«رئاسية تونس»: ضغوط قد تقود المعارضة للإنسحاب
أعتبرت المعارضة التونسيّة أن الظروف غير ملائمة لخوض الانتخابات الرئاسية بسبب ما تصفها بأنها تضييقات على المرشّحين المحتملين ومحاولات لإقصائهم من أجل إفساح المجال أمام رئيس البلاد الحالي قيس سعيّد لفوز مريح بولاية ثانية. وفق وكالة أنباء العالم العربي.
ودعا قيس سعيد التونسيّين إلى الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر المقبل، لكن معارضين يرونها انتخابات ستفتقر للظروف الملائمة وشروط النزاهة في ظل ما يقولون إنه غياب تكافؤ الفرص بسبب اعتقال مرشّحين محتملين لمنافسة الرئيس.
وقال القياديّ في (جبهة الخلاص الوطني) رياض الشعيبي خلال مؤتمر صحفي إنها «تستهدف المرشحين (المحتملين للانتخابات الرئاسيّة) بالتضييق والخنق مثل عبد اللطيف المكي ولطفي المرايحي»، معتبرا إنها «تكثيفا لعمليّات الاعتقال».
عمليات اعتقال
وكانت السلطات التونسية «قد ألقت القبض على المرايحي، رئيس حزب الاتحاد الشعبي والجمهوري، الذي أعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، بتهمة غسل الأموال».
كما وضعت السلطات القضائية «عبد اللطيف المكي، أمين عام حزب (العمل والإنجاز)، قيد الإقامة الجبرية بعد أيّام من الكشف عن نيّته الترشح للانتخابات، متّهمة إياه بالقتل العمد في قضيّة وفاة السياسي والبرلماني الجيلاني الدبوسي عام 2014».
بينما «تقبع عبير موسي، زعيمة (الحزب الدستوري الحرّ) التي عبرت عن اعتزامها الترشح للانتخابات الرئاسية، في السجن منذ أشهر، أمّا الوزير البارز في نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي منذر الزنادي، والذي أعلن نيته الترشح، فيواجه أيضا قضايا فساد مالي».
ويرى الشعيبي أنّ «كلّ المؤشرات تبرز الاختناق الذي نعيشه على مستوى الحريات وحقوق الإنسان، وأن هناك أكثر من 300 سجين بسبب المرسوم 54، أو قانون الإرهاب، المسلط على الناشطين السياسيّين».
حكم فردي
ويتهم معارضون الرئيس التونسي بـ «وضع مشروع للحكم الفرديّ وهدم مسار الانتقال الديمقراطيّ الذي أعقب انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحكم بن علي، لكنّ الرئيس التونسيّ ينفي هذا، ويقول إنه يسعى لانتشال البلاد من أزمتها السياسيّة والاقتصاديّة».
وكان قد أقرّ إجراءات استثنائيّة في 25 يوليو عام 2021 أعقبها بحلّ البرلمان والحكم بمراسيم، قبل إجراء استفتاء على دستور جديد يمنح الرئيس صلاحيّات واسعة.
وشنت السلطات التونسيّة «حملة اعتقالات واسعة قبل عام ونصف العام شملت نشطاء سياسيّين وقادة أحزاب، من بينهم زعيم حزب (حركة النهضة) راشد الغنوشي وأمين عام حزب (التيّار الديمقراطي) غازي الشواشي وأمين عام (الحزب الجمهوري) عصام الشواشي بتهمة التآمر على أمن الدولة».
وكانت جبهة الخلاص الوطني، قد قالت قبل أشهر «إنّها لن تُشارك في الانتخابات بدعوى غياب شروط التنافس». لكن يبدو أنّها «غيّرت موقفها معتبرة أنّها قد تُشكّل مخرجا لما وصفته بالمأزق السياسي الذي تعيشه البلاد».
الإقصاء والتفرد بالمسار الانتخابي
ويرى الشعيبي، وهو قياديّ في (حركة النهضة)، أنّ «تأكيد المعارضة على ضرورة المشاركة المبدئيّة في الانتخابات (أقلق السلطة) وأنّ هناك رغبة في الإقصاء والتفرّد بالمسار الانتخابيّ وضمان نتائج الانتخابات دون تنافسيّة ودون شفافية».
