«أبعد من المٌسيرات».. كواليس الحرب «الصامتة» بين إسرائيل وإيران
في حين يبدو خطر التصعيد العسكري مستبعدا في الوقت الراهن، تدور حرب «صامتة» بين إسرائيل وإيران في الفضاء السيبراني حيث يسعى كيان الاحتلال إلى إحباط الهجمات الإيرانية.
بين الدولتين العدوّتين «حرب صامتة بعيدة عن الأنظار»، على حدّ قول أفيرام أتزابا المسؤول عن التعاون الدولي في المديرية الوطنية الإسرائيلية للأمن السيبراني.
وتُعنى هذه الهيئة الواقعة في حيّ راقٍ في شمال تل أبيب والخاضعة لسلطة رئيس الوزراء، بالدفاع عن أنظمة المعلوماتية في القطاع المدني التابع للاحتلال الإسرائيلي، بحسب أتزابا.
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي، لوحظ ارتفاع شديد في الهجمات المتأتية من إيران ومن حلفائها في المنطقة بحسب ما قال أفيرام أتزابا في تصريحات لوكالة فرانس برس، خصوصا حزب الله اللبناني وحماس. وزعم «"يحاولون قرصنة كلّ ما في وسعهم قرصنته، من دون أن يتمكنوا من إلحاق أضرار فعلا».
وكشف المسؤول عن تلقي 800 هجوم واسع منذ السابع من أكتوبر. واستهدفت تلك الهجمات، في جملة أهدافها، منظمات حكومية والجيش الإسرائيلي ومنشآت مدنية. وتعرّضت الأنظمة المعلوماتية في مستشفيين إسرائيليين في حيفا وصفد في الشمال للقرصنة وعُممّت بيانات شخصية لمرضى.
استثمارات إيران في المجال «السيبراني»
أتت استثمارات إيران في المجال «السيبراني» متأخّرة نسبيا ومدفوعة بحدثين رئيسيين، بحسب ما أوضح البروفسور تشاك فرايليش الباحث في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي في دراسته التي صدرت في فبراير تحت عنوان «التهديد السيبراني الإيراني».
فخلال الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية سنة 2009 في إيران، تحوّلت شبكة الإنترنت إلى وسيلة لحشد الصفوف وتعظيم الأثر. وقمعت السلطات هذه الحركة الاحتجاجية بالرصاص الحيّ في الشارع وقطعت أيضا النفاذ إلى شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع التي ساهمت في اتّساع رقعة التظاهرات.
وفي سبتمبر 2010، تعرّض البرنامج النووي الإيراني لهجوم سيبراني متطوّر جدّا بواسطة فيروس «Stuxnet» نسبته طهران إلى إسرائيل والولايات المتحدة، ما تسبب بسلسلة من الأعطال في أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. ومذاك، طوّرت إيران استراتيجية سيبرانية فعلية وصقلت مهاراتها في هذا المجال، «فباتت من أكثر الدول نشاطا في هذا الميدان»، على ما قال البروفسور فرايليش لوكالة فرانس برس.
وهو اعتبر أن «هجماتها تهدف إلى تقويض منشآت وتدميرها، فضلا عن جمع بيانات للاستخبارات وتداول معلومات خاطئة لأغراض دعائية» غير أن إسرائيل تواجه «عدوّا مرهوب الجانب» سيواصل تعزيز قدراته، خصوصا بفضل الدعم الروسي والصيني، بحسب فرايليش.
قبة سيرانية ضد إيران
ولفت الباحث إلى أن سكّان إيران هم أكثر عددا بتسع مرّات من سكّان إسرائيل وتسعى طهران إلى أن يتخصّص المزيد من الطلاب في التكنولوجيا السيبرانية وأن يتدرّب عدد أكبر من العسكريين الشباب على استراتيجيات الحرب السيبرانية، الأمر الذي يشكّل «مصدر قلق للمستقبل».
غير أن أفيرام أتزابا رأى من جانبه أن النوعية أهمّ من الكمّية بالنسبة إلى قراصنة المعلوماتية، فضلا عن سبل استخدام التكنولوجيا. وقال «نطوّر منذ سنتين قبّة سيبرانية للتصدّي للهجمات المعلوماتية تعمل مثل القبّة الحديد في وجه الصواريخ»، مستعرضا نظاما دفاعيا «استباقيا» قادرا على جمع معلومات مشتّتة لإعطاء لمحة عامة عن التهديد ومواجهته بطريقة منسّقة وشاملة.
وكشف أتزابا أن «أجهزة مسح ضوئي تحلّل على مدار الساعة المجال السيبراني الإسرائيلي لرصد مكامن الهشاشة وإبلاغ الجهات الفاعلة في الدفاع السيبراني بسبل الحدّ منها باستمرار». وأشار إلى أن «بعض وظائف القبّة السيبرانية هي قيد التشغيل». وأكّد أتزابا «لا بدّ من إقامة شبكة لمواجهة شبكة أخرى».
اقرأ المزيد:
هل يتجه السودان الي سيناريو التقسيم؟
مفاجأة خليجية في مؤشر «حرية الصحافة» العالمي.. تعرف على ترتيب دول «التعاون»