نازحون سوريون يأملون العودة إلى بلدهم
ظلّ السوري محمد الوهبان (40 عاما) يعمل على ترميم بعض قطع الأثاث القديم داخل سيارة صغيرة في منطقة عين الرمانة بالعاصمة اللبنانية بيروت، حتّى يبيعها لاحقا لأحد تجّار البضائع المستعملة، وفكره منشغل بحلم العودة إلى بلاده.
كان الوهبان وشقيقه قد وجدا سبيلا لكسب العيش في مهنة جمع الأثاث والأجهزة المنزلية المستعملة وبيعها بعد النزوح من سوريا قبل 12 عاما، لكنّه ما زال يمنّي نفسه بالعودة إلى حضن الوطن، وبالتحديد مدينة إدلب الواقعة شمال سوريا بعد استقرار الأوضاع هناك.
قبل أن ينتقل إلى بيروت، عاش الوهبان 10 أعوام في محافظة عكار شمال لبنان، التي نزح إليها من قريته القريبة من جسر الشغور في إدلب بعد تدهور الأوضاع في ظلّ الاشتباكات بين الجيش السوري والجماعات المسلّحة في ذلك الوقت، وقال «ظننّا أنّنا سنعود إلى ديارنا بعد أسابيع قليلة، ولكننا تجاوزنا السنوات العشر».
أضاف «في لبنان، استقبلنا الناس وتلقّينا معاملة جيّدة، وهذا لا ينفي تعرّضنا لمضايقات، وخاصة في السنة الأخيرة، لكن مهما عشنا هنا، فلن نكون يوما من سكّان البلد.. .أنتظر أن تستقر الأوضاع في إدلب، حتّى أعود إلى مدينتي التي خرجت منها قبل 12 عاما».
الوهبان، أو أبو علي كما اعتاد سكّان المنطقة أن يسمّوه، قال في إنّ ما يشجّعه على العودة «هو الحديث عن مصالحة بين سوريا وتركيا قد تسهّل عودة المناطق الخاضعة لسيطرة المسلّحين المعارضين إلى سلطة الدولة السورية. لكنّ هذا ليس سهلا، فهناك ترتيبات أمنيّة، والأهم، هل ما زالت بيوتنا صالحة للسكن؟».
أملٌ مرهونٌ بالمصالحة
كانت الرئاسة التركيّة قد نقلت يوم الجمعة عن الرئيس رجب طيّب أردوغان قوله في معرض رده على أسئلة الصحفيين لدى عودته من زيارة إلى كازاخستان إنّ من الممكن أن توجّه بلاده دعوة مع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين إلى الرئيس السوريّ بشّار الأسد وإذا تمكّن بوتين من زيارة تركيا، فقد يكون هذا بداية لمرحلة جديدة.
واعتبر أردوغان أنّ «السنوات التي مرّت في سوريا أظهرت للجميع أنّه لابد من إيجاد آلية للحل الدائم، وأنه من الضروري لها (سوريا) أن تقف على قدميْها من جديد وتُنهي حالة عدم الاستقرار».
من جانبه، قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد خلال مؤتمر صحفيّ إنّ «الشرط الأساسيّ لأيّ حوار سوريّ تركيّ هو إعلان أنقرة استعدادها للانسحاب من الأراضي التي تحتلّها. نحن لا نتفاوض مع من يحتلّ أرضنا».
طرح تساؤلات
تلك التصريحات المتبادلة بين الدولتين، دفعت العديد من النازحين السوريين في لبنان، وخاصة القادمين من شمال سوريا، إلى طرح تساؤلات حول جديّتها، وهل ستكون الطريق ممهدة أمامهم للعودة، أم تبقى لديهم شكوك حول التعقيدات التي قد تصادفهم؟
مخاوف العودة
الناشط السياسيّ السوري عديّ الرشيد، الذي يقيم في منطقة البقاع شرقي لبنان، قال بدوره إنه يعيش حالة إحباط «نتيجة لتبدّل مواقف الدول تجاه الرئيس السوري بشار الأسد وإعادة فتح سفاراتها والتواصل مع الحكومة في دمشق».
ويرى الرشيد أنّ النظام السوريّ لن يسهّل عودة البعض!وستكون هناك ملاحقات أمنيّة لمن ثبُتَت مشاركته بالمظاهرات ضده" ولذلك فهو لا يرغب في العودة إلى سوريا.
أضاف «نحن في لبنان وشعرنا بالخوف، فكيف بمن يعيشون في القرى الإدلبيّة وشمال محافظة حلب.. .بحال سارت أمور المصالحة، فسيتم إغلاق كافّة المنظّمات والجمعيّات السوريّة في تركيا، والأهمّ ما سنراه بالنسبة للوسائل الإعلامية التي موّلتها جهاتٌ تركية، وكل موظفيها من السوريين، فقد تكون أمام قرار الإغلاق أو تغيير سياستها التحريريّة».
مصالح مشتركة
الكردي السوري ريان شيخاني (45 عاما) يخشى أن يكون التقارب التركيّ السوريّ على حساب الأكراد في شمال سوريا.
وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ الأكراد «سيكونون هدفا مشتركا بالنسبة للدولتيْن، فليس من مصلحتهما أن تؤسّس إدارة حكم ذاتيّ تُشبه إقليم كردستان العراق».
ويرى شيخاني أنّ عودة الأكراد السوريّين إلى بلدهم تتطلب «ترتيبات وتسهيلات تُبعدنا عن المضايقات الأمنيّة، ولا تضعنا جميعا في قالب اتهاميّ واحد، فالعديد من العائلات لم تكُن لها علاقة بالأحداث التي جرت شمالا في الحسكة من مظاهرات ومواجهات مسلّحة».
وشنّت تركيا عام 2016 عمليّات عسكريّة مع فصائل سوريّة موالية لها، مستهدفة مناطق وجود المقاتلين الأكراد في مدن مثل جرابلس وعفرين ورأس العين والباب، وفرضت سيطرتها عليها، فيما بقي الأكراد محافظين على سيطرتهم في شرق سوريا.
اقرأ المزيد
السعودية تسعى إلى تحالف دفاعي لمواجهة التهديدات الإيرانيةالفرنسيون يتوافدون للتصويت في الانتخابات التشريعيةبوساطة عمانية.. انفراجة مهمة في مفاوضات الحوثي على إطلاق محمد قحطان