ويقول «السلطة تفضّل وتطلب من النخب السياسيّة مقاطعة الانتخابات، حتّى تفوز بسهولة دون أيّ منافسة».
وفي وقت سابق، انتقد سعيّد ما وصفه بـ «التهافت على الانتخابات الرئاسيّة مقابل مقاطعة الانتخابات التشريعيّة التي شهدت مشاركة متدنيّة، قائلا إنّ (هدف أغلبهم الكرسي)»
ولم يعلن الرئيس التونسيّ بعد نيته الترشّح للانتخابات المقبلة، لكن من المتوقّع أن يتقدّم للفوز بولاية ثانية، خاصة «أنّ استطلاعات الرأي تضعه في مكانة متقدّمة بعيدا عن منافسيه المحتملين».
خارطة الطريق
ويرى حسام بن أحمد، المتحدّث باسم مشروع حراك 25 جويلية (يوليو)، «أنّ سعيّد قد التزم بخارطة الطريق التي وضعها ووفّى بتعهداته بتنظيم كلّ الانتخابات في موعدها وفقا للآجال الدستوريّة، بما في ذلك الانتخابات الرئاسيّة، وينفى أن يكون هدف الاعتقالات إقصاء مرشحين محتملين وحرمانهم من حقّهم في المنافسة في الانتخابات الرئاسيّة».
وكشفت هيئة الانتخابات عن اشتراط أن يكون المتقدم للترشّح للانتخابات الرئاسيّة مسجلا في سجلّ الناخبين وتونسيّا غير حامل لجنسيّة أخرى ولا يقلّ عمره عن 40 عاما يوم ترشّحه وأن يكون دينه الإسلام ويتمتع بجميع حقوقه المدنيّة والسياسيّة ولم يشغل منصب رئيس الجمهورية في دورتين متّصلتين أو منفصلتين.
ويتعيّن على المرشّح المحتمل أيضا الحصول على 10 تزكيات من أعضاء مجلس نواب الشعب أو مجلس الأقاليم والجهات، وهو الغرفة الثانية للبرلمان، أو 40 تزكية من رؤساء المجالس الجهويّة والمحليّة المنتخبة أو 10 آلاف تزكية من الناخبين، وهي شروط واجهت موجة انتقادات اعتبرتها تهدف إلى زيادة العراقيل أمام المرشّحين.
وقال الحزب الجمهوري إنّ «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رفضت مطلب الحصول على استمارة تزكية شعبيّة لترشّح أمينه العام القابع في السجن حاليا عصام الشابي للانتخابات الرئاسيّة».
وانتقدت منظّمة (أنا يقظ)، وهي منظّمة مجتمع مدنيّ، «غياب الشفافيّة من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وتعمّدها عدم نشر القرار المنقّح لشروط وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة طوال 12 يوما رغم تأكيدها على أنّ هذا القرار يصبح نافذا فور إعلانه». وقالت المنظمة إنّ «الانطلاق في العمل به (القرار) دون نشره يعدّ مخالفة للمبادئ المتعلّقة بسلامة المسار الانتخابي والأمان القانوني».
هيئة الانتخابات غير مستقلة
من جانبه، أكد نبيل حجّي، الأمين العام لحزب التيّار الديمقراطيّ، « أنّ الهيئة غير مستقلّة، لأن تعيّنهم من قبل رئيس الجمهوريّة الذي يُمكن أن يترشّح للانتخابات»
واعتبر أنّ تأخّر الإعلان عن شروط الترشّح « بهدف تضييق الهيئة على المرشّحين لجمع التزكيات»، متّهما إيّاها بأنّها «وضعت عراقيل أمام المنافسين للانتخابات الرئاسيّة».
وفي وقت سابق، انسحبت السياسية الجزائرية لويزة حنون، من سباق الانتخابات الرئاسية قائلة «لا يمكن أن تكون جزءا من عملية انتخابية لا تكرس حرية الترشح التام».
أقرأ المزيد
صفقة تبادل الأسرى.. الخيط الرفيع مع محاكمة نتنياهو