أوروبا تتجه يسارا.. ماذا عن البيت الأبيض؟
انتهت الانتخابات التشريعية الأوروبية الأخيرة في المملكة المتحدة وفرنسا بتحول مفاجئ نحو اليسار وتخلي عن اليمين، والذي كان لأسابيع خلت يظهر القوة.
التحول نحو اليسار بدأ في ألمانيا منذ فترة، ولكنه يتواصل ببطء كالقاتل الصامت في ظل أنظمة سياسية يمنية استمرت في حكم أوروبا طوال العقد الماضي. وبالرغم من أني شخصيا أعزي النتائج إلى تعثر أداء اليمين وليس إلى شعبية اليسار، إلا أن هناك عوامل فرضها الواقع لهذا التحول وأناقشها أدناه.
يمكن أن يُعزى التحول نحو اليسار في الانتخابات الأخيرة في المملكة المتحدة وفرنسا إلى عدة عوامل:
المملكة المتحدة
عدم المساواة الاقتصادية وتدابير التقشف
شعر العديد من الناخبين بالإحباط بسبب تزايد عدم المساواة الاقتصادية وتأثيرات تدابير التقشف المطولة التي فرضتها الحكومات المحافظة. وكثيراً ما أدت هذه التدابير إلى خفض الخدمات العامة وبرامج الرعاية الاجتماعية، مما تسبب في معاناة المواطنين من ذوي الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة.
الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية
واجهت الخدمة الصحية الوطنية وغيرها من الخدمات العامة ضغوطًا كبيرة ونقصًا في التمويل. واستفادت الأحزاب اليسارية من المشاعر العامة من خلال الوعد بزيادة الاستثمار في هذه المجالات الحيوية.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
أدت التعقيدات والتحديات التي يفرضها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى الإرهاق السياسي وخيبة الأمل في الأحزاب اليمينية التقليدية التي دافعت عن القضية. لقد قدم اليسار نفسه على أنه يقدم نهجا جديدا للتعامل مع قضايا ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي أتوقع شخصيا بأن ينتهي لطلب بريطانيا الانضمام مجددا إلى نفس الاتحاد إذا لم يسقط الاتحاد نفسه.
إشراك الشباب
أصبح الناخبون الشباب، الذين من المرجح أن يميلوا إلى اليسار في القضايا الاجتماعية، أكثر انخراطا في السياسة. إنهم قلقون بشأن قضايا مثل تغير المناخ، والقدرة على تحمل تكاليف السكن، والأمن الوظيفي.
فرنسا
عدم المساواة الاقتصادية
كما هو الحال في المملكة المتحدة، كان التفاوت الاقتصادي قوة دافعة. وسلطت حركة "السترات الصفراء" الضوء على الاستياء الواسع النطاق من الوضع الراهن، خاصة بين سكان الريف والطبقة العاملة.
القضايا الاجتماعية:
كان لقضايا مثل حقوق العمال، والعدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية صدى لدى الناخبين، وخاصة بين الناخبين الشباب وسكان المناطق الحضرية.
استياء الحكومة
كان هناك استياء كبير من الحكم الوسطي واليميني، الذي يُنظر إليه على أنه يحابي الأثرياء ويفشل في تلبية احتياجات المواطن العادي. كما ساهمت الفضائح والسياسات غير الفعالة في خيبة الأمل هذه.
تغير المناخ
دفعت الحاجة الملحة لمعالجة تغير المناخ العديد من الناخبين نحو الأحزاب التي تعطي الأولوية للسياسات البيئية، والتي غالبًا ما تكون ذات ميول يسارية.
التأثير المحتمل على الانتخابات الأميركية
في حين أن الاتجاهات السياسية في بلد ما لا تترجم مباشرة إلى بلد آخر، إلا أنه يمكن أن تكون هناك بعض التأثيرات:
القضايا الاقتصادية: إن عدم المساواة الاقتصادية والمخاوف بشأن الرعاية الاجتماعية بارزة أيضًا في الولايات المتحدة. وإذا نجحت الأحزاب اليسارية في المملكة المتحدة وفرنسا في معالجة هذه القضايا بنجاح، فقد يلهم ذلك حركات مماثلة في الولايات المتحدة.
تصويت الشباب: يمكن أن تعكس المشاركة السياسية المتزايدة للناخبين الأصغر سنا في أوروبا اتجاها مماثلا في الولايات المتحدة، حيث تشعر الأجيال الشابة بالقلق إزاء تغير المناخ، والعدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية.
الحركات العالمية: تتمتع حركات مثل Black Lives Matter والنشاط المناخي بامتداد عالمي. إن النجاحات التي تحققت في أوروبا من الممكن أن تحفز الناشطين الأميركيين وتوفر لهم مخططاً أساسياً.
خيبة الأمل السياسية: يمكن أن يؤدي تزايد الاستياء من النظام السياسي الحالي والفشل الملحوظ للسياسات الوسطية أو اليمينية إلى دفع الناخبين نحو مرشحين أكثر تقدمية في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أن المشهد السياسي في المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة متميز، مع وجود اختلافات ثقافية وتاريخية ومؤسسية فريدة من نوعها تشكل سلوك الناخبين. وبالتالي، فرغم أنه قد يكون هناك بعض التأثير، فإن التأثير المباشر على الانتخابات الأمريكية سوف يعتمد على عوامل محلية مختلفة.
السؤال الان هل يستطيع اليسار المحافظة هل هذا الزخم في ظل اوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة ليس لها علاقة بشكل كبير بالآليات الداخلية في الغرب بقدر ما لها علاقة بالفشل الأوربي مقابل المنافسة الآسيوية، سيكون على اليسار معالجات عميقة في صلب النظام الاقتصادي ليصل إلى استعادة كسب المزايا التنافسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