جولة جديدة في مفاوضات «صفقة الأسرى»
دخلت المقاومة الفلسطينية حماس وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في جدولة جديدة في قطار المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وسط غموض يكتنف النتائج الممكن تحقيقها في ظل أجواء تشاؤمية تسود إسرائيل.
وأعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء أمس الأحد عدة مبادئ وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها في أي صفقة مع حركة حماس. لكن المعارضة رأت في هذه الخطوط والاشتراطات سلسلة تعقيدات أمام فرص إنجاز الصفقة.
وسارع نتنياهو إلى الإعلان عن هذه الشروط قبل لحظات من اجتماعه مع وزير الدفاع يوآف غالانت وكبار قادة المؤسسة الأمنية، وهو ما اعتبره مراقبون إسرائيليون بمثابة انفراد بحسم الأمور حتى قبل نقاشها مع الأجهزة الأمنية.
وجاء في البيان الذي أصدره مكتب نتنياهو «موقف رئيس الوزراء الحازم ضد محاولة وقف عملية الجيش الإسرائيلي في رفح هو الذي دفع حماس إلى الدخول في المفاوضات، ورئيس الوزراء يواصل تمسكه بحزم بالمبادئ التي اتفقت عليها إسرائيل بالفعل لإنجاز الصفقة».
3 مبادئ رئيسية
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فقد وضع نتنياهو 3 مبادئ رئيسية لا يمكن التخلي عنها في المفاوضات التي ستنطلق في العاصمة القطرية الدوحة يوم الأربعاء المقبل.
المبدأ الأول هو أن يسمح أي اتفاق للاحتلال بالعودة للقتال إلى أن تتحقق أهداف الحرب كلها، والمبدأ الثاني هو الحصول على ضمانات بعدم السماح بتهريب أسلحة إلى حماس عبر الحدود المصرية مع غزة، أما المبدأ الثالث فهو منع عودة المسلحين إلى شمال القطاع.
وقال مكتب نتنياهو «الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها بالنسبة لإسرائيل وحصلت على مباركة الرئيس الأميركي جو بايدن ستسمح لإسرائيل بإعادة المختطفين دون الإضرار بأهداف الحرب الأخرى».
سيل من الانتقادات
قوبلت خطوط نتنياهو الحمراء بالعديد من الانتقادات في إسرائيل واعتبرها البعض «استفزازا».
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد في تغريدة على منصة «X»"لديَّ سؤال واحد ردا على رسالة مكتب رئيس الوزراء: نحن في لحظة حرجة من المفاوضات حياة المختطفين متوقفة عليها، لماذا تصدر مثل هذه الرسائل الاستفزازية؟".
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية في تقرير لها يوم الاثنين أن قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية شعروا «بالصدمة» من الشروط التي طرحها نتنياهو للمضي قدما في صفقة تبادل المحتجزين، وعبَّروا عن موقفهم هذا خلال مناقشة أمنية جرت مساء أمس في مكتب رئيس الوزراء.
ونقلت الهيئة عن مصادر شاركت في الاجتماع قولها إن بعض الحاضرين انتقدوا إعلان مكتب نتنياهو عن الشروط حتى قبل الجلسة المقررة لهم. وأثارت مصادر في المؤسسة الأمنية مخاوف من أن يمتنع رئيس الحكومة عن المضي قدما في الصفقة بسبب الخوف من حل حكومته.
وتساءل كبار المسؤولين المشاركين في المفاوضات، بحسب هيئة البث الإسرائيلية، عن سبب إصرار نتنياهو على عدم استمرار وقف إطلاق النار المؤقت، كما اقترح الرئيس الأميركي بايدن، إلى حين توصل الأطراف إلى اتفاقات دائمة.
وقال مسؤول كبير في المؤسسة الأمنية «نتنياهو يتظاهر بأنه يريد الصفقة، لكنه يعمل على نسفها. إنه يطيل العملية ويحاول الوصول إلى خطاب في الكونغرس ويريد استغلال الوقت لا أكثر».
وأضاف «المناقشات ليست منظمة حول هذا الأمر، بل هناك تشويه للمواقف وهناك مبالغة فيها».
وانتقد مصدر مطلع على التفاصيل نتنياهو قائلا «لماذا يصدر هذا الإعلان قبيل مغادرة الوفد مباشرة؟ ولماذا التأكيد على الثغرات؟». في حين قال مسؤول إسرائيلي كبير آخر «لا سبيل للتوقيع على صفقة دون عصا غليظة تمكّن من الضغط على حماس».
ويحضر القمة التي ستعقد في الدوحة يوم الأربعاء مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية بيل بيرنز ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل ورئيس الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) دافيد بارنياع، إلى جانب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وزار بارنياع الدوحة نهاية الأسبوع الماضي، حيث أجرى مباحثات أولية سعيا لاستئناف المفاوضات المكثفة مع حماس.
المستقبل السياسي
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن كل ما يهم نتنياهو في المرحلة الحالية هو مستقبله السياسي والشخصي، ومن ثم فإن أي خطوة للأمام في صفقة تبادل المحتجزين ستخضع لهذا المقياس.
وأضاف «كل ما يريده نتنياهو هو البقاء في الحكم لأنه يعلم أنه في اليوم الذي سيترك فيه رئاسة الوزراء سيتوجه مباشرة إلى لجان التحقيق، لذلك يتحجج بأن لديه متطرفين في الحكومة لا يقبلون بصفقة تتنازل عن أهداف الحرب».
وقال ياغي إن مقترح بايدن هو مقترح إسرائيلي بالأساس، مضيفا«هناك من قال إن نتنياهو نفسه هو من وضع المقترح بخط يده واليوم يتهرب منه».
ومضى قائلا إن حركة حماس في ردها الأخير سحبت مطلبها بوقف إطلاق دائم للنار في المرحلة الأولى من المفاوضات ونقلته إلى المرحلة التالية ووضعت مطالبة محددة بأن تكون هناك ضمانات أميركية وقطرية ومصرية بألا تقطع إسرائيل المفاوضات وتستأنف القتال، وهذا اعترض عليه نتنياهو الآن من جديد.
تهديدات بن غفير
ويعتقد المحلل السياسي أن تهديدات وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش بحل الحكومة إذا ما تمت الموافقة على التنازل عن أي من أهداف الحرب كاملة هي خطوة منسقة مع نتنياهو نفسه.
وأضاف «كل ما يجري هو بتوافق بين الثلاثة لأن نتنياهو نفسه لا يريد الذهاب إلى صفقة تؤدي في النهاية إلى انتخابات مبكرة، وهذا قاله رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت حينما أكد أن نتنياهو لا يريد إبرام صفقة تؤدي لانتحاره السياسي».
وتوجه الاثنين رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) مع وفد إسرائيلي إلى القاهرة لمواصلة المحادثات المتعلقة بمحاولة الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
اقرأ المزيد
بخور اليمن يتحدى رائحة «بارود الحرب»