«حيوانات نادرة» تهجر السودان هربا من نيران الحرب

«حيوانات نادرة» تهجر السودان هربا من نيران الحرب
أسد في السودان.أرشيفية
القاهرة: «خليجيون»

أبدى خبراء مخاوفهم من فقدان حيوانات نادرة في محمية الدندر الطبيعية، مع توسع المعارك بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع باتجاه ولاية سنار في جنوب شرق البلاد والقضارف إلى الشرق وتخوم ولاية النيل الأزرق في أقصى الجنوب الشرقي.

وقال مدير حديقة السودان للحياة البرية، عثمان صالح، إن المحمية التي تقع على مساحة 10292 كيلومترا مربعا وتمتد بين ولايات سنار والقضارف والنيل الأزرق وصولا إلى الحدود مع إثيوبيا، تضم ثلاثة نظم بيئية مختلفة وتؤوي 27 من أنواع الثدييات الكبيرة و23 نوعا من السمك وأكثر من 100 نوع من الطيور وعشرات الزواحف والبرمائيات، حسب وكالة أنباء العالم العربي.

وأضاف صالح أن الأخبار الواردة من المدن المحيطة بمحمية الدندر، في ولايات سنار والقضارف والنيل الأزرق، «مزعجة جدا» وهذه كارثة كبيرة يمكن أن تحدث للمحمية وستؤثر كثيرا على البلد فيما يخص الحياة البرية.

وأوضح أن المحمية منذ أن تأسست في عام 1935 حتى سبعينات القرن الماضي كانت مزدهرة، ومنذ ذلك الوقت حدثت حروب كثيرة في السودان، جنوبا قبل الانفصال وغربا وفي الوسط أثرت على المحمية والحيوانات بطريقة مباشرة وغير مباشرة. فمثلا حروب الجنوب أدت إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان إلى مناطق حول المحمية، وهذا أدى إلى تقلص مساحتها فضلا عن أنشطة السكان الأخرى مثل الزراعة والرعي، وكثيرا ما تحدث مواجهات بين السكان والحيوانات داخل المحمية، بحسب صالح.

وقال إن سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الدندر بولاية سنار قد تؤدي إلى مشاكل كثيرة، منها الصيد الجائر مع غياب السلطات المنوط بها حماية الحياة البرية وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تقلص أعداد الحيوانات وربما انقراضها.

كانت ميليشيا الدعم السريع قد سيطرت على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، بما في ذلك مقرّ رئاسة الحكومة وقيادة الجيش بالولاية، بعد أن توغّلت إلى منطقة جبل موية الاستراتيجية، التي تربط مدن كوستي وربك بولاية النيل الأبيض والمناقل، آخر معاقل الجيش بولاية الجزيرة وسط السودان.

وذكرت قوّات الدعم السريع أيضا يوم الجمعة أنّها حققت "انتصارا كاسحا" على الجيش والحركات المسلّحة المتحالفة معه بسيطرتها على منطقة الدندر الاستراتيجية بشرق ولاية سنار.

هجرة الحيوانات

وقال صالح إن أصوات الذخيرة والمدفعية تؤثر على سلوكيات الحيوانات وتدفعها للهجرة من مناطقها الطبيعية إلى مناطق أكثر أمانا، وقد تدفعها للتصرف بشكل غير طبيعي وربما يقلل من تكاثرها.

وحذر مدير حديقة السودان للحياة البرية من أن وصول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع بالقرب من محمية الدندر قد يدمر البنية التحتية التي تقود إلى المحمية مثل الطرق والمباني المخصصة لحماية الحياة البرية والمرافق السياحية المجاورة.

وأضاف "هذه الحرب ستؤثر على كل النظام البيئي هناك وسنفقد حيوانات كثيرة، وخلال الحروب السابقة فقدنا الكثير من الحيوانات الكبيرة مثل الفيلة والزرافات التي هاجرت إلى المحمية المتصلة بالدندر في إثيوبيا، ونفس الشيء حدث بمحمية الردوم بغرب البلاد والتي تعرضت للصيد الجائر وقطع الأشجار في أعقاب الصراعات.

وتوقع صالح أن يؤول الوضع في الدندر لما آلت إليه محمية الردوم لأنها غنية بالأشجار، مضيفا أنه مع غياب الأمن سيستغل البعض الفرصة للصيد الجائر وقطع الأشجار، ومشددا على ضرورة الانتباه لهذه الثروات الكبيرة.

وأشار الباحث في شؤون البيئة محمد أحمد محمد، إلى أن المحمية تواجه كارثة كبيرة بعد انتقال المعارك إلى داخل مدينة الدندر بشرق سنار، وتمدد ألسنتها إلى ولاية القضارف المجاورة، وهما الولايتان المتاخمتان للمحمية بالإضافة إلى ولاية النيل الأزرق.

ضعف الوعي البيئي

وأضاف الباحث في شؤون البيئةأن ضعف الوعي البيئي لدى الكثيرين «ساهم في وقوع انتهاكات» للمحمية من قطع جائر للأشجار وتوسيع الزراعة الآلية مع ممارسة الصيد الجائر، كما أشار إلى ضعف السياسات والحماية القانونية المعنية بالحياة البرية والذي ساعد في تدفق المواطنين الفارين من موجات التصحر والجفاف في ستينات القرن الماضي للاستيطان حولها في أكثر من أربعين قرية، تعيش على موارد المحمية وتساهم في استنزافها.

وقال إن «الفحامة والحطابة والسعافة» (المجموعات التي تقوم بقطع الأشجار للحصول على الفحم والحطب والسعف) يمارسون الانتهاكات الأكثر تأثيراً، بالإضافة إلى (العسالة) الذي يشعلون النار لطرد النحل وحصد خلاياه، كما تقتحم بعض القبائل القديمة في تلك المناطق المحمية على نحو مستمر بماشيتهم للرعي والصيد.

تحذير

وحذر محمد من أن دوي المدافع والانفجارات بمدينة الدندر هذه الأيام يدفع الحيوانات للهرب نحو إثيوبيا في هجرة قسرية لا تحمل أي ضمانات للنجاة، مما قد يتسبب في نفوقها أو مرضها، واصفا الحال بأنه كارثة لا يمكن التنبؤ فيها بمصير المحمية.

وأشار الخبير البيئي أحمد قسومة، إلى أن محمية الدندر كانت تعاني أصلا من الانتهاكات قبل الحرب، مضيفا أن ما قد يحدث لها بعد هذه المعارك التي تدور في سنار وتخوم ولايتي القضارف والنيل الأزرق قد يقضي عليها.

وأضاف أن الانتهاكات السابقة كانت عبارة عن صراع موارد بين المشاريع القومية والولايات الثلاث التي تقع بها المحمية، معتبرا أن ذلك هو السبب وراء تدهورها ومشيرا إلى تعديات كبيرة على أراضي المحمية في ولاية النيل الأزرق وتحويلها لمشاريع زراعية.

وذكر أن القوانين التي تحمي المحميات الطبيعية ضعيفة وبها ثغرات، ويمكن أن تجعل ولاية الحكومة المركزية على المحمية ضعيفة وتمهد للتغول عليها بقوانين الولايات.

اقرأ المزيد

أرقام تكشف مغامرات سعودية في «التمويل الجرئ»

ما تأثير إعصار بيريل على أسعار النفط العالمية؟

الراية البيضاء لا تشفع.. «طائرة انتحارية» حولت حياة عائلة فلسطينية إلى سرادق عزاء

أهم الأخبار