مصر والإمارات.. علاقات وطيدة وتعاون اقتصادي وأمني مستمر
تعتبر الإمارات من أكثر دول العالم دعماً لمصر وشعبها قولا وفعلا، حيث شكلت هذه العلاقة بين البلدين نموذجاً للعلاقات العربية العربية، التي تقوم على الوقوف معاً لمواجهة كل التحديات والمخاطر التي تواجه الأمن القومي العربي.
ويمكن القول إن العلاقة المتميزة الآن بين الشعبين المصري والإماراتي، تعد استمرار لمسيرة العلاقات الوثيقة والمتميزة بين البلدين، وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد.فما هي مظاهر القوة في العلاقات المصرية الإماراتية؟ وكيف شكلت العلاقات بين القاهرة وأبوظبي رافعة للعمل العربي المشترك
التعاون في الاستقرار
منذ الدقائق الأولى التي تجلت فيها إرادة الشعب المصري لاستعادة هويته الوطنية من جماعة الإخوان، في ثورة 30 يونيو 2013، وقفت الإمارات بكل ما تملك من دعم سياسي واقتصادي بجانب الإرادة المصرية، وهذا الدعم مثل امتداداً للعلاقة التاريخية الخاصة التي تجمع شعبين البلدين، والتي أرساها، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ودعمها بقوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
كما يوجد التطابق شبه الكامل في وجهة نظر الدولتين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، حيث تتفق القاهرة وأبوظبي على ضرورة احترام القانون الدولي، ومكافحة الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية، وإرساء قيم التعايش المشترك وقبول الآخر، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السياسية والسلمية وطاولة الحوار، وليس بالبندقية والرصاص.
وهو ما أثمر أن تحول محور «القاهرة ـ أبوظبي» إلى رافعة سياسية لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والشرق أوسطية. والبلدان لديهما إيمان كامل بأن «الاستثمار في الاستقرار» هو أفضل طريق لبناء المستقبل في الإقليم العربي، ولهذا تعمل مصر والإمارات بشكل دائم من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد الصوت العربي في مواجهة كافة التحديات والتدخلات الخارجية، وأثمر هذا التعاون المصري الإماراتي عن دعم وتقوية «الدولة الوطنية العربية» في مواجهة التنظيمات والمليشيات الإرهابية والظلامية.
الأمن القومي العربي
ساهم التوافق في الرؤى بين الإمارات ومصر تجاه مختلف القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، في تعميق وترسيخ العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، التي أصبحت رصيداً لكل الأمة العربية، من أجل التصدي لكل ما يحاك ضد الأمن القومي العربي، وهو ما تعكسه تصريحات ومواقف البلدين، حيث تؤكد القيادة المصرية، والرئيس عبد الفتاح السيسي، دائماً أن أمن مصر القومي مرتبط بأمن منطقة الخليج العربي عامة، وبدولة الإمارات خاصة.
تعاون عسكري
وإدراكاً لخطورة ما يمر به الإقليم العربي من تعقيدات وتشابكات شهدت الفترة منذ عام 2014 وحتى اليوم، تعاوناً غير مسبوق في المجال العسكري بين مصر والإمارات، حيث شاركت قوات البلدين البحرية والجوية والبرية في سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة كان أبرزها فعاليات التمرين العسكري المشترك «زايد 3» في مايو الماضي، ومشاركة القوات الإماراتية في فعاليات التدريب المشترك «سيف العرب» في 22 نوفمبر الماضي.
كما نفذت القوات المسلحة الإماراتية والمصرية التدريب العسكري المشترك «صقور الليل» في نوفمبر 2019، وفي 25 يوليو 2018 انطلقت فعاليات التدريب البحري المشترك «استجابة النسر 2018»، وقبلها في أبريل من العام ذاته جرت فعاليات التدريب البحري المصري الإماراتي المشترك «خليفة 3»، وغيرها الكثير والكثير من التدريبات والمناورات المشتركة بين البلدين، حسب ما أفادت به الهيئة المصرية العامة للاستعلامات.
