خليجيون| الوساطة ومعبر رفح في قلب التوتر بين مصر وإسرائيل
تهيمن أجواء التوتر على العلاقات بين مصر وإسرائيل بعد سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح جنوب قطاع غزة بذريعة القضاء على ما تبقى من عناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في مقابل تحرك مصر في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل وصولا إلى لهجة تحذير مصري غير مسبوقة.
ومؤخرا دخلت وسائل إعلام عالمية على خط التصعيد، إذ نقلت شبكة «سي إن إن» عما أسمتها 3 مصادر مطلعة بأن جهات رسمية مصرية «عدلت بهدوء بنود اقتراح وقف إطلاق النار الذي وقعت عليه حكومة بنيامين نتنياهو، ما أدى في النهاية إلى تعطيل صفقة كان من الممكن أن تفضي إلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وتحدد مسارا لإنهاء القتال مؤقتا في غزة».
وجاء الرد بعد بضع ساعات من رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر (هيئة حكومية) الدكتور ضياء رشوان، الذي وصف تلك التسريبات بـ«الخاطئة وخالية من أي معلومات أو حقائق»، ملوحا بأن محاولات التشكيك في أدوار وساطة مصر قد تدفعها للانسحاب من دورها في الوساطة في الصراع الحالي.
التهرب من المسؤولية
ويصف الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج، تلك التقارير بأنها «كاذبة» وتهدف إلى «التهرب من المسؤولية وتصدير مبرر للعدول عن الاتفاقية التي كانت مصر وسيطًا لها بين حماس والجانب الإسرائيلي»، مشيرًا إلى أن «مصر لم تعدل في البنود»، مدللا على ذلك «بزيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز في مصر لمدة أسبوع فضلا عن موافقة المقاومة على بنود الاتفاقية». ويتساءل فرج في تصريح إلى «خليجيون» قائلا «كيف تغير مصر بنود اتفاقية تم الموافقة عليها سلفًا؟». مضيفا:«هذه أحاديث كاذبة».
ويشدد فرج على «صعوبة تنفيذ مخطط الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على حماس»، مشيراً إلى أن «إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب أدى إلى فشل صفقة الهدنة».
غياب أوراق الضغط
ويرى أستاذ الإسرائيليات المصري الدكتور سامح عباس أن الوساطة بين الاحتلال وحماس افتقدت لأوراق الضغط على الطرفين، الأمر الذي حال دون الوصول إلى اتفاق نهائي ملزم على كل الأطراف.
ويضيف عباس في تصريح إلى «خليجيون»: «الولايات المتحدة أوقفت تصدير جزء من الأسلحة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب ضعف تأثير الضغط السياسي، بالإضافة إلى اعتراف قطر بجمود محادثات الوساطة التي تجريها بين جميع الأطراف من السابع من أكتوبر».
وينوه أستاذ الإسرائيليات إلى أنه «الوساطة المصرية هي الخيار الأخير أمام أميركا باعتبارها لاعبا تاريخيا في القضية الفلسطينية، بخلاف قطر المنضمة منذ سنوات في هذا الملف «الشائك»، موضحًا أن «قطر لن تقدم سوى دعم مادي فقط وإن كانت هناك تقارير إعلامية تفيد بمحاولة نقل مكتب حماس من الدوحة إلى تركيا أو الأردن الأمر الذي ينذر بانسحاب الجانب القطري من المباحثات بين حماس والاحتلال الإسرائيلي»، حسب عباس
وكانت المفاوضات غير المباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس بشأن هدنة محتملة تفضي إلى وقف لإطلاق النار، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، قد توقفت قبل أكثر من أسبوع، بعد عدة أيام من المحادثات في العاصمة المصرية القاهرة.
سيناريوهات مصرية
ولا يستبعد محللون أن تكون التسريبات المشككة في الوساطة المصرية هي محاولة للضغط على القاهرة، بعد دخلت علاقات مصر وإسرائيل مرحلة تحد غير مسبوق، مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي في السابع من مايو أنه سيطر على معبر رفح جنوب قطاع غزة بشكل كامل، وهو ما سبق أن حذرت منه مصر على نحو متكرر، باعتباره حلقة في سيناريو متكامل لتهجير الفلسطينيين.
ولم يستكمل التحرك العسكري الإسرائيلي في معبر رفح أسبوعه الأول حتى أعلنت مصر يوم 12 مايو، عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة. وفي توقيت متزامن تزايدات التسريبات الإسرائيلية بشأن تنسيق بين مصر والاحتلال لإدخال المساعدات، وهو ما قوبل بنفي مصدر مصري رفيع المستوى، الثلاثاء، لهذه المزاعم.
وعلى نحو غير مسبوق منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية العام 1979، جاء تحذير المصدر من أن «احترام مصر لالتزاماتها ومعاهداتها الدولية لا يمنعها من استخدام كل السيناريوهات المتاحة للحفاظ على أمنها القومي وعلى الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني». وإذ كشف المصدر أن مصر رفضت أي تنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح، فإنه حذر من تداعيات التصعيد في قطاع غزة، بحسب القناة.
التصعيد لم يتوقف عند حد الردود المصرية، المنسوبة إلى مصدر رفيع المستوى، بل وصلت أيضا إلى مجلس الامن، إذ قال مندوب مصر بمجلس الأمن، أسامة عبد الخالق، خلال جلسة للمجلس في وقت سابق هذا الأسبوع إن إسرائيل تهدف إلى «التلاعب» بالحقائق وتحميل مصر والأمم المتحدة مسؤولية عدم وصول المساعدات إلى غزة. مجددا رفض مصر الاستمرار في العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة.
معضلة رفح
وينتقد الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج تصريحات وزير الخارجية الأميركية أنتوني حين حث مصر على إدخال المساعدات عبر معبر رفح، موضحًا أن الولايات المتحدة الأميركية تبرئ الاحتلال الإسرائيلي الذي أغلق معبر كرم أبو سالم، وشن غارات وأقدم على اجتياح عسكري بالقرب من معبر رفح من ناحية آخرى وهو ما أسفر عن وقف ادخال المساعدات».
وكان بلينكن قد حث مصر على «بذل كل ما في وسعها لضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة». وقال بلينكن في جلسة استماع بمجلس النواب الأميركي، الأربعاء، «تعين علينا من ثم العثور على طريقة للتأكد من أن المساعدات التي تدخل من معبر رفح يمكنها المرور بأمان، لكننا نحث بقوة شركاءنا المصريين على بذل كل ما في وسعهم للتأكد من تدفق المساعدات».
ويعتبر الدكتور سامح عباس أن معبر رفح لم يعد له دور كورقة ضغط مصري في المباحثات، رغم أنه المنفذ الرئيسي لإدخال مساعدات، موضحا أن اندلاع الحرب بالقرب من المعبر يعني توقف تشغيله وبالتالي سقوط جزء رئيسي من التسهيلات التي كانت تقدمها مصر للجانب الفلسطيني بادخال المساعدات على مدار اليوم دون توقف، وهو ما يعني خروج هذه الورقة من حقيبة المفاوضات المصرية.
اقرأ المزيد
بنك أميركي يتوقع بلوغ إصدارات الديون السعودية 16 مليار دولار
نقابة الصحفيين المصرية تعلن فوز الفنان خضر حسن بجائز الكاريكاتير