«خليجيون»| هل تسعى الإمارات إلى تشكيل «طوق أفريقي» للأزمة السودانية؟
استبعد محللون سياسيون دورا سياسيا أو دبلوماسيا للإمارات العربية المتحدة في الملف السوداني، رغم إصدار أبوظبي و13 دولة أفريقية (علاوة على الأردن) بيانًا مشتركًا، بشأن حالة الأمن الغذائي المثيرة للقلق وخطر المجاعة في السودان.
وتزايد الحديث عن ما يوصف بطوق أفريقي تسعى الإمارات لتشكيله سعيا نحو آلية جديدة للتعاطي مع الأزمة في السودان، خصوصا أن قائمة الموقعين على البيان ضمت دول المغرب، وموريتانيا، وتشاد، وجزر القمر، وغينيا بيساو، وسيشل، والسنغال، وبنين، وكينيا، وسيراليون، وأوغندا، وموزمبيق ونيجيريا، فيما يلحظ مراقبون دعوة دوله إلى «أهمية وجود استجابة دولية منسقة للتعامل مع الأزمة».
ويعتقد الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريح إلى «خليجيون» «ضرورة أن يحظى الدور الدبلوماسي بقبول لكافة الأطراف، وأن الأمارات العربية المتحدة ليست طرفا مقبولا بالنسبة للجيش السوداني».
في الشهر الماضي وقع صدام بين السودان والإمارات في مجلس الأمن الدولي بشأن اتهامات من الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش بأن الإمارات تقدم السلاح والدعم لقوات الدعم السريع في الصراع المستمر بالسودان منذ 14 شهرا.
سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبو شهاب رأى حينها أن سفير السودان لدى المنظمة الدولية الحارث إدريس الحارث أدلى باتهامات «سخيفة وباطلة لتشتيت الإنتباه عن الانتهاكات الجسيمة التي تحدث على الأرض».
لا تحظى بالقبول
ويقول عمرو هاشم ربيع «علاوة على عدم قبول الطرف الإماراتي لدى الجيش السوداني، فإن كينيا أيضا لا تحظى بالقبول، في حين أن الاثيوبين لهم قبول بالنسبة للأطراف السودانية».
وبدأت مواجهات عسكرية واسعة في العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من المدن بين قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف باسم (حميدتي)، والجيش السوداني الذي يقوده الفريق عبد الفتاح البرهان الذي يتولى المجلس السيادي الانتقالي الذي يحكم السودان منذ الإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك في أكتوبر الأول 2021.
وعن دور الإمارات السياسي وتكوين ما يوصف بطوق أفريقي يقول «قد يكون هناك تحرك سياسي، ولكن سوف يواجهه صعوبة بالغة، بسبب التلويح بوجود مصالح سياسية بالمنطقة» معتبرا أن «بيان دولة الإمارات بشأن الأمن الغذائي في السودان هو نوع من تضامن دولة عربية تجاه دولة شقيقة».
يشار إلى أن الأزمة السودانية كانت من بين محاور تعليق مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، دكتور أنور قرقاش على الوضع الراهن في المنطقة، وكتب قرقاش في تغريدة عبر منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي «تهاون الأطراف المتحاربة في عالمنا العربي في تعاملها مع البعد الإنساني أمر مؤسف، فمن حرب إسرائيل على غزة إلى سوريا واليمن والسودان رأينا حجم المعاناة المروعة للمدنيين».
وتابع «البُعد الإنساني يجب أن يكون محور جهود وقف الحروب والحلول السياسية وعدم تركه للغرب والمنظمات الإغاثية فقط».
مصر صاحب التأثير الأكبر
لكن الدكتور عمار علي حسن، الباحث السياسي المصري يرى أن «الطرف الوحيد الذي يستطيع أن يؤثر تأثيرا كبيرا في القضية السودانية هي مصر»، لافتا إلى «أن مصر حتى هذه اللحظة تتعامل مع هذا الملف بحذر شديد.لأن ملف السودان تعدى فكرة الخلاف السياسي وانتقل إلى مستوى الحرب الأهلية».
ويؤكد في تصريح لـ «خليجيون» «في الحرب الأهلية الطرفان المتحاربان لا بد لهم من قبول الطرف الذي يريد أن يلعب دور الوسيط» مضيفا «دون قبول الطرفين لا يمكن على الإطلاق نجاح هذا الوسيط في تقديم رؤية للحل أو مقاربة للخروج من الأزمة، لأن الأمر يتطلب أن يكون الطرف الوسيط مقبولا من الطرفين المتنازعين».
وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طلب من الأطراف المتحاربة السماح وتسهيل المرور السريع والآمن والمستدام ومن دون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين، بما في ذلك عن طريق إزالة العوائق البيروقراطية وغيرها من العوائق.
ويقول عمار علي حسن «هناك ميول للسودانيين عموما سواء الجيش السوداني أو الدعم السريع إلى أطراف أقليمية أفريقية وليست عربية للمساهمة في الحل» منوها إلى أن «هذا الأمر يمثل مشكلة كبرى».
ويشير حسن إلى «ليس هناك دولة عربية وحدها بوسعها أن تلعب دور الوساطة في إنهاء المشكلة السودانية»، داعيا إلى استنهاض دور «جامعة الدول العربية والأطراف ذات العلاقة المباشرة بالأزمة السودانية الراهنة سواء كانت مصر أو السعودية أو الإمارت أو قطر أو ليبيبا باعتبار أن هناك حديث عن دور لقوات حفتر مع الدعم السريع»
وفي وقت سابق صرح مدير إدارة القرن الإفريقي والسودان بجامعة الدول العربية، زيد الصبان قائلا «ندعم إطلاق حوار سوداني شامل يؤدي إلى تشكيل حكومة»
الدول العربية الخمس
ويعتبر الباحث السياسي أن «هذه الدول العربية الخمس ومن خلال جامعة الدول العربية من الممكن أن تصنع قوة دفع لكافة الأطراف، يمكن منها الوصول الى رؤية ومبادرة لمعالجة المشكلة السودانية» لافتا إلى «إنه من العيب حتى هذه اللحظة أن جامعة الدول العربية لم تلعب الدور المطلوب منها من خلال أمينها العام ومؤسساتها المعروفة أو بعض الدول المتمركزة والفاعلة فيها في انهاء الكابوس السوداني».
وبدأت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، بعد شراكة هشة في الإطاحة بالزعيم السابق عمر حسن البشير في عام 2019 وحل حكومة بقيادة مدنية في 2021، في إطار نزاع على حماية المصالح ضمن عملية انتقال سياسي.
أقرأ المزيد
«خليجيون» تستطلع ملامح الموقف الخليجي من إبادة غزة
خليجيون| هل انطفأت نيران الحرب المحتملة بين حزب الله وإسرائيل؟