«خسائر فادحة».. كيف يواجه الموريتانيون أزمة انقطاع الكهرباء؟
لا يُخفي الموريتانيّ ببكر غضبه من الانقطاعات المتكرّرة للكهرباء، التي كبّدته خسائر فادحة بينها تلف أجهزة التبريد في متجره بالعاصمة نواكشوط.
يقول ببكر «الانقطاعات الكهربائية أصبحت جزءا من حياتنا اليوميّة، وهذا غير مقبول. نحن بحاجة إلى حلول فوريّة لهذه المشكلة، ونطالب السلطات المعنيّة باتّخاذ إجراءات عاجلة لتحسين بنية الكهرباء وتوفيرها بشكلٍ مستمرّ».
وتشهد نواكشوط انقطاعات متكرّرة للتيّار أثارت استياء واسعا بين المواطنين وأصحاب الأعمال، خصوصا بعد أن تزايدت هذه الانقطاعات بشكل ملحوظ مع ارتفاع درجات الحرارة في الآونة الأخيرة وجعلت الوضع أكثر تعقيدا، في ظل تعطّل خدمات أساسيّة تعتمد على الطاقة الكهربائية.
عبد الله دداه، وهو من سكّان حيّ الترحيل في العاصمة الموريتانية، قال في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (إنّ الكهرباء تنقطع عن هذا الحيّ لساعات طويلة، حتى في أثناء الليل. ويعتبر دداه أنّ انقطاع الكهرباء ليلا على وجه الخصوص «يشكّل تهديدا كبيرا على سلامة السكّان وأمنهم، إذ تجد العصابات الفرصة سانحة للقيام بأعمال السطو والتسلل إلى المنازل بسهولة بسبب الظلام الكامل الناتج عن انقطاع الإنارة» فضلا عن صعوبة النوم دون تشغيل مكيّفات الهواء في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
حلول بديلة في موريتانيا
ومع استمرار هذه الانقطاعات، اتجه السكان إلى البحث عن حلول بديلة، حيث فضّل البعض شراء مولّدات كهربائية، بينما رأى آخرون أن الطاقة الشمسيّة من الممكن أن تكون بديلا ملائما في فصل الصيف. الموريتانية فاطمة كانت قد قررت شراء منظومة طاقة شمسية قبل نحو عامين بناء على نصائح صديقاتها، كحل لمشكلة انقطاع الكهرباء التي كانت تواجهها، ومنذ ذلك الحين، تمكنت من تجاوز مشاكل انقطاع التيّار والاستمتاع بتوفر الكهرباء بشكل مستمّر في منزلها، بحسب وصفها.
وأكدت فاطمة في حوار أجرته معها وكالة أنباء العالم العربي أنّها وجدت في الطاقة الشمسية «حلا فعّالا« لمشكلة انقطاع الكهرباء، قائلة «قمت بتركيب ألواح الطاقة الشمسية في منزلي، وأصبحت الآن قادرة على تشغيل الأجهزة الكهربائية بشكل طبيعي، حتى عند انقطاع التيّار».
أمّا الأحياء الراقية في نواكشوط، فيقبل ساكنوها أكثر شراء على مولّدات الكهرباء الخاصة التي تنتشر في منازل الأثرياء. ويرى الموريتانيّ سيدي الخير أن اقتناء مولد كهربائي كان قرارا ضروريا بالنسبة له ولأسرته.
وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي «يُسهم المولّد في ضمان استمراريّة تشغيل الأجهزة الضرورية في المنزل، ويخفّف من حدة الإزعاج الناجم عن انقطاع التيار. بالنّظر إلى الظروف الراهنة، فإن الاعتماد على مولّد الكهرباء يُعدّ حلّا عمليّا وضروريّا لضمان الراحة والاستقرار لي ولعائلتي في فصل الصيف».
لا مفرّ من الانقطاع
ويُعزى انقطاع الكهرباء في نواكشوط بشكل متكرر إلى ارتفاع الطلب وضعف البنية التحتيّة، في ظل عدم إجراء أعمال الصيانة بشكل دوري لمحطات التوليد.وتقول الشركة الموريتانية للكهرباء إنه لا مفرّ من إجراء الصيانة الدورية للمحطّات وخطوط النقل والتوزيع، والتي إذا لم تُنفّذ في الوقت المطلوب فإن «الانقطاعات ستكون أكثر وأطول فترات، وقد يؤدي الأمر إلى أعطال بالغة في الآليات». وبحسب الشركة، فإن أعمال الصيانة تلك تتطلب بالضرورة قطع التيّار مؤقّتا.
وسبق أن دشن الرئيس الموريتانيّ محمد ولد الشيخ الغزواني في عام 2022 مشروع توسعة وتقوية الشبكات الكهربائية في نواكشوط، والذي من المنتظر أن يمكّن الأحياء النائية في العاصمة من الحصول على الكهرباء عبر توفير 12 ألف توصيلة منزلية وتقوية جهد الشبكة في المناطق التي تعاني من انخفاض التيار، فضلا عن تحسين جودة الخدمة.
أيضا، كانت الحكومة قد صادقت على إدخال إصلاحات على الشركة الموريتانية للكهرباء عبر تقسيمها إلى أربع شركات ضمن رؤية للفصل بين وظائف الإنتاج والنقل من جهة، والتوزيع والتسويق من جهة أخرى، فضلا عن محور خاص بكهرباء الريف.
وتأتي إعادة هيكلة الشركة في إطار استراتيجيّة تقول الحكومة إنها تهدف إلى تطوير القطاع وإيصال الكهرباء إلى جميع المواطنين بحلول عام 2030. وبحسب الحكومة، فإنّ نسبة الحصول على خدمات الكهرباء في موريتانيا ارتفعت من نحو 42% في عام 2019 إلى 56% في العام الماضي.
اقرأ المزيد:
الأردن على مؤشّر حريّة الصحافة: طفرة.. تراوح مكانها