حملة إلكترونية مؤيدة لإسرائيل ضد قطر.. إليك القصة
شاركت مواقع إلكترونية مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي في حملة على نطاق دولي تهدف إلى تشويه صورة قطر، و تدعو إلى مقاطعة الدولة الخليجية ولوحة إعلانية في ساحة تايمز سكوير الشهيرة في نيويورك تنتقد قادة قطر ومئات الإعلانات التي تعتبر «تشهيرية» عبر منصة «فيسبوك» صادرة عن شبكة مع تشعبات فيتنامية.
بدأت هذه العملية في نهاية العام 2023 وتشمل دولا عدة، وهي الأكبر ضد البلد الخليجي الثري، بحسب باحثين في التضليل الإعلامي، وتتواصل مع استمرار الحرب منذ تسعة أشهر بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة، حسب وكالة أنباء فرانس برس.
رهاب المسلمين والمهاجرين
وتتطرّق الحملة إلى مواضيع تتعلّق برهاب المسلمين والمهاجرين، وتتضمّن إحداها دعاية معادية لقطر نُشرت في الولايات المتحدة خلال اجتماع لناشطين وسياسيين محافظين شارك فيه دونالد ترامب فضلا عن عريضة إلكترونية عبر موقع Change.org منسوبة إلى شخص ومنظمة وهميين.
الحملات الإلكترونية وغير الإلكترونية التي تتّسم، بحسب باحثين، بنقاط مشتركة على صعيد النشر والرعاية الإعلانية والمضيف الإلكتروني، تظهر السهولة التي يمكن فيها تشويه سمعة شخص أو صورة بلد برمته في زمن التضليل الاعلامي من دون أن يتعرض المرتكب الفعلي لأي خطر أو ملاحقة.
وفي إطار البحث عن نقاط شبه بين الهجمات المختلفة، اكتشف باحثون ووكالة فرانس برس مجموعة كبيرة من الأشخاص بينهم قرصان معلوماتية فيتنامي ومدرّسة مؤثّرة مرورا برجل دين مسيحي في الولايات المتحدة يعملون كلهم على ما هو ظاهر، على إخفاء الخيوط المؤدية إلى العقل المدبر للعملية.
مضرّة وخطرة
ويبدو أن هذه الحملات تهدف إلى تعزيز مشاعر التشكيك حيال قطر، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال السنة الراهنة التي تشهد انتخابات كثيرة تنطوي على رهانات كبيرة.
والهدف الظاهر هو جعل «أي علاقة مؤسساتية مع قطر مضرّة وخطرة»، على ما يقول الباحث في لندن سوهان دسوزا الذي كان يعمل سابقا لحساب مركز الأبحاث الأميركي «أم آي تي ميديا لاب».
ويضيف دسوزا «أن الهدف هو جعل إدارة النزاع الحالي في الشرق الأوسط أكثر صعوبة من خلال الضغط على قطر»، الوسيط بين إسرائيل وحماس.
ومن بين المواقع الإلكترونية الجديدة التي هاجمت قطر في الأشهر الأخيرة “Shame on Qatar” (العار لقطر) المتوافر بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية والذي يتّهم الدولة الخليجية بتمويل إرهابيين ويدعو إلى مقاطعة المؤسسات التي تشرف عليها مثل متاجر «هارودز» الشهيرة في لندن ونادي “باريس سان جيرمان” الفرنسي لكرة القدم وفندق “نيويورك بلازا”.
وظهر هذا الموقع في إعلان خلال مؤتمر التحرّك السياسي المحافظ Conservative Political Action Conference (CPAC) في فبراير الذي تكلّم خلاله ترامب. ودعا الإعلان إلى فرض عقوبات على قطر، معتبرا أنها تشكّل تهديدا أمنيا.
ورفض المؤتمر الكشف لوكالة فرانس برس عن الطرف الذي وضع الإعلان.
موقع إلكتروني مناهض
وثمة موقع إلكتروني آخر مناهض لقطر يحمل اسم «إتز إن يور هاندز» (It’s in your hands) الذي ينتقد الشيخة موزة، زوجة أمير قطر السابق ووالدة الأمير الحالي، متهما بلدها بدعم إرهابيين.
وتتعرّض الشيخة موزة لانتقادات لفشلها في تحرير الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، مع أنها لا تضطلع بأي دور رسمي في جهود الوساطة التي تبذلها قطر.
