وسط توترات إيران.. كواليس المفاوضات بين إسرائيل وحماس
وسط الدعوات إلى تجنب التصعيد في الشرق الأوسط بعدما توعّدت إسرائيل بالردّ على القصف غير المسبوق الذي شنته عليها إيران السبت الماضي، لا يزال الحديث دائرا في الكواليس بشأن المفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة، إذ أكد زاهر جبارين عضو المكتب السياسي لحركة حماس والقائم بأعمال رئيس الحركة في الضفة الغربية، أن الحركة لم تغلق الباب أمام المفاوضات، وتتواصل مع الوسطاء بشكل دائم.
وقال جبارين في حديثه مع وكالة أنباء العالم العربي «خطوطنا مع الوسطاء لا تغلق أبدا، والمقاربات التي نقدمها تتوافق مع رغبة الجميع بمطلب وقف الحرب والذي أصبح مطلبا عالميا ودوليا، ونقل المساعدات الإنسانية لشعبنا وإغاثته وكسر الحصار وبدء الإعمار والتي أصبحت أيضا مطلبا عالميا ودوليا، وصفقة التبادل التي يمكن إنجازها حيث تقدم المقاومة فيها مقاربات معقولة من أجل إنجاز الصفقة».
وأضاف «العدو غارق في أزمته السياسية وحسابات حكومته الداخلية خاصة (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو ولذلك حتى الوفود المفاوضة تأتي وهي خالية الدسم أو ليس لديها القدرة على التفكير المنطقي بما يتناسب مع مقترحات الوسطاء لتجسير الهوات، ولذلك نحن لن ننهي المفاوضات في الوقت الراهن والباب مفتوح للمقاربات التي تخدم مطالبنا ومطالب العالم أجمع بوقف الحرب وحماية شعبنا وإغاثته».
وتابع جبارين «نوجه رسالة أخيرة لعائلات الأسرى، الوقت ينفد لحياة أبنائكم وهذا ليس من باب الحرب النفسية، العبارة التي يستخدمها نتنياهو للتحايل عليكم دائما من أجل الصمت، فلدينا من الدلائل والإثباتات التي تشير إلى تعمد نتنياهو قتل أبنائكم، وتظهر حرصنا على حياتهم، أبناؤكم ومصيرهم عالقين في حسابات نتنياهو الداخلية، ودون أن تنتهي حسابات نتنياهو الداخلية لن يكون هناك صفقة أسرى».
وشدد عضو المكتب السياسي لحماس والقائم بأعمال رئيس الحركة في الضفة الغربية على أن عامل الوقت ليس في صالح المحتجزين الإسرائيليين في ظل العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش والذي قتل العشرات منهم.
رد حماس
وأكد القيادي في حماس أن الحركة سلمت ردها للوسطاء، حيث وافقت على اتفاق الإطار المقترح الذي يشمل ثلاث مراحل، مدة كل مرحلة 42 يومًا، مشيرا إلى أنه «في المرحلة الأولى يتم إنجاز صفقة تخص الأسرى المدنيين ومعهم المجندات وفي المرحلة الثانية يتم إنجاز صفقة تبادل الجنود والعسكريين، وفي المرحلة الثالثة يتم تبادل الجثث وجثامين الشهداء».
وقال «في المرحلة الأولى بالإضافة لتبادل الأسرى يجب أن يكون هناك انسحاب للجيش بمحاذاة السياج الفاصل، والسماح بعودة النازحين لمنازلهم، والبدء بعملية الإغاثة والإيواء وإعادة تأهيل كافة المرافق الطبية والبنية التحتية مثل خطوط الاتصالات والماء وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية». وأضاف «الحركة وافقت على أن يكون مقابل كل أسير مدني 30 أسيرًا فلسطينيًا، ومقابل الأسيرات المجندات 50 أسيرًا بينهم 30 أسيرًا من المؤبدات في المرحلة الأولى ويتم استكمال التفاوض على مفاتيح المرحلة الثانية».
وأكد جبارين أن الحركة وافقت في ردها على أن يكون إعلان وقف إطلاق النار في نهاية المرحلة الثانية، بعد الاتفاق على المفاتيح لتبادل الجنود وقبل تسليم الأسرى من كلا الطرفين يتم الاعلان عن وقف إطلاق النار وكذلك البدء بالإعمار بالمرحلة الثالثة.
