«مقتنيات النبيّ» تثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي
تداول رواد ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات عن مقتنيات وآثار منسوبة للنبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم.
ويتعمد مروّجو الأخبار المضلّلة إلى استغلال المشاعر، وعلى رأسها المشاعر الإيمانيّة، لجذب مشاركات لمنشوراتهم، وكشف خبراء أن المقتنيات البحث الرقميّ، لا شأن لها بالنبيّ أو بالزمن الذي عاش فيه، وفق وكالة فرانس برس.
ضريح مغطّى بقماش أخضر، إلى سيوف ودروع وملابس.. .صور وفيديوهات يقول ناشروها إنها تعود للنبي، لكنها ظاهرة متواصلة منذ سنوات على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية، يزداد انتشارها في المواسم الدينيّة، ويعزوها خبراء بالدرجة الأولى الى رغبة ناشريها بجذب التفاعلات والمشاركات على صفحاتهم وحساباتهم، وفق وكالة فرانس برس.
ويقول الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر نظير عيّاد، تعليقاً على انتشار الشائعات ذات الطابع الديني، «الهدف من هذه الأكاذيب - سواء كانت علميّة أو تاريخيّة أو دينيّة - هو جمع التفاعلات» على صفحات مواقع التواصل.
مصدر إسلامي ينفي هذا ليس قبر النبي محمد
وفقاً للمصادر الإسلاميّة الأولى، دُفن النبيّ في بيته، على مقربة من المسجد الذي بناه في المدينة بعد هجرته إليها من مكّة في القرن السابع للميلاد.ومع توسيع المسجد تباعاً، أصبح البيت والقبر داخل حرم المسجد المعروف باسم المسجد النبويّ، أو الحرم النبويّ. ويقع القبر في حجرة مغلقة من المسجد النبويّ، وهو محجوب عن الزوّار وعن عدسات التصوير.
لكن يعاد بانتظام نشر صور من تركيا أو من عُمان لضريح معلّم صوفي أو لشخص غير مؤكّد الهوية، مع تعليق «هذا قبر النبيّ». ولا يكتفي الناشرون بذلك، بل يدعون متابعي صفحتهم لكتابة تعليق يُثبت «حُبهم للنبيّ» أو مشاركة المنشور ليصل لأكبر عدد، وغير ذلك من العبارات التحفيزيّة لتوظيف مشاعر المتابعين في الترويج للصفحة ومنشوراتها.
في مايو الماضي، نُشر مقطع فيديو قيل إنّه يصوّر الحُجرة التي دُفن فيها النبيّ محمّد، لكن تبيّن أنه مصوّر في العراق، في ضريح الشيخ عبد العزيز الجيلاني، وهو فقيه ومعلّم صوفي عاش في العراق في القرن الثاني عشر للميلاد، وهو ابن المعلّم الصوفيّ الشهير الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي ما زالت الطريقة الصوفية المنسوبة له «الطريقة القادريّة» تنتشر في معظم أرجاء العالم الإسلامي حتى اليوم.
قبل ذلك بأشهر، حصدت صورة قال مروّجوها أيضاً إنها لقبر النبيّ آلاف التفاعلات، وهي تُظهر ضريحا مغطّى بقماش أخضر. وكتب ناشروها العبارات التحفيزية نفسها على غرار «لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله» أو «انشرها ولك الأجر».
لكن تبيّن أن الصورة ملتقطة في الحقيقة في ضريح في سلطنة عُمان يسود اعتقاد بين السكان المحلّيين أنّه للنبيّ أيّوب المكرّم في الديانات الإبراهيميّة الثلاث.
وأصدرت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس في السنوات الماضية خمسة تقارير على الأقلّ يبدأ عنوانها بعبارة «هذا ليس قبر النبيّ…».
في العام 2020، نُشرت صورة قيل إنّها تُظهر قبر النبيّ، أرفقها الناشرون بعبارة «قبر الرسول، تجاهلها إن استطعت»، أو «قبر الرسول يستحقّ مليون إعجاب».
وبالفعل، استجاب عدد كبير جدا من مستخدمي مواقع التواصل مع الصورة، فحصدت من هذه الصفحة، وحدها آلاف المشاركات وعشرات آلاف التفاعلات.
لكن التفتيش عن الصورة على محرّكات البحث كشف أن ما يظهر في الصورة ليس سوى مجسّم معروض في «متحف دار المدينة المنوّرة للتراث العمراني» في المملكة العربية السعودية.
في العام نفسه، نُشرت صورة أخرى قيل إنّها لضريح النبيّ حققت رواجا على موقع فيسبوك. لكن تقريرا لخدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس أظهر أن الصورة تُظهر في الحقيقة ضريح مؤسس الدولة العثمانية عثمان أرطغرل في ولاية بورصة شمال غرب تركيا. وفي أرشيف وكالة فرانس برس صور للضريح نفسه.
في العام 2018، نُشرت صورة لضريح مغطّى بقماش أخضر قال ناشروها أيضاً إنّها لقبر النبيّ. وحصدت الصورة أكثر من 78 ألف مشاركة في صفحة واحدة إضافة لآلاف التفاعلات على صفحات أخرى.
مقتنيات ليس لها علاقة بالنبي محمد
وحفلت صفحات مواقع التواصل في السنوات الماضية بصور قيل إنّها تُظهر مقتنيات عائدة للنبيّ، فنّدت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس عدداً منها.
فمنذ تسع سنوات على الأقلّ، تتداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل صورة على أنها تُظهر درعاً كان النبيّ محمّد يستخدمه في حروبه التي خاضها قبل 15 قرناً في شبه الجزيرة العربيّة.
لكن هذا الادّعاء غير صحيح، بحسب خبراء آثار استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس، وأكّدوا - استناداً إلى الخطّ والزّخارف على الدرع - أنها لا تعود إلى زمن النبيّ ولا إلى العصر الإسلاميّ الأوّل.
وكثيراً ما تُنسب مُقتنيات إلى النبيّ خطأ، بما في ذلك في متاحف في بعض البلدان «إما لأسباب سياسيّة أو لأسباب ترويجيّة»، بحسب ما يقول خبير الآثار الإسلامية المصري سامح الزهّار لوكالة فرانس برس.
في العام 2021، نشرت صفحات وحسابات صورة قيل إنّها تُظهر سيف النبيّ، لكن تبيّن في الحقيقة أن السيف - وطوله 92 سنتيمتراً - صُنع في مدينة طليطلة الإسبانيّة في القرن الخامس عشر وكُتب عليه شعار حكّام غرناطة بني نصر «لا غالب إلا الله».
وقبل أن تستحوذ عليه المكتبة الوطنيّة الفرنسيّة عام 1865، كان محفوظا في إسبانيا ضمن مجموعة من الأسلحة المعروفة باسم «سيف أبو عبد الله».
ونُشرت في العام 2024 صورة قيل إنّها تُظهر رداء للنبي تبيّن أنه رداء لأحد المصريين القدامى في متحفٍ إيطاليّ في تورينو مخصّص للحضارة المصريّة القديمة. ويعود الرداء المصنوع من الكتّان لأكثر من ألفي سنة قبل الميلاد، خلال فترة حكم الأسرتين المصريّتين الخامسة والسادسة.
أقرا المزيد:
فنان مصري يعلن اعتزاله.. «اكتفيت من الفن»
«أدنوك» الإماراتية تستعين بـ«الذكاء الاصطناعي» في 300 بئر نفطي