ألغام على طريق حلم طلاب غرة بالجامعة
تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في عراقيل التحاق طلاب القطاع بالجامعة، إذ حرمت ظروف الحرب نحو 39 ألف طالبة وطالبة من التقدّم للامتحانات النهائيّة للثانويّة العامّة، لكن 1320 من هؤلاء الطلاب تقدّموا للامتحان خارج المدينة المدمرة في 29 دولة، بينهم 1090 من أبناء العائلات التي غادرت إلى مصر خلال أشهر الحرب.
و مُنذ أن نزح من منزله في مطلع ديسمبر الماضي، يعيش الطالب الفلسطينيّ عمرو أشرف مع عائلته في خيمة صغيرة بمواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، وتبدو على ملامح وجهه دوما علامات الحزن والحسرة وهو يقلّب دفاتره وكتبه الدراسيّة.
كان عمرو يأمل في التقدّم لامتحانات الثانويّة العامّة، شأنه شأن جميع أقرانه في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة، ولذلك، فقد حمل معه كتبه وأدوات دراسته خلال رحلة النزوح، علّ انفراجة تحدُث وتمكّنه من التقّدم لامتحانات هذا العام كما كان يخطط.
تبدد آمال عمرو
لكن مع طول أمد الحرب، تبدّدت آمال عمرو وغيره من الطلّاب الفلسطينيين في قطاع غزّة شيئا فشيئا حتّى تلاشت تماما ولم يلحقوا بأقرانهم في الضفّة الذين بدأوا اليوم السبت أوّل امتحاناتهم، والتي ستستمر حتّى الثامن من يوليو تمّوز المقبل.
يحاول والد عمرو التخفيف عن ابنه بالحديث عن إمكانيّة عقد دورة امتحانات خاصّة بعد أشهر والتأكيد على أنّ هذا الأمر قدر الله وخارج عن إرادة الجميع، لكنّ الشاب الذي أكمل لتوّه عامه الثامن عشر ما زال يرى أنّه لم يكن بوسعه تعويض هذه السنة الدراسيّة، ويخشى ضياع السنوات المقبلة أيضا.
يُظهر عمرو شهادات الأعوام السابقة، التي تُظهر تفوّقه وحصوله على الدرجات النهائيّة تقريبا، خصوصا في الصفّ الحادي عشر الذي وصل فيه مجموع درجاته إلى 99.6% من الدرجة النهائية، وهو المعدل ذاته الذي كان يخطّط للحصول عليه في الثانويّة العامّة منذ الصيف الماضي.
السفر قد يكون حلّا
عمرو، الذي يدرس في القسم العلميّ، كان يخطط أيضا لدراسة الطبّ في مصر بعد الثانوية العامة، وهو الهدف الذي من أجله أصرّ على مواجهة صعوبات جمة في دراسة المواد العلميّة، فضلا عن التحاقه ببرامج صيفيّة لتعزيز قدراته ومستواه العلمي من أجل ضمان الحصول على الدرجة المطلوبة.
وكشف عن أنّ والديه حاولا العمل على إجراء ترتيبات لسفره إلى مصر والتقدّم للامتحانات هناك أسوة بالأعداد القليلة من الفلسطينيين الذين غادروا القطاع، لكنّه أوضح أنّ صعوبات السفر وتكاليفه الباهظة، فضلا عن سيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري، جعلتا المهمّة مستحيلة.
وقال "سُدّت كلّ الأبواب في وجهي، سواء التقدّم للامتحانات هنا أو السفر باعتباره بصيص الأمل الوحيد، لتضيع كلّ الأحلام والخطط والجهود ومعها يضيع مستقبلي.. .نعيش في نار الحرب وعذاب النزوح، ونكتوي كذلك بالتفكير المستمرّ في المستقبل الذي يضيع هباء، والكلّ يتساءل، أنفقد الحاضر والمستقبل معا؟"
المخاوف والقلق ذاتهما يسيطران على الطالبة يارا الأسطل الملتحقة بالقسم العلمي، والتي كانت تطمح لإكمال مسيرتها التعليميّة والانتقال إلى المرحلة الجامعيّة بعد اجتياز امتحانات الثانويّة العامة لدراسة الطبّ قبل أن تبوء كلّ خططها بالفشل كغيرها من طلبة القطاع.
لا خطط بديلة
لا تبدو يارا مقتنعة بفكرة الاستسلام لواقع الحرب مهما كانت الظروف، وترى أنّه بجب على المختصّين طرح أفكار ومخططات لتعويض ما فات الطلّاب بأيّ وسيلة، لكنّها تُعبّر في الوقت ذاته عن قلقها مما تصفه بغياب الرؤية الرسميّة حول البدائل الممكنة لجبر الضرر أو الحدّ منه حتّى.
قالت يارا "بكيت هذا الصباح وأنا أسمع أخبار انطلاق امتحانات الثانويّة العامّة دون طلبة قطاع غزّة، أشعر أنّي في كابوس مركّب، خصوصا أنّ المعاناة تلفّنا من كل جانب، الحرب والنزوح وضياع المستقبل وقبل ذلك الخوف من القصف والموت".
تذكر الطالبة الفلسطينيّة، التّي حصلت في العام الدراسي الماضي على معدل 99% من الدرجة النهائيّة للامتحانات، أنّ عائلتها بذلت جهودا كبيرة وهي تُفتّش عن السُبُل المتاحة للتقدّم لامتحانات الثانويّة العامة، حتّى لو كان ذلك هو السفر، لكنّ تلك الجهود تعثّرت.
ولم تُعلن وزارة التربية والتعليم الفلسطينيّة أيّ خطط بديلة للتعامل مع هذه الأزمة، التّي تعني ضياع عام دراسيّ كامل على جميع المستويات وليس فقط بالنسبة لطلبة الثانوية العامة، نظرا لأنّ الحرب نشبت بعد شهر واحد فقط من انطلاق العام الدراسي وأوقفته تماما.
يُضاف إلى ذلك تعرّض كلّ المدارس والمرافق التعليميّة للتدمير الكلّي أو الجزئيّ على نحو يجعل من الصعب استخدامها لاستئناف العام الدراسيّ مباشرة، حتّى إذا توقّفت الحرب، فهي بحاجة ماسّة للإصلاح والترميم.
اقرا المزيد
3 عوامل تدفع المعاملات الجارية المصرية إلى التراجع
الفنانة الكويتية هند البلوشي تكشف رأيها في دخول ابنتها الفن
خليجيون| من أسبانيا إلى هولندا.. ما أبعاد الخطوات القطرية تجاه الاتحاد الأوروبي؟