«خليجيون» تستطلع مستقبل تحالفات تونس بعد واقعة «السوخوي» الروسية
يثير التمدد العسكري الروسي في شمال أفريقيا مخاوف غربية، كشفها على نحو واضح ما تردد عن تعاون عسكري بين تونس وروسيا بعد تحليق طائرات سوخوي فوق مدينة جربة التونسية القريبة من الحدود الليبية، فيما تباينت آراء محللين بشأن دلالات الواقعة وانعكاساتها على مستقبل خارطة تحالفات تونس الدولية.
وحسب تسريبات لصحيفة «لاريبوبليكا»، الإيطالية فقد شوهدت الطائرات الروسية مؤخرا تهبط في مطار جربة، وهي جزيرة تونسية قريبة من الحدود مع ليبيا. ولم تتضح طبيعة النشاط بعد، وسط صمت رسمي تونسي. فيما سارع مسؤول أميركي إلى الحديث عن ان أحد المخاوف الرئيسية للحكومة الإيطالية ألا وهو وجود اختراق عسكري روسي لتونس.
فاغنر ليست في تونس
لكن الباحث المتخصص في شؤون شمال أفريقيا جلال حرشاوي يقلل من حجم الضجة التي أثيرت بشأن الواقعة ويقول «القصة، رغم صغرها، مبالغ فيها».
وحسب معلومات حرشاوي، التي كشفها إلى «خليجيون» فإن «بعض الدبلوماسيين الغربيين أخبروا صحفيين بوجود بضعة أفراد روس دون أسلحة او زي رسمي في مطار جربة، ويساعدون في عملية السماح للطائرات الروسية بالتزود بالوقود في ذلك المطار»، معتبرا أن «بعض الصحف قررت تضخيم الواقعة، وتحويلها إلى خبر زائف كبير عن فاغنر. والحقيقة أنه لا يوجد مقاتلون من فاغنر على الأراضي التونسية».
وفي هذا السياق، جاء النفي الروسي الرسمي لهذه الواقعة، إذ أنكر بيان صادر عن السفارة الروسية في ليبيا وجود أي طائرات حربية تابعة لقوات «فاغنر» داخل جزيرة جربة التونسية، المجاورة لليبيا، كما تزعم الدول الغربية، معتبرا أن «الدول الغربية تسوق عبر إعلامها لأفكار غير حقيقية، الغرض منها بث الذعر ومحاولة التأثير على الأوساط الاجتماعية، عبر الترويج لأخبار مزيفة».
في المقابل، فإن الجارة ليبيا، التي تشهد فوضى أمنية وسياسية، تستضيف مئات من المرتزقة التابعين لمجموعة «فاغنر» العسكرية السرية الروسية في ليبيا، بحسب تقرير سري صدر عن الأمم المتحدة منذ 4 أعوام. ووفق التقرير المسرب، فإن هؤلاء المرتزقة يدعمون القوات الموالية للقائد العسكري خليفة حفتر في معاركها ضد الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.
لماذا هبطت الطائرات الروسية في تونس؟
ويقول المؤرخ العسكري التونسي د.فيصل الشريف في تصريح إلى «خليجيون» إنه من الصعوبة تجاهل أن «روسيا تسعى لموطىء قدم في أفريقيا وحليفتها التاريخية هي الجزائر».
ويرجح المحلل التونسي أن يكون هبوط الطائرات الروسية في تونس وعزم بوتين على توفير مادة القمح لدول أفريقيا «مؤشرا قويا على رغبة تونس أن تبرز أن خارطة تحالفاتها التاريخية مع واشنطن يمكن أن تتغير، خصوصا مع الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، وكذلك تحالفها القوي مع الجزائر والتي تجمعها بها منذ العام 1983 اتفاقية الدفاع المشترك».
رغبة تونسية في التعاون مع روسيا
ويعتبر الشريف ان تونس أردت أن تبعث رسالة أنه «لا خصومة مع روسيا، بل تريد تطوير تعاونهما في شتى المجالات ومنها العسكري، وهي إشارة للعلاقات المتحدة وحلف الناتو أن لتونس سيادة»، وانها لن تكون ضمن البلدان المصطفة وراء حلف معين». ولم يستبعد فيصل الشريف ان يكون «وراء هذا الموقف هناك القضية الفلسطينية وموقف أميركا وأوروبا منها».
ولا يستبعد محللون أهدافا اقتصادية لهذه الواقعة، إذ تعاني تونس من أزمة اقتصادية متفاقمة مع ارتفاع لمعدلات التضخم وأسعار المواد الأساسية، وتراجع الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف وندرة الأمطار، وتسعى الحكومة إلى خفض العجز المالي إلى 6.6% في 2024 من 7.7% في 2023.
صندوق النقد وتونس
وتوقع صندوق النقد الدولي، في أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي الذي صدر أبريل الماضي، أن يبلغ معدل نمو اقتصاد تونس 1.9% خلال العام الجاري، على أن ينخفض إلى 1.8% في 2025. وتأخر اتفاق بين تونس وصندوق النقد للحصول على تمويل بـ 1.9 مليار دولار لمدة 48 شهر بسبب ضغوط سياسية وتعذر الحكومة عن اتخاذ إجراءات تقشف طلبها الصندوق.
ويتوقع المحلل السياسي التونسي فيصل الشريف: «أن يسارع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى استقطاب تونس خوفا من أن تنحاز إلى بوتين والتحالف الصيني الروسي، اذ أن موقع تونس الجيوسياسي في قلب البحر المتوسط، وقربها الكبير من أوروبا يجعلها دائما محل اهتمام وتجاذب دولي إلى جانب ليبيا».
اقرأ المزيد
مصير 9 مواطنين مصريين تحتجزهم اليونان
عاصمة خليجية ضمن أفضل 1000 مدينة في العالم.. ما هي؟«جمارك مزدوجة» و«إتاوات» تشعل أسعار الغذاء في اليمن