئيس وزراء باكستان يلتقي محمد بن سلمان