وفيما يتعلق بالنقاط الأساسية التي تصر عليها الحركة وترفضها إسرائيل، قال جبارين «ما كشفته الصحافة العبرية عن حال الوفد المفاوض يؤكد مرة أخرى على أن نتنياهو يحاول توظيف المفاوضات للتلاعب بعائلات الأسرى، وما تم كشفه عن حالة الوفد المفاوض قبل توجهه لباريس يؤكد وجهة نظر الحركة أنه لا جدية في المفاوضات».
وأضاف «عندما يتصل نتنياهو مرتين مع رئيس الموساد ومسؤول ملف الأسرى أعضاء وفده المفاوض ليتراجع عن أعداد الأسرى الممكن إطلاق سراحهم ماذا يسمى هذا الأمر؟ مع أن العدو هو الذي كتب الإطار لاتفاق باريس لكنه تراجع عنه مرات عدة، فإذا كان نتنياهو غير متفق مع وفده المفاوض على المفاوضات فكيف سيعقد اتفاق مع المقاومة وحركة حماس».
وتابع جبارين «لذلك المفاوضات لازالت عالقة في حسابات نتنياهو الذي يرفض أن يجيب عن أي من مطالب الاتفاق، والتي بالأساس جزء كبير منها مطالب أقرها المجتمع الدولي مثل وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار أو موضوع الإغاثة، وحق عودة السكان لمنازلهم، والعدو لازال يرفض وقف إطلاق النار ولا في أي مرحلة من مراحل تبادل الأسرى، وهو يريد صفقة أسرى يأخذ فيها أسراه دون أن يكون هناك أي إنهاء للحرب أو الإجابة على الأسئلة التي نتجت عن جريمته في تدمير غزة والإعمار».
ملف النازحين في غزة
وفيما يتعلق بملف النازحين قال جبارين« لم يعد أحد يفهم سبب إصرار نتنياهو على إبقاء النازحين في الجنوب.. .فالحديث عن الخوف من إعادة المقاومة بناء نفسها كذب، فاليوم المقاومة في شمال غزة موجودة، ومعارك الزيتون والشفاء تؤكد ذلك، والجميع بات مقتنعا أن فكرة النزوح كانت من أجل أهداف سياسية وليس عملياتية، وهي التهجير والتزام نتنياهو للصهيونية الدينية بإعادة الاستيطان لغزة، ونتنياهو لا يستطيع التراجع عن موضوع النازحين ويتحدث عنه بسياقات مصيرية أهم من حياة الأسرى لأن ذلك مرتبط ببقائه في الحكم، وتهديد أعضاء التيار الديني القومي الصهيوني بإسقاط الحكومة في حال عودة النازحين لمنازلهم وبيوتهم خير دليل على ذلك، لا أحد حتى اللحظة يستطيع أن يحل هذه المعضلة المرتبطة ببقاء نتنياهو في الحكم».
وردا على سؤال حول موضوع الإعمار وفك الحصار قال جبارين «هذه مطالب دولية حتى يكون هناك استقرار ويستطيع سكان غزة العودة لحياتهم الطبيعية ودون فك الحصار لن يكون هناك إعمار، وفيما يخص صفقة التبادل، نحن أبدينا مرونة كافية في موضوع مفاتيح الأسرى بحيث يكون هناك مفاتيح لصفقة تبادل الأسرى، ونحن لم نذهب لمفاتيح مشابهة لما حصل في صفقة شاليط 1000 أسير مقابل جندي واحد، وقدمت الحركة إطلاق سراح الأسرى ضمن مقاربة واقعية من حيث الأعداد لكن العدو يرفض هذه المقاربة وذلك لخوف نتنياهو من عرض الصفقة على الكابينيت وسقوط حكومته".
