رسائل إيرانية إلى أميركا عبر دولة خليجية.. ما هي خطط «الهجوم الموعود»؟
نقلت إيران رسائل عبر دولة خليحية إلى واشنطن عن طبيعة ردها المنتظر الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في سوريا، قائلة - وفق مصادر إيرانية- إنه سيستهدف تجنب تصعيد كبير وأنها لن تتعجل، وذلك في وقت تضغط فيه إيران لتحقيق مطالب تتضمن إحلال هدنة في غزة. فيما دعت روسيا وألمانيا يوم الخميس دولا في الشرق الأوسط إلى التحلي بضبط النفس
ويقول خبراء في الدبلوماسية الإيرانية إن مثل هذه المطالب الصارمة من طهران تمثل نموذجا للنهج المتشدد الذي تتبعه في المفاوضات. لكن الاتصالات أشارت، على الرغم من هذا، إلى اهتمامها بتفادي صراع كبير.
ويرى جريجوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا، أنه «يتعين على إيران أن ترد لاستعادة الردع والحفاظ على مصداقيتها وسط حلفاء جبهة المقاومة. لكن من ناحية أخرى، قد يؤدي الرد لاستعادة الردع على الأرجح إلى رد فعل إسرائيلي أكبر وأكثر تدميرا، بمساعدة على الأرجح من الولايات المتحدة، لأن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة إسرائيل إذا تعرضت لهجوم»، وفق وكالة رويترز.
رسالة إيرانية إلى أميركا
ونسبت رويترز إلى مصادر أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان نقل رسالة إيران إلى واشنطن أثناء زيارة يوم الأحد لسلطنة عمان التي كثيرا ما توسطت بين طهران وواشنطن.
Eid al-Fitr, #Palestine & punishing the Zionists#EidAlFitr#Gaza#Iran pic.twitter.com/CbyqweB7ky
— Khamenei Media (@Khamenei_m) April 10, 2024
واحجم متحدث باسم البيت الأبيض عن التعليق على أي رسائل من إيران، لكنه قال إن الولايات المتحدة نقلت لإيران أنها لم تشارك في الهجوم على السفارة. ولم يتسن بعد الحصول على تعليق من وزارة الخارجية الإيرانية. ولم ترد الحكومة العمانية بعد على أسئلة أُرسلت عبر البريد الإلكتروني أثناء عطلة عيد الفطر.
وقال مصدر مطلع على معلومات استخباراتية أميركية إن لا علم له بالرسالة المنقولة عبر سلطنة عمان، وذكر أن إيران «كانت واضحة جدا» بأن ردها على الهجوم على مجمع سفارتها في دمشق سيكون «منضبطا» و«غير تصعيدي» ويشمل خططا «باستخدام وكلاء بالمنطقة لشن عدد من الهجمات على إسرائيل».
في توقيت متزامن، قال مصدر مطلع إن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط اتصل بوزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر والعراق ليطلب منهم نقل رسالة إلى إيران تحثها على تقليص التوتر مع إسرائيل. وقال مصدر مطلع إن الولايات المتحدة قد توافق على إحياء المحادثات النووية إذا كان يمكن لذلك أن يحول دون اشتعال الموقف.
وأفاد المصدر الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته «إذا كنا نتحدث عن محادثات وليس (عن) التوصل إلى اتفاق، فيبدو أن الأمر يستحق الثمن إذا كان المردود يقلل من خطر التصعيد الإقليمي الذي قد تنجر إليه الولايات المتحدة».
نهج طهران الحذر
وتشير الرسائل الدبلوماسية إلى نهج حذر تتبعه إيران في وقت تحسب فيه كيفية الرد على هجوم الأول من أبريل نيسان على نحو يردع إسرائيل عن الإقدام على أعمال أخرى كهذه لكن يتفادى تصعيدا عسكريا قد تنجر إليه الولايات المتحدة.
وقال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الأربعاء إن إسرائيل «يتعين أن تُعاقب، وستُعاقب»، وإن ما حدث يعد هجوما على الأراضي الإيرانية. ولم تؤكد إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم، لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) قالت إن إسرائيل مسؤولة.
ويمثل الهجوم الذي أسفر عن مقتل جنرال إيراني كبير تصعيدا كبيرا في أعمال العنف التي انتشرت في المنطقة منذ بدء حرب غزة. وتجنبت طهران بحذر أي دور مباشر في التداعيات الإقليمية، لكنها دعمت الجماعات التي شنت هجمات من العراق واليمن ولبنان. ولم تهاجم الفصائل الحليفة لإيران القوات الأميركية في سوريا والعراق منذ أوائل فبراير. ولم يستبعد أحد المصادر الإيرانية احتمال مهاجمة أعضاء من محور المقاومة المدعوم من إيران إسرائيل في أي لحظة، وهو خيار أشار إليه محللون باعتباره أحد الوسائل المحتملة للرد.