التعاون الاقتصادي
تشكل الجوانب الاقتصادية أحد الأعمدة القوية للعلاقات المصرية الإماراتية، وقد ساهمت الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية حتى أصبحت نموذجاً في العلاقات العربية والإقليمية.
وقدمت الإمارات 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري عقب ثورة 30 يونيو.
وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال النصف الأول من عام 2021 نحو 13.3 مليار درهم مقارنة بنحو 12.5 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من عام 2020، بنمو وصل إلى 7%.
فيما بلغ حجم ذلك التبادل خلال عام 2020 نحو 26 مليار درهم مقابل 22.1 مليار درهم خلال عام 2019، وبنمو أكثر من 17% على الرغم من تداعيات الجائحة على أنشطة التجارة إقليمياً وعالمياً.
وتمثل دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، فيما تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري عربي لدولة الإمارات في التجارة غير النفطية وتستحوذ على 7% من إجمالي تجارتها غير النفطية مع الدول العربية.
وعلى الصعيد الاستثماري، تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر في مصر على الصعيد العالمي، برصيد استثمارات تراكمي يزيد على 55 مليار درهم (15 مليار دولار أمريكي).
وتعمل أكثر من 1250 شركة إماراتية في مصر في مشاريع واستثمارات تشمل مختلف قطاعات الجملة والتجزئة، والنقل والتخزين والخدمات اللوجستية، والقطاع المالي وأنشطة التأمين، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعقارات والبناء، والسياحة، والزراعة والأمن الغذائي.
وفي المقابل، تستثمر الشركات المصرية بأكثر من 4 مليارات درهم (1.1 مليار دولار أمريكي) في الأسواق الإماراتية، وتشمل مشاريعها كذلك القطاع العقاري والمالي والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة.
قمم متواصلة
وتعد المباحثات التي عقدت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس السيسي خلال قمة اليوم الأربعاء، هي الثالثة خلال الشهر الجاري، بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بينهما قبل نحو أسبوع.
وتلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اتصالاً هاتفياً 18 يناير من الرئيس المصري شدد خلاله على إدانة مصر واستنكارها الشديدين للاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها مواقع ومنشآت مدنية في دولة الإمارات من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية، مؤكداً وقوف مصر إلى جانب دولة الإمارات، ورفضها لأي مساس بأمنها أو استقرارها.
وعبر عن دعم مصر لدولة الإمارات في كل ما تقوم به من إجراءات وخطوات لضمان أمنها وسيادتها في مواجهة العدوان الحوثي الآثم والمخالف لكل القوانين والأعراف الدولية، مؤكداً ارتباط أمن دولة الإمارات واستقرارها بالأمن القومي المصري، ويعد وذلك امتداداً للعلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين والشعبين.
وفي 4 يناير، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس السيسي العلاقات الأخوية ومختلف مسارات التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين وعدداً من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، مؤكدين أهمية التعامل معها بمواقف متسقة ومتكاملة ترسخ الأمن العربي والإقليمي وتحافظ على استدامة التنمية في دول المنطقة.
وتأتي زيارة الرئيس السيسي لدولة الإمارات بعد نحو 6 شهور من قيام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة إلى مصر في 3 يوليو، شهد خلالها افتتاح "قاعدة 3 يوليو" العسكرية البحرية في منطقة جرجوب المطلة على البحر الأبيض المتوسط والتي دشنها الرئيس المصري.
وكانت هذه هي الزيارة الثانية له لمصر خلال 3 شهور، بعد الزيارة التي أجراها للقاهرة 24 أبريل، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس السيسي تناولت تعزيز العلاقات الأخوية المتجذرة وبحث آخر تطورات القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.
كما سبق أن أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارات عديدة لمصر من بينها في ديسمبر 2020، ومنتصف يناير من العام نفسه، والذي شهد خلالها افتتاح قاعدة برنيس العسكرية بمنطقة البحر الأحمر بحضور الرئيس السيسي.