وظهر شعار هذا الموقع الإلكتروني أيضا في فبراير خلال إعلان يستهدف الشيخة موزة بثّ في تايمز سكوير في نيويورك.
وتعود ملكية اللوحة التي بثّ عليها الإعلان لشركة الإعلانات الأميركية العملاقة «آوت فرانت ميديا»، وفق تحاليل اعتمدت على مصادر مفتوحة قام بها سوهان دسوزا ومارك أوين جونز الباحث في التضليل الإعلامي ومقرّه في قطر.
ولم ترد «آوت فرانت ميديا» على أسئلة وكالة فرانس برس بشأن هوية راعي هذه الدعاية.
عريضة مزيفة
ويحيل موقع “إتز إن يور هاندز” أيضا إلى عريضة على موقع Change.org تستهدف والدة أمير قطر. وأطلق العريضة شخص قيل إنه يدعى “جون أندرسون” وقدّم على أنه رئيس منظمة تدعى “سيتيزنس أوف هيومان لايفز” (Citizens of Human Lives).
ويفيد الباحثان بأن الرجل والمنظمة التي تقف وراء العريضة التي وقعها آلاف الأشخاص، لا وجود لهما بتاتا.
في مطلع السنة، نشرت المدرّسة الأميركية كاترينا لانتوس سويت عبر منصة «إكس» صورة لها تحمل فيها لافتة لحملة مماثلة مناهضة للشيخة موزة خلال قمة حول الحرية الدينية في واشنطن إلى جانب العريضة المزيفة.
وقالت متحدثة باسم لانتوس سويت لوكالة فرانس برس إن مسؤولا إنجيليا أميركيا يدعى جوني مور، وهو رجل أعمال ومدافع عن إسرائيل، طلب من المدرّسة الترويج للافتة.
وأضافت «لا نعرف من نظّم هذه الحملة وكاترينا ليست على ارتباط بها بأي شكل من الأشكال».
غير مسبوق
وتجهد قطر التي تستضيف القيادة السياسية لحركة حماس منذ العام 2012، للدفاع عن نفسها بعد انتقادات طالتها في ظل المباحثات التي تجريها من أجل التوصل إلى هدنة في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين فيه.
إلا أن نطاق الحملات الدولية التي تواجهها غير مسبوق، على ما يفيد الباحثون.
وكشف هؤلاء أنه في إطار عملية واسعة عبر «فيسبوك» التي تملكها مجموعة «ميتا»، استُخدمت آلاف الصفحات لتمرير أكثر من 900 إعلان مناهض لقطر يدعو الكثير منها إلى عزل قطر سياسيا ويتهمها بإذكاء هجرة المسلمين باتجاه أوروبا والترويح للإرهاب.
وكانت الحملة نشطة أيضا عبر منصات إكس» و«تيك توك» و«يوتيوب» فضلا عن «ويكيميديا».
وإزاء ذلك، تحرّكت «ميتا» وخلصت إلى أن هذه التحرّكات المنسّقة مصدرها فيتنام.
وقالت مديرة الشؤون العامة في «ميتا» مارغريتا فرانكلين «لقد حدّدنا هذه الشبكة وألغيناها قبل حوالى شهرين»، مضيفة أن خلاصات الشركة ستنشر في تقريرها الفصلي حول التهديدات في أغسطس.
وقالت «عطّلنا أيضا روابط تحيل على مواقع إلكترونية وحسابات إلكترونية لهذه الحملة حتى لا يتمّ تشاركها عبر منصتنا».
وسيط
لكن في مؤشر إلى أن الحملة لم تضعف، لا تزال هذه الإعلانات تصل إلى ما لا يقل عن 41 مليون شخص، على ما أفاد مارك أوين جونز وسوهان دسوزا اللذان أشارا إلى بيانات مصدرها مكتبة الإعلانات في “فيسبوك”.
وكلّفت هذه الإعلانات الواردة بلغات عدة بينها الانكليزية والفرنسية والعربية، 270 ألف دولار، وفق تقدير حذر للباحثين.
وتشكّل فيتنام سوقا سوداء معروفة لتبادل حسابات «فيسبوك» مقرصنة من أجل نشر إعلانات، لكن الباحثين شدّدا على أن فيتنام ليست مصدر الحملة المناهضة لقطر.