وقالت المصادر إن أمير عبد اللهيان أشار خلال اجتماعاته في عمان إلى استعداد طهران لتقليص التصعيد بشرط تلبية مطالب تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار في غزة، وهو ما استبعدته إسرائيل في سعيها لسحق حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وذكرت المصادر إن إيران تسعى أيضا إلى إحياء محادثات برنامجها النووي المثير للجدل. وتوقفت هذه المحادثات منذ نحو عامين بعد أن تبادل الجانبان اتهامات بتقديم مطالب غير معقولة. وأضافت المصادر أن طهران طلبت أيضا ضمانات بألا تتدخل الولايات المتحدة إذا نفذت إيران «هجوما منضبطا» على إسرائيل، وهو مطلب رفضته الولايات المتحدة في ردها عبر عمان.
وقال المصدر المطلع على معلومات استخباراتية أميركية إن الضربات الانتقامية الإيرانية ستكون «غير تصعيدية» تجاه الولايات المتحدة لأن الإيرانيين «لا يريدون أن تتدخل الولايات المتحدة»، وإن إيران لن توجه الفصائل التابعة لها في سوريا والعراق لاستهداف القوات الأميركية في تلك الدول.
أميركا تؤكد التزامها بأمن إسرائيل
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن أول من أمس الأربعاء إن إيران تهدد بشن «هجوم كبير في إسرائيل»، وإنه أبلغ نتنياهو بأن «لا شك في التزامنا بأمن إسرائيل ضد هذه التهديدات من إيران ووكلائها». في المقابل، قالت إسرائيل إنها سترد على أي هجوم من إيران. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تدوينة على منصة إكس باللغتين الفارسية والعبرية أول من أمس الأربعاء «إذا هاجمت إيران من أراضيها، سترد إسرائيل وتهاجم داخل إيران». وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن سلاح الجو أجرى خلال الأيام القليلة الماضية تدريبا مشتركا مع نظيره القبرصي "يحاكي هجوما على إيران». ونقلت هيئة البث الإسرائيلية يوم الخميس عن إذاعة الجيش قولها إن هذا التدريب يأتي «في إطار الاستعدادات المتواصلة للرد على أي اعتداء إيراني محتمل».
وقالت المصادر الإيرانية إن الولايات المتحدة طلبت من إيران ممارسة ضبط النفس وإفساح مجال للدبلوماسية وحذرت طهران من أنها ستقف إلى جانب إسرائيل في حالة وقوع هجوم مباشر. أضافت المصادر أن إيران تعتقد أن نتنياهو يستهدف استدراج طهران إلى حرب، ولذلك قد يكون ردها محسوبا ويتجنب توجيه ضربات مباشرة إلى إسرائيل، وقد يشارك فيه حلفاء طهران، حسب رويترز.
معضلة إيران
وقال علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية إن معضلة إيران تكمن في «إيجاد طريقة للانتقام بطريقة تحفظ ماء وجهها دون أن تفقد رأسها».
وأضاف «التنبؤ بتصرفات إسرائيل أصعب من التنبؤ بتصرفات الولايات المتحدة. ومن ثم، المخاطر أعلى… من الواضح أن الزعيم الأعلى الإيراني يشعر بالقلق من أنه بدلا من تحقيق التأثير الرادع الذي قد يأمل في تحقيقه، قد لا يؤدي هجوم على إسرائيل إلا إلى إذكاء تصعيد مضاد ربما كان يأمل في تجنبه».
والرسائل الإيرانية إلى أميركا جاءت وسط دعوات دول كبرى بتجنب التصعيد، إذ اتصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بنظيرها الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ودعته إلى التحلي «بأقصى درجات ضبط النفس» لتجنب المزيد من التصعيد.ونصحت وزارة الخارجية الروسية مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى الشرق الأوسط خاصة إسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحفي «من المهم جدا حاليا أن يتحلى الجميع بضبط النفس حتى لا يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار الوضع بشكل كامل في منطقة لا تنعم بالاستقرار ولا يمكن التنبؤ (بما سيحدث فيها)».
اقرأ المزيد:
فايز الدويري يبرهن على صدق تنبؤاته في حرب غزة
8 منظمات فرنسية تطلق إجراءات قضائية عاجلة لوقف مد إسرائيل بالسلاح