كيف دمر العدوان الإسرائيلي مستقبل «العاملين عن بعد» في قطاع غزة؟

كيف دمر العدوان الإسرائيلي مستقبل «العاملين عن بعد» في قطاع غزة؟
آثار الدمار في غزة (الإنترنت)
القاهرة: «خليجيون»

دمر العدوان الإسرائيلي الإسرائيلي على غزة معظم البنايات التجارية التي تضم مكاتب شركات تقديم الخدمات عن بعد، أو المساحات الحرة للعمل التي توفر للعاملين المستقلين مكاتب مزودة بالخدمات المطلوبة لممارسة أعمالهم، مثل الأثاث المكتبي والكهرباء والإنترنت والبيئة الهادئة.

من بين هؤلاء سعدي الجمال، الذي يعمل في شركة للبرمجة والتصميم بقطاع غزة، إذ كان يحاول التواصل مع زبون خارج القطاع عبر تطبيق التراسل واتس آب حين لاحظ ظهور علامة أعلى الشاشة تفيد بعدم قدرة الهاتف على الاتصال بالإنترنت.

واعتقد الجمال أن عطلا ما قد أصاب الشبكة الخاصة به، قبل أن يعرف خبر توقف جميع خدمات الاتصال بشكل مفاجئ في كل القطاع.

ويقول الجمال عن تلك اللحظة في أكتوبر الماضي «قبل ليلة 27 أكتوبر سمعنا تصريحات كثيرة من مسؤولين إسرائيليين يطالبون بقطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة، وقاموا بتنظيم حملات ضغط كبيرة».

وأضاف «اعتقدنا أنها مجرد صورة ضمن مسلسل ما يعرف بالحرب النفسية التي يقوم بها الاحتلال لإلحاق الضرر المعنوي بأهالي القطاع، قبل أن نفاجأ في تلك الليلة بأننا أصبحنا بالفعل معزولين عن العالم».

مخاوف

وجد الجمال نفسه في موقف لا يحسد عليه، بين المخاوف من الأعمال العسكرية الإسرائيلية واحتمال تعرضه وأسرته للأذى، وبين شبح خسارة سنوات عمله واهتزاز ثقة الزبائن في الشركة بعد أن بذل جهدا كبيرا في بناء العلاقات وتقويتها.

وعلى الرغم من الضرر الذي ألحقه انقطاع الاتصالات والإنترنت بهؤلاء الذين يعملون عن بعد في قطاع غزة، فإن هذه المشكلة لم تكن الوحيدة التي واجهت العاملين المستقلين في القطاع.

عطل أجهزة الكومبيوتر ومعدات التصوير

لم تقتصر الخسارة على دمار المباني فقط، أو انقطاع الإنترنت نتيجة تدمير معظم أبراج الإرسال بفعل القصف الإسرائيلي، بل تمثل الضرر الأكبر في عطل أجهزة الكومبيوتر ومعدات التصوير الحديثة التي كانت موجودة في المكاتب المستهدفة بالقصف، وغيرها من الأدوات اللازمة لإنجاز الأعمال وما كانت تضمه من أرشيف لمشروعات أنجزت سابقا وأخرى قيد التنفيذ وترتبط بمواعيد مجدولة مسبقا للتسليم.

وحال ضياع النسخ الخاصة بالمشاريع السابقة والجارية دون قدرة الكثير من الشركات ومقدمي الخدمات المستقلين على الإيفاء بالتزاماتهم مع جهات وزبائن خارج القطاع، أو العمل على إعادة بناء المشاريع الخاصة بالزبائن من جديد بسبب فقدان الأجهزة والأدوات اللازمة، وزاد الطين بلة انقطاع الإنترنت وفقدان القدرة على مجرد الاتصال بالعملاء.

حاول كثيرون من أهالي قطاع غزة، ومنهم الصحفيون، إيجاد بدائل مثل شرائح الهاتف المدمجة للتعامل مع الأوضاع الجديدة وتمكنهم من إعادة التواصل مع العالم الخارجي، والاستمرار في تقديم الخدمة الإخبارية الخاصة بالحرب أو لعب دور الوسيط في نقل الرسائل بين المغتربين وأقاربهم داخل غزة.

