ما أجواء «الحج اليهودي» في تونس بعد حرب غزة؟
انطلقت امس الجمعة في كنيس «الغريبة» في جزيرة جربة التونسية فعاليات «حج اليهود» وسط مشاركة محدودة للمصلين وانتشار أمني كثيف بعد الهجوم المسلح الذي شهده المعبد العام الفائت وفي ظل مخاوف من تداعيات الحرب على غزة.
وعادة ما يجذب الحج إلى الكنيس، وهو الأقدم في أفريقيا، آلاف الحجاج الذين يتدفقون إلى جزيرة جربة من أوروبا وخارج البلاد للمشاركة في الاحتفالات التي تستمر لأيام.
إقبال محدود الحجاج اليهود
لكن موسم الحج هذا العام شهد عددًا قليلا من الزوّار ولم يكن هناك أي أجانب تقريبًا وسط إجراءات أمنية معززة بوجود عدد أكبر من رجال الشرطة. ومنع الجميع باستثناء الحجاج اليهود من الدخول، وفقا لوكالة فرانس برس.
وقال منظم موسم الحج رونيه الطرابلسي لوكالة فرانس برس «هذا العام، لاحظنا قلة في طلب القدوم للحج… وبالنظر إلى الحرب في الشرق الأوسط، اتخذت الإدارة قرارًا حكيمًا وذكيًا بإلغاء الاحتفالات. واحتفظنا فقط بالجانب الديني والروحي. واضاف «هذا مفهوم ولست متفاجئا».
ولم تعلن السلطات عن عدد الحجاج الذين وصلوا صباح الجمعة إلى المعبد.وأعلن المنظّمون منتصف ابريل أن رحلة الحج اليهودية السنوية ستقتصر على الشعائر الدينية داخل كنيس «الغريبة» بسبب الحرب في قطاع غزة.
ويتوقع أن يصل ما بين 30 إلى 50 شخصا بحلول غد الاثنين، اليوم الأخير من المناسك، بحسب الطرابلسي الذي أوضح «لقد انتقلنا من ستة وسبعة آلاف إلى 30 و50 زائرا».
تتم الزيارة السنوية هذا العام إلى المعبد في الفترة من 24 إلى 26 مايو. واتخذ المنظمون القرار بشكل استثنائي بالنظر إلى «السياق الدولي».
عادة ما يتميّز الحج الذي جمع في بعض السنوات حوالى 8 آلاف شخص من جميع أنحاء العالم، بموكب احتفالي خلف شمعدان كبير مثبت على ثلاث عجلات ومزيّن بأقمشة.
أفضل من لا شئ
في العام الفائت شهد محيط المعبد هجوما مسلحا قُتل خلاله اثنان من الحجاج وثلاثة من عناصر الشرطة أمام الكنيس في هجوم نفذه أحد رجال الشرطة. واعتبرت السلطات التونسية أن ما حدث «عمل اجرامي».
وقال أحد الحجاج حاييم حدّاد «لم نكن نتوقع حدوث ذلك العام الفائت، لأن الأمن كان ممتازا».
واضاف الرجل الخمسيني «لقد آلمنا كثيرًا (ما حدث) وما زلنا نتألم، ولهذا السبب لا يوجد الكثير من الناس هنا اليوم».
وكان معبد «الغريبة» الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس قبل الميلاد، قد استُهدف في العام 2002 كذلك بتفجير انتحاري بشاحنة مفخّخة أدى إلى مقتل 21 شخصاً.
لم تقم الاحتفالات المعتادة هذا العام، والتي تجتذب آلاف الأشخاص بمن فيهم غير اليهود، لكن قدم بعض الحجاج للصلاة واضاءة الشموع داخل المعبد.
وقالت جانيت التي لم تشأ ذكر اسمها الكامل إنها تؤدي الحج كل عام منذ 2003، لكن هذا العام كان بالنسبة إليها مختلفا.
واكدت جانيت وهي يهودية تونسية تقيم في ألمانيا لوكالة فرانس برس «نأتي ونضيء شمعة. هذا أفضل من لا شيء».
ويقول المنظمون إن أكثر من خمسة آلاف يهودي، معظمهم جاؤوا من خارج البلاد، شاركوا في الحج العام الفائت.
وتعدّ تونس من أشدّ المؤيدين للفلسطينيين، كما دان رئيسها قيس سعيّد مرارا «الإبادة الجماعية» المستمرة في قطاع غزة. وقبل الاستقلال في العام 1956، كان عدد اليهود في تونس أكثر من 100 ألف، غير أنّه انخفض إلى حوالى ألف شخص.
تعد جزيرة جربة حيث تسكن أقلية يهودية، الوجهة السياحية الأولى بامتياز لتونس والتي يرتكز اقتصادها بشكل أساسي على هذا القطاع الذي يوفر عملة صعبة لموازنة الدولة. واعتبر الطرابلسي أن جزيرة جربة «مكان للعيش المشترك… وهناك علاقات طيبة».
وخلص «إنه أمر مهم للغاية بالنسبة للمستقبل، بالنسبة للغريبة العام المقبل وفي الأعوام الأخرى».
اقرأ المزيد:
رسائل دول الخليج بعد قرار «العدل الدولية» ضد إسرائيل