شاهد: حارة نجيب محفوظ في أبوظبي
يجذب جناح يعكس ملامح الحارة المصرية القديمة ويحمل اسم «حارة نجيب محفوظ» اهتمام رواد الدورة الثالثة والثلاثين لمعرض أبوظبي للكتاب، التي تختتم فعالياتها في الخامس من مايو الجاري.
تحل مصر ضيف شرف لهذه الدورة، التي انطلقت في 29 أبريل الماضي، كأول دولة عربية يتم اختيارها وفق هذا التقليد بعد دول عديدة من آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، كما جرى اختيار الروائي المصري الراحل الحائز على جائزة نوبل ضيف شرف لهذه الدورة.
وقال هيثم الحاج علي، أستاذ الأدب المعاصر بجامعة حلوان وأحد من تولوا إعداد وتجهيز جناح حارة نجيب محفوظ، «أردنا خلق معادل بصري يجذب الشباب ويقرب إليهم عالم محفوظ، ورأينا أن الحارة هي أفضل تمثيل لهذا العالم، فمن خلالها انطلق لتجسيد الصراع البشري وتناول الأسئلة الكبرى».
شغل الحاج علي لعدة سنوات موقع رئيس الهيئة العامة للكتاب المنظمة لمعرض القاهرة للكتاب، وجرى تكليفه بالمشاركة في إعداد وتجهيز برنامج الندوات المصاحب لخطة معرض أبوظبي للكتاب في الاحتفال بمحفوظ.
واستقبل معرض أبوظبي في دورة هذا العام 1350 ناشرا من 90 دولة، منهم 140 دارا تشارك للمرة الأولى، بالإضافة إلى أكثر من 375 عارضا محليا، كما يشهد أكثر من 2000 فعالية تشمل مختلف الحقول الثقافية والمعرفية.
حارة الحرافيش
شدت حارة محفوظ انتباه المئات من زوار المعرض على اختلاف أعمارهم، حيث يتجمع رواد المعرض أمام الديكور المجسد للحارة بغرض التقاط الصور التذكارية ونشر لقطات لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقول عائشة الفحام (13 عاما)، وهي طالبة بإحدى مدارس اللغات «جئت مع طالبات المدرسة خصيصا لزيارة الحارة بعد أن شاهدت بعض المقاطع التي تم بثها لأجزاء منها عبر إنستغرام وتيك توك».
وأضافت «أعرف القليل عن نجيب محفوظ بفضل مهرجان تحدي القراءة، لكني لم أقرأ له أبدا». وأشارت إلى أن بعض كتبه موجودة بين كتب والدها، وهو سوري من حلب يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات.
ويشير الحاج علي إلى أن فريق معرض أبوظبي للكتاب ابتكر فكرة الحارة وطورها، وقال «يماثل الديكور في إبرازه للمشربيات عمارة البيوت الفاطمية والمملوكية، لكن من حيث الارتفاع يماثل البيوت الخليجية القديمة، وذلك لخلق مساحة من التواصل والتقاطع بين المفردات المعمارية في البيئتين».
وفي وقت سابق، أكد رئيس مركز أبوظبي للغة العربية علي بن تميم في بيان حرص المركز على الاحتفاء بالرموز الثقافية المؤثرة على مستوى العالم العربي، والتي حفرت في وجدان المجتمع وذاكرته الكثير من الملامح المهمة وقادت إلى تشكيل وعي جيل بأكمله، فضلا عن دورها في تعزيز مكانة اللغة العربية، معتبرا أن محفوظ يتربع على رأس قائمة هؤلاء.
ينظم المعرض حوالي 13 جلسة ما بين جلسات حوارية وطاولة مستديرة حول عوالم محفوظ وأدبه، تبحث في أعماله التي كانت مرآة للتاريخ والمجتمع.
ويوضح الحاج علي، المكلف بالإشراف على البرنامج الثقافي للاحتفال بمحفوظ داخل معرض أبوظبي للكتاب، أن تجسيد حارة محفوظ داخل المعرض جسّد مفارقة مهمة، حيث أن المبنى من الخارج يمثل النموذج التراثي في حين يبدو أقرب في الداخل إلى فن التجهيز المعاصر من حيث المزج بين وسائط بصرية وسمعية متعددة تستعمل كلها لتقريب عالم الروائي المصري الراحل لزوار المعرض من العرب والأجانب على اختلاف أعمارهم.
نقطة مركزية
لاحظ الحاج علي أن الآلاف من رواد المعرض، لا سيما الشباب، يحرصون على التقاط الصور التذكارية وبث مقاطع الفيديو للاحتفاظ بها كذكرى لهم.
واختتم حديثه قائلا «تساهم الصور ومقاطع الفيديو في تقريب عالم محفوظ وإعادة إنتاج عالمه في وسائط جديدة، ومثل كافة المؤلفين الكلاسيكيين هناك حاجة متواصلة لاكتشافه والعودة إليه».
ويرى خيري دومة أستاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة أن فكرة ديكور الحارة تبدو تقليدية أمام الكثيرين، لكنها أدت غرضها في لفت انتباه رواد المعرض إلى الحضور الرمزي لمحفوظ بحيث أصبحت هي النقطة المركزية التي يعود لها رواد المعرض.
بدوره، يقول الصحفي زين العابدين خيري الذي شارك في إعداد المحتوى لديكور الحارة «الفكرة الرئيسية هي جذب الشباب للتعرف على محفوظ، وحين بحثنا في المؤلفات النقدية حوله وجدنا أن الحارة لها قيمة رمزية كاشفة لعالمه».
يتضمن البرنامج الثقافي حول محفوظ جلسات نوعية، مثل «أحفاد نجيب» و«الأثر» و«محفوظ في عيون العالم» و«حرافيش نجيب محفوظ».
ثلاث غرف في حارة نجيب محفوظ
ويكشف خيري عن أن جناح حارة محفوظ يضم ثلاث غرف بمحتويات مختلفة، قائلا «عند ابتكار مفهوم للمحتوى، قمنا باستغلال دلالة الثلاثية في إنتاجه الأدبي الأشهر وأصبح لدينا ثلاثية الأدب التي تضم رواياته «بين القصرين» و«قصر الشوق» و«السكرية».
وتابع «كما توجد ثلاثية تمثل انتقاله من الرواية التاريخية ثم الواقعية وصولا إلى روايات المرحلة الفلسفية ثم الثلاثية الأخيرة التي تضم خلاصته الإنسانية وتشمل أعمال مثل «أصداء السيرة الذاتية»، «أحلام فترة النقاهة»، وأخيرا «الأحلام الأخيرة».
ويشير الصحفي إلى أن الجناح تتصدره أشهر المقولات الشائعة من رواياته، والتي تستعمل بكثرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها «آفة حارتنا النسيان».
كما يعرض جناح محفوظ مجموعة من الصور النادرة لكواليس الأعمال السينمائية المأخوذة عن أعماله من أرشيف المصور محمود بكر، بالإضافة إلى ذلك يقوم الفنان أحمد نوفل خلال أيام المعرض بالعمل على تنفيذ حائط غرافيتي يمثل الروايات التاريخية لمحفوظ.
وتنتهي الحارة بجزء يحاكي مقهى الفيشاوي الشهير في حي خان الخليلي بالقاهرة، والذي كان من بين المقاهي المفضلة لدى محفوظ.
اقرأ المزيد:
«السينما العربية» ينظم 5 فعاليات كبرى في مهرجان كان
مالكوم يشعل غضب سعوديين بـ«بحركة مشينة»
خاص| ما أبعاد الضغوط الغربية «متعددة الجبهات» على دول الخليج؟