كواليس وأسرار جديدة عن أزمات جماعة الاخوان.. فهل اقترب انهيار التنظيم؟
منذ انهيار حكمها في مصر وما تبعه من خسائر في كافة الدول العربية، تعاني جماعة الإخوان الإرهابية، من سلسلة خلافات وانقسامات لا حصر لها، حيث اشتعل الصراع بين قيادات التنظيم في أخر ملاذ أمن لهم وهي العاصمة البريكانية لندن خاصة بعد الاتهامات المتبادلة من جانب الطرفين، تتعلق بالفساد المالي والاستيلاء على أموال التنظيم لصالحه الشخصي.
وبدأت صراعات الإخوان بالظهور إلى العلن بعد قرار القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير في إحالة محمود حسين، الأمين العام السابق، ومعه 6 من قيادات التنظيم هم، مسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج محمد عبد الوهاب، وعضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق همام علي يوسف، وعضو مجلس الشورى العام مدحت الحداد، وعضو مجلس الشورى العام ممدوح مبروك، وعضو مجلس الشورى العام رجب البنا. إلى التحقيق بشبهة مخالفات مالية وعزلهم من مناصبهم لحين انتهاء التحقيق معهم.
بين شقّي الرحى
وبحسب مراقبين، يحاول طرفا الصراع في الإخوان في الوقت الراهن السيطرة على مصادر التمويل، كخطوة ضرورية في حسم الصراع لصالحه.
وما يزال الملف المالي لجماعة الإخوان في خضم التطورات المكوكية على مستوى الصراع والتحولات الناتجة عنه داخل التنظيم، مُحاطاً بوعاء من السرية، وتحكمه العديد من التشابكات والتعقييدات التي تجعل مسألة وضعه في إطار القراءة المستقبلية لما سيكون عليه التنظيم خلال العقد المُقبل، "أمراً صعباً"، لكنه ضروري، لوضع تصورات شاملة حول سيناريوهات التحول.
عاد الملف المالي لجماعة الإخوان إلى الواجهة مع احتدام الصراع بين قيادات التنظيم في لندن وتركيا
وبحسب التقديرات فإنّ منظومة المال الإخواني تأثرت حتماً بالأزمة في ضوء التناحر من أجل حسم أدوات الصراع من جانب كل طرف ضد الآخر، وفي القلب منها الاقتصاد ويشمل استثمارات الجماعة ومصادر تمويلها، والإعلام بمختلف المؤسسات.
وتعتمد خريطة النشاط المالي للإخوان على محورين رئيسيين، الأول، هو مساهمات الأفراد (الاشتراكات والتبرعات)، والثاني، الاستثمارات وأموال التنظيم الدولي، بحسب الدكتور عبد الخالق فاروق، في كتابه "اقتصاديات الإخوان في مصر والعالم"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، في كانون الثاني (يناير) 2015.
صراع على مليار و700 مليون دولار
يقدر الكاتب المصري مختار نوح، المنشق عن جماعة الإخوان، مصادر التمويل بنحو مليار و700 مليون دولار، يحتدم الصراع فيما بينهم للسيطرة عليها وتوظيفها لخدمة أهداف كلا الطرفين المتصارعين.
اقرأ أيضاً: الجهاز السري لحركة النهضة يكشف أقنعة "الإرهاب الإخواني" في تونس
وبحسب حديث نوح في لقاء تلفزيوني، على قناة (تن) المصرية، "لا تحاول مجموعة الـ6 أن تطلع أحداً على مصروفاتها، كما أنها لا تحتفظ بدفاتر، ويسيطر أمين الصندوق على المصارف (يقصد مدحت الحداد)، مؤكداً أنّه ليس هناك لوائح أو شورة للإخوان، والخلاف الذي يحدث الآن هو خلاف الأقوى، حيث إنّ مجموعة الـ 6 هي أقوى باتصالها بالتنظيم السري، ومحمد عبد الوهاب كان نائب محمود عزت أثناء حبسه، وكان ينقل المعلومات من مصر إلى تركيا.
