إرهابهم المختل

إرهابهم المختل
دونالد ترامب عقب محاولة اغتياله.أرشيفية
دبوس يكتبه: محمود غريب

خلقت محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حالة تفاعل داخل المجتمع الأميركي تعكس نبذًا للعنف والتطرف، وهو نوع من الاتساق جزئيًا مع النفس والواقع، ولكن المشهد كان يحتاج اكتمالاً بنعت العمل على أنه إرهاب، وإلا فماذا يعني الإرهاب إذا تخطى في تعريفه محاولة اغتيال مرشح ورئيس سابق لسيدة الديمقراطيات في العالم، كما تُعرِّف نفسها.

واقعة ترامب ليست الأولى وحوادث إطلاق النار في الشوارع والمدارس والجامعات ليست بدعة في الداخل الأميركي المعروف بانفلاته الأمني وتجذر الجريمة في أحيائه، وهذا أمر لا نحتاج إزاءه إلا 100 ميجابايت، ليكي يحكي لنا محرك البحث جوجل مئات الحالات والوقائع التي تُحال أغلبها إلى «الخلل العقلي» الذي يُنعت به صاحب البندقية.

في أغلب الحوادث ينتهي التحقيق بأنَّ مختلاً عقليًا فتح النار على تجمع بشري، وجرى تصفيته في الحال، هذا هو الواقع بكل شفافية، بعيدًا عن الهروب من إلى مبررات لا يحتملها العقل البشري.

دبوس آخر: غوتيريش في «مدرسة المشاغبين»

في الحالة الأخيرة، لم يترك منفذ الهجوم على الترامب أية مساحة لسيناريوهات كهذه، حيث خرج صاحب الواقعة قبلها في مقطع مصور وهو بكامل قواه العقلية، يتحدث بعقلٍ رزين عن مقته لحزب الجمهوريين ومرشحهم ترامب، خرج ليقول إن عقله في قمة إفاقته المتطرفة، ويخبر الأميركيين أن للإرهاب معاني لم يستوعبها قادة البيت الأبيض بعدُ.

لسنا في موضع تشريحي لمفهوم الإرهاب، فأيّ عقل بشري يفهم من المصطلح مباشرة أنَّ أي فعل يُشعر الآخر بالرهبة والخوف هو إرهاب، بعيدًا عن السيناريوهات الدرامية الإخراجية لملابسات «الجنون العقلي».

دبوس آخر: سلامة قلبك يا بايدن

ربما لو عاش أحد المنفذين للهجمات في الولايات المتحدة لقال لإعلامهم: أنتم المختلين عقليًا، فأنا في نقاهة عقلية لكي أقرر تنفيذ عمل أعرف جيدًا بشكل مسبق أنَّ مخرجه الوحيد قتلي على مسرح الجريمة.

نقول هذا لأننا ندرك حجم التناقض الفج الذي يختلط الخطاب الأميركي الرسمي، وهو يُصنِّف الإرهاب حسب أجندته الخاصة، ففي حين يعترف لأول لحظة بأي رصاص مصدره مسلم على أنه إرهاب، بينما يتروى قليلاً أو كثيرًا قبل الاعتراف بأن رصاصهم إرهابًا أيضًا.

دبوس آخر: داء الدُّونية

أُدرك أن الهزة السياسية التي شهدتها المنطقة العربية بعد العام 2011 جعل استخدام مصطلح «الإرهابي» و«الجماعة الإرهابية» مكرّس لهدف سياسي، وبالتالي ظل المصطلح حصريًا على المنطقة العربية باعتبارها مفرخة لكل ما يتصل بالإرهاب فكرًا وفعلاً.

في الحوادث المتطرفة التي طالت جامعات وساحات عامة في الولايات المتحدة، قال لنا الإعلام الغربي إن «الهدف السياسي» وراء الجريمة هو الفيصل في الحكم على الفعل بأنه إرهابي من عدمه، ها قد جاءكم من يحمل في عقله وفعلته «أم السياسة» ورأسها.

أهم الأخبار