كيف تحولت المغرب إلى مركز صناعات السيارات في أفريقيا؟

كيف تحولت المغرب إلى مركز صناعات السيارات في أفريقيا؟
مجموعة من السيارات الجديدة مصطفة في مرآب للمركبات
القاهرة: خليجيون

تعد صناعة السيارات واحدة من القطاعات الاقتصادية الرائدة التي تشهد نموّا ملحوظا في المغرب، والذي أصبح مركزا رئيسيا في أفريقيا لتجميع السيّارات وتصنيعها بفضل مجموعة عوامل من بينها موقعه الاستراتيجي القريب من الأسواق الأوروبيّة والأفريقيّة على نحو يسهّل تصدير السيارات إلى هذه الأسواق.

ووصف محمد جدري، مدير مرصد العمل الحكومي المغربي، صناعة السيارات في بلاده بأنها قصة نجاح، معتبرا أن «العمل الكبير» الذي قام به المغرب على مدار 20 عاما في هذا القطاع «آتى أُكله» على نحو يجعل هذا القطاع مصدر إلهام لقطاعات صناعيّة أخرى.

وقال جدري إن «الأرقام تتكلم عن نفسها» مشيرا إلى أن صادرات المغرب من السيارات خلال العام الماضي تجاوزت 141 مليار درهم (أكثر من 14 مليار دولار أميركي) وأنّ ما يصل إلى 240 ألف شخص يعملون في هذا القطاع، الذي يبلغ حجم صادراته نحو 700 ألف سيارة سنويّا، وفقا لوكالة أنباء العالم العربي.

وأشار جدري إلى أنّ المغرب يملك منظومة صناعيّة في مدن طنجة ومكناس والقنيطرة وسلا وبوقنادل والدار البيضاء، تضم نحو 250 مصنعا وتتجاوز القيمة المضافة التي تحققها محليّا 65%، بحسب وصفه.

ويرى مدير مرصد العمل الحكومي المغربي أنّ بلاده حققت أهدافا مهمة، لكنّه يعتبر أن الهدف الأسمى هو الوصول إلى مليوني سيارة في رؤية 2030 عبر إنتاج متوازٍ من السيّارات الحرارية والكهربائية، التي بدأ المغرب صناعتها في الآونة الأخيرة ضمن مشروع استثماري ضخم يعود لمجموعة (غوشن هاي تك).

ويهدف المشروع، الذي يقدّر حجم استثماراته بنحو 65 مليار درهم، إلى إنتاج البطاريات الكهربائية الأساسية في مدينة القنيطرة ضمن منظومة صناعة السيّارات في البلاد.

حصاد 20 عاما

ويرى جدري أن المغرب حقق «أرقاما مهمّة» بُنيت على الاستثمارات التي نفّذها على مدار 20 سنة، مشيرا إلى أنّ «الأمر يتعلّق بالبُنى التحتيّة لميناء طنجة المتوسّط، أو بالنسبة للمناطق الصناعيّة، وأيضا الطرق والقطار الفائق السرعة الذي سهّل حركة مجموعة من الفاعلين».

وقال إنه لا يجب أغفال تأهيل رأس المال البشري «حيث يتوفّر المغرب على مئات الآلاف من المهندسين والتقنيين والأطر (العمال) الذين يشتغلون في هذا الإطار، بالإضافة إلى مناخ الأعمال الجدّ ملائم».

أضاف «كلّ هذه المعطيات مجتمعة جعلت من المغرب، على مستوى التنافسيّة على الصعيد العالمي، في المرتبة الثالثة بعد الصين والهند.. .أعتقد أنّ هذه الصناعة هي قصّة نجاح يجب أن تكون ملهمة حتى نتقدّم في مجموعة من القطاعات الأخرى».

وتابع «المغرب اليوم في منعطف تحوّلي، ويرغب في الانتقال من خط إنتاج السيارات الحراريّة إلى خط إنتاج آخر للسيّارات الكهربائية، وهو الأمر الذي تعمل عليه البلاد خلال العشريّة القادمة، حيث ترغب في وصول القيمة المضافة محليّا من 65 في المئة إلى 80 في المئة خلال القادم من السنوات».

وتعمل في المغرب شركات عالمية وعلامات تجارية كبرى متخصصة في صناعة السيارات، من بينها مصنع رينو في طنجة الذي يعدّ من أكبر المصانع في أفريقيا، وآخر في مدينة القنيطرة تعمل فيه مجموعة بيجو ستروين على إنتاج نماذجها، فضلا عن شركة فورد التي تعتمد على المغرب لتجميع بعض المكوّنات المهمّة وتصديرها.

معاملات بالمليارات

يساهم المغرب في تصنيع مختلف مكوّنات السيّارات، بما في ذلك الأسلاك والمقاعد والإطارات، ممّا يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات ويعزز الإنتاج المحلّي.

كما أن لدى المغرب شبكة واسعة من وكلاء السيّارات والموزّعين المحليّين الذين يقدّمون مجموعة متنوّعة من العلامات التجارية العالميّة للسوق المحليّة.

ووفقا لعادل الزايدي، رئيس (فدرالية السيارات) في المغرب، فإنّ حجم معاملات القطاع في البلاد يقدّر بنحو 240 مليار درهم، وفيما يتعلّق بالإنتاج والصناعة الوطنيّة، فقد أكد أن المغرب ينتج 580 ألف سيارة في العام.

كما أشار إلى أنّ حجم معاملات التصدير بلغ 143 مليار درهم خلال عام 2023، منها 55 مليار درهم للسيارات الكاملة الصنع و40 مليار درهم من الأسلاك الكهربائية للسيارات، بينما ارتفع حجم صادرات البلاد من قطع الغيار إلى 15 مليار درهم.

وأوضح الزايدي أنّ 77% من حجم التصدير موجّه للدول الأوروبية، مشيرا إلى أنّ السيارات المغربيّة الصُنع (داسيا داستر) من السيارات الأكثر مبيعا في أوروبا خلال عام 2023.

وفيما يخصّ سيارات النقل الثقيل والهياكل، قال الزايدي إنّ لدى المغرب صناعة مرتبطة بالشاحنات والحافلات والهياكل الصناعية، بالإضافة إلى الشركات المكلفة بقطع الغيار والصيانة والمختبرات الخاصة بقطاع السيارات وشركات الفحص الفني.

قدرات تصدير وحوافز استثمار

وأنشأ المغرب مناطق صناعية متخصصة، مثل منطقة طنجة المتوسط الصناعية، التي تضمّ واحدا من أكبر موانئ البحر المتوسط، مما يعزّز قدرات البلاد في مجال التصدير.

وتقدّم الحكومة المغربية حوافز استثمارية، مثل الإعفاءات الضريبية والدعم المالي للشركات التي تستثمر في قطاع السيارات، بالإضافة إلى الاستثمار في برامج تعليميّة وتدريبيّة لتوفير العمالة الماهرة بالتعاون مع الشركات الكبرى.

اقرأ المزيد

ألغام على طريق حلم طلاب غرة بالجامعة

الحملات الانتخابية تشحن خزائن قطاع الإعلانات في موريتانيا

زين السادات: مصر الأولى أفريقيا في تدفقات الاستثمارات الأجنبية

أهم الأخبار