الشرائح المدمجة

ويروي محمد أبو عمرة، وهو صحفي من غزة، تجربته مع الشرائح المدمجة ويقول «حصلت على شريحة إلكترونية (شريحة مدمجة) مع بداية الحرب عن طريق صديق مقيم في مصر كبديل أفضل من خدمة حزم البيانات التي ما زالت تعمل بتقنية الجيل الثاني داخل قطاع غزة، قبل أن نُصدم بأزمة قطع الاتصالات والإنترنت بشكل كامل، ليتحول اعتمادي على هذه الشريحة كمصدر وحيد للتواصل، إلا أن عيوبها كانت أكثر من مميزاتها».

ولا تعمل الشرائح المدمجة على كل أجهزة الهاتف المحمول، كما قال أبو عمرة إنها تحتاج أيضا إلى مكان مرتفع لالتقاط الإشارة بوضوح.

إصلاح الأعطال بالحد الأدنى

وبسبب عدم سماح الاحتلال إسرائيل بدخول المعدات والأجهزة اللازمة، حاولت الشركات إصلاح الأعطال بالحد الأدنى من الإمكانات المتاحة، بحسب شباك، واضطرت إلى تحويل العديد من نقاط الربط من خطوط الألياف الضوئية عالية السرعة إلى وصلات تقدم من خلالها الخدمة بجودة أقل.

كما ساهم تكدس النازحين في مناطق محدودة في وضع ضغط كبير على أبراج الإرسال فيها.

العمل عن بعد

توجه في السنوات القليلة الماضية الشباب في قطاع غزة نحو المنافسة في سوق العمل عن بعد في ظل شح فرص العمل في القطاع وتشبع السوق بالمشاريع التقليدية، معتمدين على مهارات وخدمات يمكن تقديمها عبر الإنترنت.

وكان العاملون المستقلون الذين يعملون عن بعد أحد أهم الروافد الاقتصادية في قطاع غزة وسط الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع الساحلي الضيق المكتظ بالسكان، وعلاجا لارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى 68 بالمئة في 2023 بحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.

الترجمة إلى الإنجليزية وسيلة بشرى لكسب العيش

وتقدم فلسطينية أخرى من غزة هي بشرى جودة خدمات الترجمة والتدقيق اللغوي باللغة الإنجليزية عن بعد قبل أن تعطل الحرب مسيرتها المهنية.

وقالت بشرى إنها تضطر إلى قطع مسافات طويلة بين مكان نزوحها في خان يونس وبيت أصدقاء لها في رفح حتى تستطيع الاتصال بالإنترنت المنزلي الأفضل حالا من شبكات شركات الاتصالات، قبل أن تنزح مجددا إلى المحافظة الوسطى.

وجدت بشرى بعد جهود مضنية في البحث مساحة حرة كانت مقهى في الأساس توفر اتصالا بالإنترنت وبطاريات طاقة شمسية لشحن الهواتف وأجهزة الكومبيوتر مقابل عشرة شواكل (نحو ثلاثة دولارات) في الساعة الواحدة.

خوض ماراثون من الاتصالات مع الزبائن والشركاء

وكانت أولى إجراءات تصحيح المسار، بحسب محمد هنية أحدا اصحاب الشركات هي خوض ماراثون من الاتصالات مع الزبائن والشركاء وأصحاب العقود، والاعتذار لهم عن التأخر في تسليم المشاريع والأعمال نتيجة الظروف التي سببتها الحرب، مع تقديم ضمانات لإنجاز الخدمات المطلوبة في أقرب وقت.

ولتحقيق ذلك، اضطرت شركة هنية إلى الاعتماد على موظفين خارجيين لإنقاذ العمل وإنجاز المشاريع المتفق عليها مع العملاء، وسارت على خطاها الكثير من الشركات في غزة التي تقدم خدمات إلكترونية عن بعد.

أما من حالفه الحظ في الحفاظ على الحد الأدنى من الزبائن مع امتلاك خدمة إنترنت جيدة، فقد اصطدم بعدم القدرة على تلقي أجره مع توقف البنوك في غزة عن العمل واضطرار أهالي القطاع إلى سحب النقود عبر وسطاء مقابل عمولة باهظة تصل إلى 30 بالمئة، وفقا لعاملين مستقلين تحدثوا إلى وكالة أنباء العالم العربي.

ولا توجد إحصاءات رسمية فلسطينية لعدد العاملين في مجال تقديم الخدمات عن بعد في قطاع غزة.

اقرأ المزيد

ركود في سوق العقارات بسوريا بعد ارتفاع أسعار مواد البناء

بعد تقييم دولي.. الكويت تصدر قرارا عاجلا ضد جرائم غسيل الأموال

«أحفاد الزيتون» مبادرة مصرية تدعم آلاف من أطفال غزة تعليميا

أهم الأخبار