السودان إلى «مربع الإحباط» بعد جولة جنيف
حالة من الإحباط العام تسود المتابعين للشأن السوداني بعد انتهاء مباحثات منفصلة استمرت تسعة أيام في جنيف مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.
المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة أعلن يوم الجمعة في بيان إن المناقشات التي جرت في جنيف كانت «خطوة أولية مشجعة في عملية أطول وأكثر تعقيدا»، معلنا ترحيبه بالتزامات أعلنها أحد طرفي الصراع لزيادة المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، لكنه أوضح أن الالتزامات الأحادية لا تمثل اتفاقات مع الأمم المتحدة. ولم يحدد المبعوث الأممي أيا من الطرفين قدم هذه الالتزامات، التي لم يفصح عن تفاصيلها أيضا.
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل من العام الماضي بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة، في الوقت الذي كانت فيه الأطراف العسكرية والمدنية تضع فيه اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.
وأحكمت قوات الدعم السريع منذ الأشهر الأولى للصراع قبضتها على أجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم وإقليمي دارفور وكردفان غربا، ثم سيطرت على ولاية الجزيرة وسط البلاد في ديسمبر قبل أن تبسط نفوذها على ولايتي سنار في الجنوب الشرقي والقضارف شرقا.
غير أنه قال إنه ينوي الاستمرار في التواصل الوثيق مع قيادة الطرفين لمتابعة تنفيذ الالتزامات وإشراكهما في القضايا الحرجة، داعيا الطرفين إلى تكثيف العمل من أجل تحقيق السلام في البلاد.وحذر المبعوث الأممي من أن الوضع الإنساني في السودان «لا يزال كارثيا ويتدهور يوما بعد آخر»، مؤكدا الحاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان وصول المساعدات الإنسانية لكافة المحتاجين وضمان حماية جميع المدنيين في السودان.
أما قوات الدعم السريع فقالت في بيان على منصة إكس إن وفدها سلم لعمامرة في ختام المباحثات خطابا رسميا من الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع إلى الأمين العام للأمم المتحدة بما تم التوصل إليه خلال المباحثات يتضمن التزام قوات الدعم السريع بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية والتزامات بتعزيز حماية المدنيين إلى جانب العديد من المطالب العاجلة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. ووصفت قوات الدعم السريع المباحثات بأنها جرت في «جو إيجابي وسادتها مناقشات بناءة ومثمرة» تسهم في تعزيز التعاون لصالح الشعب السوداني.
مفاوضات سودانية برعابة أممية
وانطلقت المفاوضات غير المباشرة في الحادي عشر من يوليو الحالي. كانت الحكومة السودانية قد قالت يوم السبت إنها وافقت على المشاركة في مداولات غير مباشرة في جنيف بشأن الأوضاع الإنسانية، تماشيا مع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، وحرصاً منها على التعاون والارتباط الإيجابي البناء مع الأمم المتحدة.
ميدانيا، ومع تواصل القتال بين طرفي النزاع، رفض المتحدث باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي الاتهامات الموجهة للدعم السريع بأنه يحاصر مدينة سنار من أجل تجويعها، ونفى إخراج ثلاثة ملايين فدان من الإنتاج الزراعي في السودان. وقال قرشي لوكالة أنباء العالم العربي «نحن لا نحاصر مدينة سنار بغرض تجويعها، بل نحاصر العناصر المسلحة المرتبطة بالحركة الإسلامية وعناصر الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان».
وأضاف «ليس لدينا عداء مع المواطنين يجعلنا نسعى لتجويعهم، بل نحن نحاصر العدو الموجود داخل مدينة سنار. ليس صحيحا (خروج ثلاثة ملايين فدان من الإنتاج الزراعي) إذ ليست لدينا علاقة بالعمل الزراعي، هدفنا واحد هو تصويب بندقيتنا وقواتنا نحو العدو، أما ما يخص المواطنين وأعمالهم فليس لدينا أي اختصاص بذلك».
كانت وزارة الخارجية السودانية قد اتهمت قوات الدعم السريع هذا الأسبوع بتعمد تعطيل النشاط الزراعي في مناطق إنتاج الغذاء في البلاد وترويع المزارعين لإحداث مجاعة في السودان. وقالت الخارجية السودانية إن قوات الدعم السريع تدمر البنى التحتية للقطاع الزراعي وتنهب الآليات والتقاوي ومحاصيل الموسمين الشتوي والصيفي.
وأكد المتحدث باسم قوات الدعم السريع أن الاتفاق مع الأمم المتحدة بخصوص إدخال المساعدات للمناطق الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع ما زال يجري البحث في تفاصيله، قائلا إن قوات الدعم السريع ستعلن عن كل الإجراءات قريبا. وقال قرشي مستنكرا عند سؤاله عن مدى استعداد الدعم السريع لانسحاب مشروط بالاتفاق مع الجيش وضمان دولي حتى تعود المشاريع الزراعية الكبرى للعمل «ما هي علاقتنا بالزراعة حتى ننسحب أو لا ننسحب؟ هم يتكلمون هكذا لاستعطاف العالم، نحن في الدعم السريع لم نعطل الزراعة أصلا، بل ندخل المساعدات الإنسانية ونرغب في زيادتها.
وأضاف «هم (الجيش) يتكلمون عن هذا كلما حاصرناهم في مدينة وأحسوا بالضغط والهزيمة، يخرجون ليستعطفوا العالم عبر الادعاء أننا حاصرنا المدن وجوعنا المواطنين وغيرها من الأكاذيب. نحن قادرون على إدارة وتشغيل المشاريع (الزراعية)، بل إننا نسيطر عليها، ولسنا بحاجة لطرف ثاني أو ثالث ليفعل ذلك».
وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، عبرت الإمارات و14 دولة أخرى عربية وأفريقية منها المغرب والأردن وموريتانيا ونيجيريا في بيان عن القلق تجاه حالة الأمن الغذائي وخطر المجاعة في السودان.
اقرأ المزيد:
خطاب سري للغاية: القوات الأميركية تقر بفشل عملياتها في ردع الحوثيين
تصعيد أميركي مفاجئ.. القنبلة النووية الإيرانية في غضون أسبوعين
«أديداس» ترضخ للابتزاز الإسرائيلي.. استبعاد الفلسطينية بيلا حديد من حملة إعلانية