البرلمان العراقي في مهمة صعبة أمام عجز الموازنة
يواجه البرلمان العراقي تحدي كبير أمام اقرار الموازنة العامة المتوقع أن تشهد عجزًا ماليّا كبيرا يقدّر بنحو 48 مليار دولار سنويا، يُعدّ الأعلى من نوعه ويزيد بأكثر من ضعفي العجز المُسجّل في موازنة عام 2021 السابقة على هذه الموازنة.
كانت الموازنة الثلاثية التي تشمل أعوام 2023 و2024 و2025، وهي الأكبر في تاريخ العراق، قد أُقرّت في يونيو حزيران الماضي بتصويت مجلس النواب عليها بعد مخاض عسير على مدار أشهر شهد سلسلة جلسات برلمانيّة لمناقشتها، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
وبلغت قيمة تلك الموازنة نحو 153 مليار دولار لكلّ عام.
وعلى الرغم من التصويت على هذه الموازنة الثلاثيّة العام الماضي، فإن الحكومة العراقيّة تجد نفسها مضطّرة للتصويت على كل موازنة سنوية منفردة، وهو ما حدث يوم الأحد مع موازنة عام 2024، التي أصبحت بعد هذه الخطوة في انتظار المصادقة عليها داخل البرلمان.
ويعزو اقتصاديون التأخير في إقرار موازنة هذا العام إلى محاولات حكومية لخفض العجز، في ظلّ تحذيرهم أيضا من اعتماد موازنة البلاد على إيرادات النفط، الذي قالوا إنّه إذا انخفضت أسعاره سيضع البلد على أعتاب أزمة ماليّة كبيرة قد تجد نفسها فيها غير قادرة على دفع الرواتب.
غير أنّ بعض المتخصصين في الاقتصاد ينظرون في الوقت ذاته بتفاؤل للوضع المالي العراقي، استنادا إلى امتلاك مصرفه المركزي احتياطيا ضخما واستمرار تدفق النفط العراقي إلى الأسواق العالمية.
مزيد من المناقشات
بعد تصويت الحكومة العراقيّة على جداول الموازنة الاتحادية لعام 2024 في 19 مايو أيار الجاري، أُحيلت الموزانة إلى مجلس النواب، الذي ستخضع فيه لمناقشات من جديد يبدو أنها ستضيف المزيد من التأخير قبل إقرار تلك الموازنة.
ويرى الخبير الاقتصاديّ العراقيّ ناصر الكناني أنّ تأخير إقرار جداول موازنة سنة 2024 طيلة الأشهر الماضية "يؤكد وجود خلل ماليّ وعجز كبير فيها، ولهذا، احتاجت الحكومة كلّ هذا الوقت من أجل ترتيب تلك الجداول وفقا لما لديها من تخصيصات ماليّة عن طريق بيع النفط".
وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "العراق يمرّ بأزمة ماليّة واقتصاديّة مع كل موازنة سنويّة، بسبب اعتماده بشكل رئيس على بيع النفط فقط.. .لا يوجد أيّ تنويع لمصادر تمويل الموازنة، وهذا ما يجعل البلد مهددا اقتصاديّا ويُعاني من عدم وجود استقرار ماليّ حقيقيّ".
وأشار الكناني إلى ارتفاع في الإنفاق، خاصة في جداول الرواتب، معتبرا أن هذا "أمر خطير من الناحية الاقتصاديّة والماليّة، فأيّ انخفاض في أسعار بيع النفط لأي سبب عالميّ، ستكون الحكومة عاجزة تماما (أمامه) عن دفع تلك الرواتب، وهذا مؤشر له تبعات خطيرة على عموم الأوضاع في العراق".
وعلى الرغم من أنّ رئيس الحكومة العراقية محمد شيّاع السوداني كان قد حثّ رئاسة مجلس النوّاب على ضرورة إقرار الموازنة، فإنّ جدول أعمال جلسة البرلمان المقرّرة اليوم يخلو من موضوع الموازنة، إذ يبدو أن الوقت مازال مبكرا للتصويت عليها.
دون جديد
يرى الباحث في الشأن المالي مصطفى أكرم حنتوش أنّ الموازنة الثلاثية «لم تأت بجديد على الوضع المالي والاقتصادي».
وقال حنتوش «إن الموازنة (الثلاثية) لا يُمكن العمل بها بعد انتهاء السنة الماليّة إلا بعد إرسال جداولها إلى البرلمان والتصويت عليها، وهذا يعني أنّ الموازنة هي لسنة واحدة فقط، خاصة وأنّ جداول كل موازنة تختلف عن الأخرى».
أضاف «الحكومة أخذت كل هذا الوقت لإرسال جداول موازنة 2024 بسبب ما تعانيه من نقص في السيولة وارتفاع نسبة الإنفاق مع تضخم العجز، لذا، فقد حاولت تقليل ذلك عبر اجتماعات متكرّرة لها طيلة الأشهر الماضية، وعملت على خفض جزء من الإنفاق والعجز، لكن هذا لا يعني أنّ الموازنة سوف تبقى على حالها بعد إرسالها للبرلمان».
وتابع «العراق يفتقر إلى التخطيط في السياسة الماليّة، وهذا التخطيط يجب أن يكون معمولا به في كلّ الأشهر وليس في نهاية السنة فقط، لأنه هو الذي يُسهّل عمليّة إعداد الموازنة السنويّة دون أيّ معرقلات، فكلّ الأرقام تكون جاهزة وفق أي متغيّرات تحصل».
كانت وزارة المالية العراقية، قد كشفت نهاية العام الماضي عن أنّ حجم الإيرادات العراقيّة في الموازنة الاتحادية خلال 10 أشهر تجاوزت 106 تريليونات دينار (حوالي 80.9 مليار دولار أميركي)، مشيرة إلى ارتفاع مساهمة النفط في الموازنة إلى 95%.
ووفقا للجداول الماليّة، فإن إيرادات العراق من النفط بلغت 101 تريليون و940 مليارا ومليونا و380 ألف دينار، في حين بلغت الإيرادات غير النفطية خمسة تريليونات و477 مليارا و559 مليونا و979 ألف دينار عراقيّ.
اقرأ المزيد
مدار الأرض يستعد لاستضافة ثاني امرأة فرنسية
تفاصيل قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»