وأشار جبارين إلى أن المفاوضات كشفت جميع الأجندة الخفية التي اتفق نتنياهو فيها مع التيار الديني القومي على تنفيذها في غزة، ولا يوجد لها أي ارتباط بسياقات المعركة، وفي غالبها أيديولوجية مثل التراجع عن خطأ انسحاب 2005 وهذه ضمن وجهة نظر تيار الصهيونية الدينية والذي حاول قطاعات من الجيش تابعة له إقامة مستوطنات في غزة ولو بشكل استعراضي في محاولة منه لفرض أمر واقع، أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم. ومحاولة إبقاء محور نتساريم وتحويله لمعسكر جيش في محاولة لاستدامة الاحتلال في غزة.
مدة زمنية لوقف إطلاق النار
وحول مطلب وقف إطلاق النار وإذا ما كان هذا الشرط يتحدث عن مدة زمنية محددة، أكد جبارين أن الحركة وافقت على تجزئة صفقة التبادل إلى 3 مراحل بحيث يكون إعلان وقف إطلاق النار الدائم كجزء من اتفاق الإطار في أحد مراحلها.
وقال «استجابة لجهود الوسطاء وافقت الحركة على أن يكون إعلان وقف إطلاق النار كجزء من المرحلة الثانية لأنها ستشمل إنهاء ملف تبادل الأسرى الأحياء، وأكثر من ذلك الحركة قبلت أن يكون وقف إطلاق النار بعد الاتفاق على مفاتيح الصفقة الثانية وبدء عملية التبادل، العدو يدعي أمام الوسطاء والولايات المتحدة الأميركية أن استمرار الحرب هي من أجل إعادة الأسرى، فلماذا يرفض وقف إعلان وقف إطلاق النار عندما نبدأ بتنفيذ المرحلة الثانية والتي تعني عودة جميع الأسرى الأحياء، سؤال لم يستطع أن يجيب عنه الوفد المفاوض الصهيوني لأن ذلك مرتبط بعقل نتنياهو وأجندته".
وفيما يتعلق بما تحدثت عنه بعض التقارير بشأن تفتيش العائدين للشمال من قبل قوات مصرية وليس إسرائيلية، قال جبارين« غزة أرض فلسطينية وحرية الحركة للفلسطينيين فيها أصل وحق تكفله القوانين الدولية والإنسانية، ونحن لا نقبل لأي عربي أن يكون شريكا في مخططات الاحتلال، ولن نقبل بأن يقيد أحد حركة أبناء شعبنا في عودتهم لبيوتهم".
وأضاف «كما أن مفهوم العودة لن يكون بالضربة القاضية العودة لمرة واحدة، الناس بحاجة للعودة وتفقد بيوتها، وبحاجة لنقل مقتنياتها من الجنوب للشمال، بعض العائلات ستنقل خيمها فوق ركام المنازل، والبعض الأخر يحتاج لنقل بعض الأدوات التي تساعده على البقاء، لذلك فكرة العبور لمرة واحدة والتحكم في حركة الناس خلال فترة الهدنة سيخلق مصاعب، وغير واقعية، نتنياهو هو من صنع من ملف النازحين أزمة لتعطيل المفاوضات فقط».
قضية الأسرى
وحول مطالبة الاحتلال بأن يكون له حق الرفض لإطلاق سراح بعض الأسرى داخل سجونه والذين تطالب الحركة بهم في أي صفقة قادمة تابع جبارين«لا أحد يبدأ المفاوضات بالاشتراطات، ومن يبدأ بالاشتراطات يعني أنه لا يريد التفاوض، الجميع متفق على أن مفاتيح التبادل ستظل محل تفاوض لكل مرحلة مستندة لعدة اعتبارات، ومن ضمنها صفقات التبادل التي عقدها العدو عبر تاريخه. ومحاولة وضع الاشتراطات أولا أصبحت مكشوفة وهي من أجل وضع العصي في الدواليب وهدفها تحميل المقاومة فشل المفاوضات، ليقدم العدو ما هو الثمن الذي يمكنه دفعه ومن ثم نتفاوض، إذا كان قابلا للنقاش».
