مفاجأة غير متوقعة بالموسم السياحي في لبنان.. ما القصة؟
يواجه صاحب المنتجع السياحي في مدينة جونية بجبل لبنان، ماركوس حبيقة ضغطا كبيرا بسبب الطلب المتزايد على الحجوزات الفندقية في مؤسسته السياحية، وتحديدا من المغتربين اللبنانيين منذ بداية يوليو، فيما أسفر عن تنشيط الحركة الاقتصادية بالسوق بعد أن تراجعت خلال الأشهر السابقة نتيجة الأوضاع الأمنية. وفق وكالة أنباء العالم العربي
ويقول حبيقة «منذ منتصف يونيو بدأت تزداد الحجوزات من الخارج، فنحن حاليا نسبة الإشغال لدينا بلغت حوالي ثمانين بالمئة من الغرف».
ويتابع «منذ نهاية أبريل كانت توقعاتنا متشائمة حيال الواقع السياحي، فكنا نجهز أنفسنا لأسوأ المواسم، لكن المفاجأة كانت بأعداد الوافدين، فمنهم من المغتربين اللبنانيين، أو العرب من سوريين ومصريين وعراقيين وأردنيين».
ويستكمل «السوريون ليسوا نازحين، وإنما هم يعيشون في الخارج، يأتون إلى هنا للسياحة بدل التوجه إلى بلدهم، إضافة لعائلات سورية تلتقي في لبنان».
ويقول صاحب فندق في مدينة صور الجنوبية، سامي مهنا «السياحة في مدينتنا حاليا قائمة على أبناء المدينة والمناطق المحيطة، وبشكل خاص السباحة على الشاطئ الرملي»
ويؤكد «حركة السياحة بالنسبة لإشغال الفنادق شبه معدومة، فلا أحد يرغب بتمضية عطلته في منطقة معرضة بأي لحظة لقصف صاروخي أو سماع أصوات معارك من بعيدة».
ويضيف مهنا «الموسم السياحي في جنوب لبنان تراجع لدرجة كبيرة، والخسائر ستظهر بشكل واضح مع نهاية موسم الصيف، والتي ستكون بمليارات الدولارت، والأخطر هو انخفاض الحاجة إلى اليد العاملة مما سيؤدي إلى ارتفاع في نسبة البطالة لاحقا».
420 ألف عدد الوافدين إلى لبنان
ويرى رامي تيزاني، أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية، أن «الموسم السياحي في ضوء الأوضاع الأمنية يعتبر جيدا، ولكنه أقل من العام الماضي»
ويقول «بلغت نسبة الوافدين إلى مطار بيروت خلال شهر يونيو 420 ألف شخص، وهو رقم مرتفع قياسا للحرب في جنوب لبنان والتهديدات بتوسع رقعة الحرب والضغط النفسي الذي رافق التقارير الإعلامية بذريعة وجود أسلحة في المطار، إضافة للأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد من أربع سنوات»
ويضيف «المساهم الأساسي في الحركة الاقتصادية هم المغتربون اللبنانيون الذي يصرفون أموالهم بالدولار وليس بالليرة، مما يشكل ضخا مستمرا للعملة الصعبة في السوق، ليكون أحد المساهمين في استقرار سعر الصرف».
ويتابع «التقديرات لنسبة الحجوزات ستكون مرتفعة خلال شهري يوليو وأغسطس، وهي ذروة الموسم السياحي من كل عام، كونها أيام العطل المدرسية في معظم دول العالم، والأيام التي تنشط فيها المهرجانات والفعاليات في لبنان".
ويشير إلى أنه «بحسب الأرقام الصادرة عن مطار بيروت خلال شهري يوليو ويونيو كل يوم تصل نحو 90 طائرة، بمقدار حوالي 14 ألف راكب، وهي نسبة متقاربة مع العام الماضي، التي تتراوح وسطيا بين 60 و 80 طائرة يوميا».
ويرى أن «الوافدين بالدرجة الأولى هم من المغتربين اللبنانيين الذين يشكلون أكثر من سبعين بالمئة من الركاب، يليهم أبناء الجنسيات العربية مثل العراقيين والمصريين "مع تسجيل غياب السائح الخليجي والأجنبي، خوفا من الأوضاع الأمنية وتحذيرات سفاراتهم من السفر إلى لبنان».
ويقول «لا توجد أرقام نهائية توضح حجم الخسائر التي تسببت بها الحرب في جنوب لبنان بين جماعة حزب الله وإسرائيل منذ أكتوبر 2023، وإنما هي تقديرات بناء على المعطيات المتوفرة».
ويوضح أن «بحسب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، تتراوح الخسائر بين خمسة مليارات وثمانية مليارات دولار، لكن هذه الخسائر تعتبر مباشرة، مثل المنازل والبنية التحتيّة، ولكن لدينا خسائر غير مباشرة، تشمل تراجع الموسم السياحي في جنوب لبنان وتوقف الخدمات والنشاطات».
ويضيف أن «تقديرات أصحاب المؤسسات السياحية بأن لبنان خسر منذ بداية المعارك بحوالي ثلاثة مليارات دولار، ولكنها أيضا تبقى أرقاما تقديرية تحتاج إلى وقف الأعمال القتالية للوصول إلى الرقم الصحيح».
اقتصاد الحرب
من جانبها، ترى إليسار سحاب، وهي مستشارة مالية لإحدى المنظمة الدوليّة، «أن الاقتصاد في لبنان منذ أكتوبر الماضي انقسم إلى فئتين، الأولى تشمل اقتصاد الحرب في جنوب لبنان، حيث تأقلمت العائلات والمؤسسات التجارية على الأوضاع الأمنية، من خلال تأمين حاجياتها الأساسية والابتعاد عن الخدمات غير الضرورية مثل النشاطات السياحية»
وتابعت «الفئة الثانية تشمل باقي المحافظات شمالا، والتي استطاعت أن تكمل حركتها التجارية بشكل منفصل عن المعارك في الجنوب، فتأثرت بنواح معينة، مثل خسارة السائح الأجنبي، بينما المغتربون اللبنانيون تواجدوا بأعداد كبيرة».
واعتبرت سحاب أن «هذا الانقسام ليس جديدا في لبنان، ففي حرب يوليو 2006، كانت المسابح شمال بيروت نسبة إشغالها عالية، بينما في الجنوب كانت حربا واسعة، والأمر عينه في الحرب الأهلية عام 1975، حيث كانت السهرات في الليل وفي النهار معارك في ذات الحيّ».
وأرجعت المستشارة المالية هذا إلى «اعتماد الاقتصاد على القطاع الخاص، وأن المؤسسات لم تربط نفسها بالدولة، فكون أموالها خاصة لا تتبع الحكومة تستطيع أن تقيم نشاطاتها وفعاليتها، وبدورها خزينة الدولة تستفيد منها كونها ستحصل على الضرائب دون أن تدفع تكلفة تشغيلية».
وأشارت أيضا إلى أن «استقرار سعر صرف الدولار منذ حوالي سنة، أدى إلى تأقلم السوق وخاصة مع دولرة أسعار المواد «على الرغم من أنه قرار غير مستحب، إلا أنه ضروري لضبط عملية التسعير».
أقرأ المزيد
تفاصيل 72 ساعة قتال مع فلول داعش في بساتين العراق