الموت يلاحق نازحي غزة.. قصفا وغرقا

الموت يلاحق نازحي غزة.. قصفا وغرقا
غزة: «خليجيون»

مع اشتداد حر الصيف وارتفاع درجات الحرارة ودخول حرب الإبادة الإسرائيلية شهرها التاسع، يلجأ النازحون في قطاع غزة إلى شاطئ البحر باعتباره المتنفس الوحيد الذي يخفف عنهم حرّ الخيام القائظ.

والأمر يتعدى كون البحر مجرد متنفس، فالنازحون يستخدمون مياهه أيضا في غسل الأواني والاستحمام مع شحّ المياه في بعض الأماكن وانعدامها في أخرى.لكن تبقى هناك معضلة تؤرق كثيرا منهم، ألا وهي غياب المنقذين العاملين على شاطئ البحر والخوف على أبنائهم وأنفسهم من الغرق.

شاطئ غزة هو المتنفس الوحيد

النازح محمود منصور، من شمال قطاع غزة، يقول «شاطئ البحر هو المتنفس الوحيد للنازحين وسط أجواء الحرب. نهرب من حرّ الخيام والحشرات والبعوض ونلجأ للبحر مع أطفالنا. ولكن في ظل غياب المنقذين نبقى طوال الوقت أعيننا على الأطفال خوفا من الغرق، نتناوب أنا والكبار من أفراد عائلتي مراقبة الأطفال».

ويتابع قائلا لوكالة أنباء العالم العربي «الآن ومع ازدياد عدد النازحين القادمين من كافة المناطق، تجد شاطئ البحر ممتلئا جدا بالكبار والصغار، بالكاد نستطيع رؤية أطفالنا ومتابعتهم».

ويضيف «حتى الأدوات التي تُعين الأطفال على السباحة مثل العجلات والعوامات غير متوفرة نتيجة إغلاق المعابر. وفي حال وُجدت، تُباع بأسعار خيالية تفوق قدرتنا المادية».

يؤيده محمد مطر، النازح من مخيم الشاطئ، قائلا «قبل أيام بينما كنا جالسين داخل خيامنا التي نصبناها على شاطئ بحر منطقة مواصي خان يونس، سمعنا صراخ أم تنادي على المصطافين وتناشدهم إنقاذ طفلها الذي سحبه الموج بعيدا واختفت آثاره وغاب عن نظرها».

ويواصل حديثه «هرع الشباب ودخلوا إلى البحر مع ارتفاع الموج ووجود منطقة صخرية غير ملائمة للسباحة، الأمر الذي كان يدلهم عليه المنقذون، وبعد جهد شديد استطاعوا إخراج الطفل في حالة إغماء استمرت لفترة قبل نقله إلى نقطة طبية بالمنطقة المقابلة».

ويردف «نزحنا من مخيم الشاطئ، ومع تكدس الخيام إلى جانب بعضها بعضا ووجود أعداد كبيرة بداخلها، نذهب إلى البحر هربا من درجات الحرارة المرتفعة وللتخلص من الحكة والتسلخات والأمراض الجلدية التي ملأت أجسادنا، وذلك رغم خطورة الأمواج على الكبار والصغار ورغم وجود دوامات».

لا

منقذون، لا أدوات، لا أبراج كاشفة

وتروي النازحة نهى صيام موقفا كانت فيه شقيقتها قاب قوسين أو أدنى من الغرق، حين لجأت إلى البحر من أجل غسيل ملابس عائلتها وأطفالها وغسل أواني المطبخ والاستحمام مع تعذر توفير المياه داخل الخيمة.

وتواصل قائلة «استمرت أختي بالعبور داخل البحر حتى غطت المياه جسمها إلى العنق، وفجأة فقدت توازنها ولم تعد قادرة على الحركة وبدأت تصرخ ظنا منها بوجود منقذين على الشاطئ. ومن لطف الله كان بالقرب منها صياد سمع صراخها واتجه نحوها وساعدها في الخروج إلى الشاطئ٪.

وأكدت نهى، النازحة في خان يونس، أن حادثة شقيقتها تكررت أمام عينيها عدة مرات مع نازحين وأطفال وقالت «الأوضاع على شاطئ البحر في غاية الخطورة مع غياب المنقذين وكذلك المتطوعين الذي يتولون مسؤولية تأمين حياة مرتادي البحر وتوجيههم لأماكن السباحة الآمنة».

وعلى مقربة من الشاطئ، تلعب الطفلة سائدة أبو نحل النازحة من مدينة غزة، لكنها تخشى التقدم نحوه. وعند سؤالها عن السبب قالت «أمواج البحر عالية. أقضي معظم الوقت هنا قرب البحر، نستحم ونغسل ملابسنا، ولكن لا أتقدم فيه خوفا من الغرق دون أن أجد من يسمعني أو يراني لينقذني».

ويقول محمود فياض، مدير شؤون الموظفين في بلدية دير البلح، إن هناك توجّها لإنزال منقذين وإنه تم فتح باب التسجيل للتطوع أو براتب بسيط.

ويضيف متحدثا لوكالة أنباء العالم العربي «مع التزايد السكاني والنزوح من مدينة رفح، فإن المنفذ الوحيد للسكان للتفريج عن أنفسهم هو البحر وخصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف».

ويستطرد قائلا «في كل عام كنا نوظف أعدادا كبيرة من المنقذين، وفي هذا العام ومع تزايد أعداد النازحين كان من المفترض أن يكون العدد مضاعفا»

وتابع «تأخرت عملية الإنقاذ هذا العام بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ تسعة أشهر والتي أدت إلى قلة الموارد والأموال والرواتب التي نحتاجها لإنزال أعداد كبيرة من المنقذين، بالإضافة إلى الخوف من الزوارق الحربية المتمركزة والتي نشهد يوميا قصفا منها بالأسلحة الثقيلة على المصطافين والصيادين».

وأشار أيضا إلى شح المعدات التي تخص المنقذين بسبب إغلاق المعابر مع قطاع غزة، وقال «ما بقي منها من الأعوام السابقة متهالك، بالإضافة إلى فقدان الأبراج الخشبية التي يستخدمها المنقذون لكشف الشاطئ والتي تم استخدامها من قِبل النازحين».

فمع غياب الغاز والوقود، اضطر النازحون لتفكيك أبراج المنقذين لاستخدام أخشابها حطبا يمكنهم طهي الطعام عليه.لكن فياض قال «في القريب العاجل سيتم إنزال المنقذين إلى شاطئ البحر لمباشرة عملهم».

اقرأ المزيد:

حلم «الاكتفاء الذاتي» في البنزين يرواض العراق

حديث محمد بن زايد وتبون يخطف الأنظار في قمة عالمية (فيديو)

ما موقف صندوق النقد من تعديل رؤية محمد بن سلمان؟

أهم الأخبار