وأضاف «تسهيلا لعملية المفاوضات فإن الوسطاء قدموا مقترحات المرحلة الأولى على أن تشمل المدنيين والنساء من الجنود، والحركة قبلت بذلك وفي إطار التبادل قدمت الحركة معايير وردودا مقبولة مثل أن تكون الصفقة ضمن الفئات. فيما يخص الأسيرات المجندات فإن الحركة قبلت التعامل معهم ضمن ظروف ومفاهيم استثنائية كونهم نساء، وعلى العدو الذي يملأ الدنيا صراخا من أجل أسراه أن يقرر هل يريد استعادة أسراه أو لا يريد، والجميع بانتظار قراره».
وأضاف جبارين «حتى اللحظة العدو قتل 70 من أسراه، وهناك مصير البعض أصبح مجهولا ويحتاج لجهود من أجل الوصول لهم، الوقت الذي تطالب به المقاومة هي من أجل إعادة تجميع الملف والبحث عن مصير جميع الأسرى، قد نكون الآن أمام فرصة لمعرفة مصير جميع الأسرى إذا قرر نتنياهو ذلك، لكن إذا قرر مواصلة الحرب فإن هذه الفرصة ستتضاءل بشكل كبير، وقد يحتاج العدو لعشرات السنوات للوصول لمصير أسراه وقد ينتهي المطاف ببعضهم مثل مصير الطيار رون آراد فالأخطاء التي ارتكبها الجيش هي التي أدت لمصير مجهول للطيار رون آراد حتى رفاته لم يستطع العدو الوصول لها».
وشدد جبارين على أن العملية البرية التي يهدد نتنياهو بالقيام بها ستكون جريمة تضاف لسجل جرائم العدو، كونه سيقوم بتحريك مليون ونصف لاجئ بالنار من أجل دفعهم نحو النزوح، وهنا ستكون مجازر كبرى وهناك آلاف الشهداء.
وتابع "الولايات المتحدة ستكون شريكا كاملا في مجزرة رفح، لأنها عطلت قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، وأعلنت أن قرار مجلس الأمن الأخير غير ملزم وهذا أعطى العدو مزيدا من الحرية في استمرار جرائمه وقتله".
وأضاف جبارين«ملف أسرى العدو لن يكون بعيدا عن تداعيات المذبحة التي سيقوم بها العدو في رفح، وكل الخيارات في هذا الملف مفتوحة، فنتنياهو يحاول تعطيل المفاوضات بشكل مباشر عبر التهديد بالحرب الإقليمية أو عبر تنفيذه عمليات الاغتيال والتي كان أخرها اغتيال أبناء (إسماعيل هنية) أبو العبد، والوسطاء ومعهم المنظومة الدولية تقرأ سلوك نتنياهو المعطل، حتى لو عبر المجازر والقتل واستدامة الحرب".
ومضى يقول «نحن نقول أن تداعيات عملية رفح السياسية والإنسانية ستكون أكبر من ملف الأسرى والتبادل، وسيتحول ملف الأسرى لقضية هامشية وثانوية، كون العدو سيعلن الاحتلال الكامل لقطاع غزة والتداعيات السياسية لذلك على اتفاق الحرب مع الولايات المتحدة وعلى العلاقة مع مصر وعلى مجمل المنظومة الرسمية العربية ستكون كبيرة، وأظن أن عائلات الأسرى تدرك أن يتحول مصير أبنائهم مجهولا وقد يكون بعضهم دخل في خانة المجهول، فإذا أراد العدو أن يعرف مصير أسراه ويأخذ من تبقى منهم أحياء أن يكون جادا في المفاوضات ويبتعد عن ألاعيب نتنياهو وحساباته السياسية التي تعطل المفاوضات».
وتابع «قرارنا فيما يخص عملية رفح المقاومة، وإعلان احتلال قطاع غزة سيكون عبئا على العدو الذي سيضطر معه لتحمل التبعات الإنسانية عن حياة السكان، بالإضافة للتبعات الدولية في موضوع الإغاثة وحماية المدنيين». وأضاف جبارين «فيما يتعلق بالصعيد الإنساني في حال تم اجتياح رفح، فسنكون أمام مشهد دموي لا يقل عن المشاهد الدموية التي قام بعد العدو في الحرب الحالية، لكن العدو لن يفلح في كسر إرادة شعبنا ومقاومته وعليه تحمل النتائج».
اقرأ المزيد:
مخاوف الطلب على النفط تهيمن في الشرق الأوسط