سودانيون يحافظون على ثفافتهم داخل بيروت
يحاول العديد من السودانيين الحفاظ على هويته وثقافتهم في بلاد المهجر بعد الحرب الأهلية التي اندلعت منذ عام والتي لا زالت مستمرة حتى الساعة.
وتسلط السودانية وعد سمامه المقيمة المقيمة في بيروت الضوء على «مشروع صناعة العطور والبخور الذي تديره ووالدتُها، حيث جميع المواد المستخدمة في الإنتاج كانت تأتيها من السودان حتى وقت ليس ببعيد».
لكنّ بعد الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوّات الدعم السريع في منتصف إبريل من العام الماضي، أصبح من الصعب الحصول على تلك المواد من السودان، فاتّجهت وعد ووالدتُها إلى جلبها من المملكة العربيّة السعوديّة.
وقالت وعد في حديث لوكالة أنباء العالم العربي «عائلتي سودانيّة، لكنّي من مواليد لبنان، وكون أهلي متمسّكين بالهويّة السودانيّة، فهو ما يخلق لديّ شعور بالانتماء لبلدي، حتى ما نصنعه من مواد عطريّة يُعتبر تراثا سودانيّا.. .هناك إقبالٌ من اللبنانيين على شراء العطور السودانيّة».
بوادر الحسن
أما الفنانة السودانية بوادر الحسن، مؤسِّسة (استوديو بوادر الفني)، عملت بدورها مع مجموعة من الفنانين على تقديم منتجات يدويّة بطريقة حديثة تستخدم فيها عطورا سودانيّة وخشب الصندل وحبوب القهوة، وذلك بهدف التعريف بالفنّ السودانيّ ودعم الفنانين الذين يعانون في الظروف الحالية ببلادهم.
بوادر الحسن، التي جاءت من الإمارات إلى لبنان، قالت، «من الفنانين من خسروا الاستوديوهات الخاصة بهم نتيجة للحرب، ولم يبق لديهم سوى الصور، تواصلنا معهم وحصلنا عليها وأعدنا طباعتها على حقائب يدويّة وبيعها. مجرّد الدعم النفسي والمادي هو مهم بالنسبة للموجودين في السودان».
الفنانّة السودانيّة المُقيمة في الإمارات منذ عام 2015، أوضحت أنّها كانت تُسافر إلى السودان سنويّا، لكنها لم تتمكّن من فعل ذلك خلال العام الأخير بسبب الحرب التي ما زالت دائرة في بلدها.
وجود قبل الحرب
وحسب سارة إدريس، القائمة بأعمال السفارة السودانيّة في لبنان، فإنّ عدد السودانيّين في لبنان يقدّر بنحو خمسة آلاف شخص، معظمهم وصلوا إلى البلاد في بداية تسعينيّات القرن الماضي قادمين من العراق، فضلا عن بعض الشباب الذين جاءوا في السنوات الأخيرة.
وأشارت إلى أنّ الأزمة الاقتصادية في لبنان أثّرت على حياة العائلات السودانيّة، حيث أدّت إلى انخفاض قيَم الرواتب التي يحصلون عليها، كونهم يعملون في أشغال بسيطة، بينما الكثيرون منهم فضّلوا السفر لإرسال ما يكفي من المال إلى أسرهم.
وقالت «قبل الحرب، كنّا نشجّع عودة السودانيّين إلى بلادهم، وبالتعاون مع الأمن العام اللبنانيّ، عاد حوالي أكثر من ألف سوداني، لكن بعد اندلاع الحرب، توقّفت العملية».
ويشكو بعض السودانيين من ممارسات يصفونها بأنها «عنصريّة» تُمارس بحقهم في لبنان، ولذلك، تؤكد سارة إدريس أهميّة الربط بين اللبنانيين والسودانيين من خلال الفعاليات الثقافيّة.
وأضاف «نحن نحتفي باللبنانيين الذين كان يعيشون في السودان، ولدينا عائلات زوّجوا أبنائهم من لبنانيين والعكس صحيح، ومنهم من عاشوا واستثمروا في السودان».
ممارسات عنصريّة
على الرغم من فشله مرتين في اجتياز البحر والهروب من البلاد، يُبدي الناشط السوداني عبد الباقي عثمان، المشرف على (تجمّع اللاجئين الأفارقة في لبنان)، استعداده لمحاولة السفر عبر الشواطئ اللبنانيّة مجدّدا، نتيجة ما قال إنها "ضغوط عنصريّة واقتصاديّة" يتعرّض لها.
وتابع«سجّلنا ممارسات عنصريّة وتنمّرا واستغلالا في العمل، فهناك تنميط للشخصيّة السودانيّة بأنّه (السوداني) دون أفق بالتفكير وغير مسالم، إلى حدّ وصفه بالغباء وبأنه غير صالح للعمل».
أما عبد الباقي، الذي يقيم في لبنان منذ نحو ست سنوات، يشير أيضا إلى ما قال إنها «حالات استغلال جنسي داخل المنظمات تجاه السودانيين والأفارقة، وقال نتعرّض للتهديد في حال الحديث عنها، فلا يمكننا اتخاذ إجراء قانوني لرفع دعوى ضدهم.. .هذه المؤسسات بحال رفع شكوى ضدها، تهددنا بوضعنا الأمني وتلفّق لنا التهم».
أضاف «في لبنان، هناك أشخاص وجمعيّات تساندنا وتدعم حقوقنا كبشر.. .لكن هناك مسؤولين في مراكز تدّعي بأنها تدعم المهاجرين، إلا أنهم مشبعون بالممارسات العنصريّة، فالعمل الإنساني بالنسبة لهم أصبح تجارة وتمويلا».
وتابع «رصدنا انتهاكات بحق سودانيّات من قبل منظمات، حيث تُستغلّ (النسوة) وتُجبرن على أن تكنّ مثليّات.. .هم يفرضون عليهنّ سلوكا مخالفا تماما لثقافتهنّ الدينية والمجتمعية».
العودة صعبة
وعلى الرغم من الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها السودانيّون في لبنان، فإن الكثير منهم لا يُفكّرون في العودة إلى بلدهم في الوقت الراهن، لأن الوضع هناك ليس بأفضل حالا.
يشير عثمان إلى أنّه وأسرا سوادنيّة أخرى يرتّبون أمورهم للسفر عبر البحر إذا اتّسعت رقعة الصراع بين جماعة حزب الله اللبنانية والقوّات الإسرائيليّة، وقال «في السابق، خسرت أموالي وكان من الممكن أن أموت، لكن لن أتردّد من المحاولة مجددا نتيجة للواقع المُزري الذي نعيشه».
أمّا السودانيّ إدريس حسن أحمد، الذي يعمل مهندسا زراعيّا، فقد انتقل إلى لبنان قبل ثلاثة أشهر فقط، قادما من ولاية الجزيرة السودانيّة بعد الهجوم العسكريّ الذي شنتّه قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني.
اقرأ المزيد
أمراض فتّاكة تحوم حول الملايين في اليمن
«خليجيون»| نيران المنطقة تتربص بتوقعات نمو الاقتصادات الخليجية