ويرجح نوح سيطرة مجموعة محمود حسين على مصادر تمويل الإخوان في ضوء الأزمة الراهنة، مدللاً على ذلك بأنّ الأسماء التي برزت خلال الفترة الماضية جميعها كان مسؤولاً عن إدارة الملف المالي في الإخوان لعدة عقود، وفي مقدمتها محمود حسين الذي شغل منصب أمين التنظيم لعشرات السنوات، وكان يتحكم (بطبيعة منصبه) في جزء كبير من الأموال الخاصة بالتنظيم تمويلاً وإنفاقاً.
أزمة متعددة الأوجه
يقول الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إنّ "جماعة الإخوان، مثل أي تنظيم إيديولوجي يرتبط نشاطها السياسي بمقدارتها المالية، ولا يمكن فصل المشروعين السياسي والاقتصادي عن بعضهما، وكذلك التأثيرات المتوقعة نتيجة الاضطراب أو الأزمات التي قد تلحق بأحدهما وتؤثر في الآخر بشكل مباشر".
اتهامات متبادلة من الطرفين بالفساد المالي والاستيلاء على أموال التنظيم للصالح الشخصي
ويقول محمد إنّ "الجماعة تعتمد على عدد من الأنشطة لتمويل نفسها، أبرزها الاستثمارات والعمل المصرفي وكذلك المؤسسات والجمعيات التابعة لها والتي تنتنشر في أوروبا بشكل كبير"، مشيراً في الوقت ذاته إلى "الإجراءات التي تتخذها عدة دول أوروبية في الوقت الراهن لتتبع مصادر تمويل الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، وفي القلب منها جماعة الإخوان، وإلى أنّ "هذا التضييق يؤثر بشكل على نشاط الإخوان ويعمق أزمة التمويل، وكذلك الصراع على الموارد المالية".
ويشير محمد إلى "التقارير الأمنية التي أوردت خطر انتشار الإخوان في عدة دول أوروبية، وتداعيات ذلك على نشاطهم الاقتصادي، وما سيتبعه من تضييقات ستؤثر بشكل رئيسي على تعمييق أزمة الإخوان فيما يتعلق بمصادر التمويل"، مرجّحاً أن تبحث الجماعة عن ملاذات جديدة آمنة للنشاط الاقتصادي بعيداً عن أوروبا.
من يدير منظومة الإخوان؟
وتحدثت مصادر مطلعة في وقت سابق، عن الآلية والأسماء المسؤولة عن إدارة الملف المالي في التنظيم في الوقت الراهن، أغلبها في أوروبا فضلاً عن بعض الدول الأفريقية، وقالت المصادر إنّ أبرز هذه الأسماء، القيادي بمجلس الشورى همام علي يوسف، المحسوب على جبهة محمود حسين في الوقت الحالي، الذي كان مسؤولاً عن تنسيق الاستثمارات بين عدد من رجال الأعمال المنتمين للتنظيم الدولي بين أوروبا وأفريقيا، عبد الرحمن الشواف، المقيم في إسطنبول وأحد مساعدي الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، فضلاً عن مجموعة من الاستثمارات يشرف عليها منير، وأخرى تحت عين حسين بشكل مباشر منذ احتدام الأزمة.
يقدر الكاتب مختار نوح المنشق عن الجماعة مصادر التمويل بـ1.7 مليار دولار يحتدم الصراع عليها
وبحسب المصادر، تحاول مجموعة منير السيطرة على كافة استثمارات الجماعة، ومعظمها في دول أفريقية مثل السودان والصومال، إضافة إلى المؤسسات المالية والتجارية المملوكة للإخوان في أوروبا، بغرض حسم الصراع لصالحها، خاصة أنّها بدأت فقدان السيطرة على الأمور بعد تولي مصطفى طلبة رئاسة اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام، وهو أحد أقطاب المال داخل التنظيم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الجماعة تعاني أزمة طاحنة على المستويين، السياسي والاقتصادي، بالتزامن مع السقوط المدوّي في مصر في أعقاب العام 2013، وما تبعه من سقوط عن الحكم في جميع الدول العربية التي وصلت فيها إلى الحكم، ومن ثم وضعها على قوائم الإرهاب في الدول العربية، وما نتج عن ذلك من إجراءات تتبع للنشاط ومحاصرة للتمويل على المستوى العربي والدولي.