خليجيون| هل يتجدد طموح انضمام العراق إلى مجلس التعاون؟
تباينت تقديرات محللين سياسيين بشأن إحياء طموح إنضمام العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا بعد تصريحات صدرت مؤخرا عن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي بشأن استقرار العراق.
ويرى مراقبون أن العراق تمتلك استراتيجية اقتصادية وتاريخية تتيح لها فرصة الانضمام والتكامل اقتصاديا مع دول الجوار وبعض الدول الأوروبية، في حين يعتبر أخرون أن علاقات العراق السياسية قد تحول دون ذلك، وأن دعم الاستقرار والأمن العراقي يمثل دعم لوجيستي لدول مجلس التعاون، ولكنه ليس السبب الكافي خاصة في ظل تحفظات دول المجلس على بعض السياسات.
ويوم الأحد الماضي، جدد البديوي، خلال استقباله وفد برلماني عراقي تأكيده على متانة العلاقة الأخوية بين دول المجلس والعراق، مشددا «أهمية استقرار العراق والحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه وسيادته الكاملة وهويته العربية ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية».
جاء ذلك بعد أيام من توقيع هيئة الربط الكهربائي الخليجي والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، اتفاقية التمويل الثانية لتطوير وتعزيز مشروع منظومة الربط الكهربائي الخليجي والربط بشبكة جنوب العراق، بقيمة 35 مليون دينار
ويرى الدكتور غازي السكوتي، الباحث السياسي ومدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية «أن مشروع انضمام العراق إلى مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي، خطوة مهمة اقتصاديًا وسياسيًا».
ويضيف غازي في تصريح إلى «خليجيون» أن «دول مجلس التعاون حققت نجاحات مهمة منذ الثمانينات حتى يومنا هذا في مجالات التنسيق والشراكة الاقتصادية والتكامل فيما بين البلدان، إضافة إلى تنسيق تأشيرات الدخول وحرية الإنتقال بين بلدان الخليج».
وبشأن التكامل الاقتصادي يقول الباحث العراقي «أن العراق يعد جغرافيًا وتاريخيًا واحد من بلدان الخليج العربي المهم للغاية على صعيد التكامل الاقتصادي».
ويردف «إذا ذهبنا إلى مجال التكامل في مجال الثروات النفطية والغاز والمعادن، يوجد في العراق أكثر من 20 تريوليون دولار احتياطيًا من الثروات المعدنية، وكل هذه الثروات إضافة إلى الأرض الزراعية والمياه بإمكانها أن تشكل تكامل فريد من نوعه مع بلدان الخليج العربي وتكوين فضاء اقليمي مهم جدًا».
ميناء الفاو وأهمية استراتيجية العراق بين الدول الأوروبية
يشير الباحث السياسي إلى «إمكانية ربط دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية عبر ميناء «الفاو» وطريق التنمية الاستراتيجي في تركيا ثم الدول الأوروبية عبر بحر «ايجا»، والعكس صحيح من العراق إلى دول الخليج العربي اتجاه المحيط الهندي والهند».
وبحسب تصريحات الحكومة العراقية «سيتضمن المشروع، إضافة إلى الميناء، طرقا سريعة وسكك حديد وخطوطا لنقل الطاقة تمتد من أقصى الجنوب العراقي وصولا إلى الحدود العراقية التركية في فيشخابور، بتكلفة تبلغ 17 مليار دولار، على أن يتم إنجاز المشروع على ثلاث مراحل تنتهي الأولى عام 2028، والثانية عام 2033، والثالثة عام 2050» وذلك وفق تقرير نشرته «بي بي سي» عربية.
ويعتبر ميناء «الفاو الكبير» واحداً من أكبر الموانئ المطلة على الخليج العربي والعاشرعلى مستوى العالم، تقدر طاقة الميناء المخطط إنشاؤه 99 مليون طن سنوياً.
ويرى الباحث العراقي «أن انضمام العراق كمشروع استراتيجي إلى مجموعة بلدان دول مجلس التعاون الاقتصادي يشكل أهمية للتكامل والتفاعل وتبادل المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية بين هذه المجموعة».
جهود الولايات المتحدة الأميركية
ويعتقد «غازي» «أن هناك جهود وإشارات مهمة من قبل الولايات المتحدة الأميركية بشأن ربط العراق كهربائيا مع بلدان الخليج، وأن ذلك الإجراء يُشكل رابط حيوي للاقتصاد بين الخليج والعراق».
ويقول أن«الولايات المتحدة الأميركية تعمل على تحقيق تكامل بين الاقتصاد العراقي واقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى دول عربية أخرى حتى يحدث تكامل وتعاون وانفتاح مع النظام الاقتصادي الدولي، ويُحقق مبدأ العولمة الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، وأيضا المصالح المتبادلة».
توجس من الاستراتيجيات السياسية للعراق
لكن مخاوف سياسية تلوح في الأفق بشأن انضمام العراق إلى الكيان الخليجي، حسب محللين.
وفي السياق، يقول الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، «إنه في ظل العلاقات الخاصة بين العراق وإيران وانتشار الميلشيات الإيرانية في الداخل العراقي، وعدم سيطرة الحكومة المركزية عليها، يعتبر انضمام العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي صعب للغاية».
ويؤكد «غباشي» في تصريح إلى «خليجيون» «أن الارتباط الوثيق بين العراق وإيران أمر مزعج لدول مجلس التعاون الخليجي بالمجمل». ويضيف «أن بعض دول التعاون الخليجي لها علاقات بإيران على سبيل المثال دولة قطر وسلطنة عمان، والكويت علاقتها غير متوترة، والممكلة العربية السعودية صححت علاقتها السياسية والاقتصادية، ولكن يظل هناك توجس من استراتيجية العلاقة بين إيران والعراق، وبين العراق وسوريا، وذلك أمر صعب على مجلس التعاون الخليجي أن يتقبله».
استقلال العراق دون الإرتباط بإي قوة اقليمية
ويعتبر الباحث المصري أن «تصريحات مجلس التعاون الخليجي بشأن دعم العراق يُعد شكل من أشكال الدعم أو التلويح إنه ربما استقلالية العراق واعتماده على نفسه دون الإرتباط بإي قوة اقليمية أو أجنبية قد يعول عليه أن يُضم إلى اعضاء مجلس التعاون». ويفيد إنه «في حالة استمرار هذا الارتباط الإيراني وتبعياته وسوف يكون التلويح بإنضمام العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي عليه تحفظات كثيرة مستقبلا».
أقرأ المزيد
ما وراء لقاء آبي أحمد و البرهان في السودان؟