«خليجيون»| هل تعيد صفقة «إف 35» توجيه بوصلة السياسة السعودية؟
وضعت مصادر سياسية وعسكرية توجه الولايات المتحدة الأميركية لرفع حظر تصدير الأسلحة الهجومية للسعودية في زاوية المصالح الأميركية الصرفة بما لها من مردود اقتصادي وخوفا من تقادم الأسلحة وورقة أخرى تمهد نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
والأحد نقلت «فايننشال تايمز» عن مسؤولين بالإدارة الأميركية، «أنه من المتوقع أن يتم رفع الحظر على بيع الأسلحة الهجومية إلى السعودية من قبل الولايات المتحدة»، حسب ما أوضحت الصحيفة
وقالت الصحيفة، إن رفع واشنطن حظرها على بيع الأسلحة الهجومية إلى الرياض قد يتم خلال الأسابيع المقبلة، مشيرة إلى أن القرار يعد مؤشرا قويا على تحسن العلاقة بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إن الولايات المتحدة والسعودية اقتربتا جدا من إبرام مجموعة اتفاقيات في مجالات الطاقة النووية والتعاون الأمني والدفاعي، ضمن اتفاق أوسع للتطبيع بين الرياض وإسرائيل.
واعتبرت صحيفة «فايننشال تايمز» أن رفع الحظر عن مبيعات الأسلحة الهجومية ليس مرتبطا بشكل مباشر بتلك المحادثات.
وكانت تقارير سابقة قد ذكرت أن الرياض وواشنطن تقتربان من عقد اتفاقية دفاعية، من المحتمل أن تشمل عناصر مثل المنشآت النووية المدنية وشراء طائرات مقاتلة من الجيل الخامس من طراز إف-35.
مصالح أميركا أولا
في نفس الوقت يرى السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن الولايات المتحدة لن تجازف بتصدير أسلحة متقدمة للرياض دون ضمان تفوق إسرائيل.
ويضيف الدبلوماسي المصري لـ «خليجيون» أن أمن إسرائيل العسكري يجب ألا يقل في مستواه عن كل قوة العرب العسكرية من الناحية التقنية وفق ثوابت السياسة الخارجية الأميركية.
ويستبعد بيومي في الوقت نفسه أن ترضخ المملكة العربية السعودية لضغوط التطبيع مع الكيان الإسرائيلي المحتل، مقابل رفع حظر التسليح وتحديدا في الوقت الحالي، «باعتباره خطوة خطيرة جدا لأن السعودية لها وضع خاص في العالم الإسلامي وبن سلمان لن يضحي بسمعة ومكانة المملكة في نفوس 2 مليار مسلم من أجل تطبيع لن يفيدها في شيء بعيدا عن الضغوط الأميركية».
كما يستبعد الخبير السياسي أن تؤدي صفقات الأسلحة الأميركية المتقدمة المزمع استئنافها وفق المصادر الأميركية إلى سباق تسلح في الخليج العربي لعدم وجود تنافس عسكري أو صراع سياسي بين دوله وهناك شبه اتحاد بين دول الخليج العربي.
ويضيف السفير جمال بيومي أن الولايات المتحدة لاتعطي شيئا بالمجان خاصة في مجال التسليح المتقدم إذ تحصل في المقابل على مليارات الدولارات وعلى زيادة صادرات أسلحتها واستقطاب زبائن جدد في إطار التنافس العادل بين الدول لحيازة الأسلحة ذاتها التي لدى جيرانها.
اتفاقات ثنائية مع أميركا «في القريب العاجل»
في وقت سابق قال الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الإثنين، إن من المتوقع «في القريب العاجل» إبرام اتفاقات ثنائية بين المملكة والولايات المتحدة، وذلك في معرض إجابته عن سؤال حول المفاوضات بين البلدين حول اتفاق أمني.
وأضاف الأمير فيصل خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض: «معظم العمل تم إنجازه بالفعل. لدينا الخطوط العريضة لما نعتقد أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطينة».
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المناسبة ذاتها: «أعتقد أن العمل الذي تقوم به المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة معاً في ما يتعلق باتفاقياتنا، قد يكون قريباً جداً من الاكتمال».
حق مشروع للسعودية
فيما يذهب اللواء محمد الشهاوي الخبير الاستراتيجي المصري إلى القول إن من حق أي دولة في تعزيز قدراتها الدفاعية أو الهجومية سواء بالتصنيع العسكري المحلي أو الاستيراد والاستعانة بالسلاح من الأسواق الخارجية.
ويرى الخبير الاستراتيجي أن ربط صفقات الأسلحة بالمصالح السياسية أمرا واردا خاصة أنها تأتي ضمن علاقات قوية بين الدولتين، قائلا لا يعقل أن تصدر واشنطن أسلحة متقدمة لدولة معادية لها أو لمصالحها، مضيفا أن قوة السعودية هي قوة لكل الخليج».
السعودية تستورد 12% من إجمالي مبيعات الأسلحة العالمية
ويقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) في تقرير نشره في التاسع من مارس 2020 إن الولايات المتحدة صدرت أكثر من ثلث إجمالي الأسلحة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية، ما عزز موقعها كأكبر بائع أسلحة في العالم.
وذكر المعهد- الذي يتخذ من السويد مقرا له، في أحدث مراجعة لعمليات نقل الأسلحة عالميا، أن حجم عمليات نقل الأسلحة على مستوى العالم ارتفع بنسبة 5.5% تقريبًا خلال الفترة بين عامي 2015 و 2019، مقارنة مع الفترة ما بين 2010، و 2014، و20% مقارنة بالفترة بين عامي 2005 و 2009.
وظلت المملكة العربية السعودية أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال هذه الفترة، بنسبة 12 بالمئة من إجمالي واردات الأسلحة العالمية.
ويقول بيتر ويزمان، الباحث البارز في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري في معهد سيبري إن الاتجاه العام خلال تلك الفترة يشير إلى أنه بالإضافة إلى النمو المستمر في مبيعات الأسلحة العالمية «نرى بوضوح شديد أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر هيمنة، والمورد الرئيسي للأسلحة في العالم».
وذهبت نصف مبيعات الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، وحصلت المملكة العربية السعودية وحدها على خمس مبيعات الولايات المتحدة، مما يجعلها السوق الأكثر أهمية لدى الولايات المتحدة.