خليجيون| ما سيناريوهات إيران حيال مشاريع الكويت في حقل الدرة؟

خليجيون| ما سيناريوهات إيران حيال مشاريع الكويت في حقل الدرة؟
حقل الدرة ( الإنترنت)
القاهرة: «دينا بهاء»

تفاعل الجدل مجددا مع قضية التنقيب في حقل غاز الدرة، الذي يقع في المنطقة البحرية الحدودية وغير المرسّمة بين الكويت والسعودية وتنازع إيران الدولتين الخليجيتين عليه، وذلك بعد إعلان اعتزام الكويت البدء في أعمال التنقيب بالشراكة مع المملكة العربية السعودية، فيما اعتبر محللون سياسيون أن تدخل إيران مخالفة للقوانين الدولية، في الوقت الذي نصح أخرون بضرورة التأني لحين الإنتهاء من الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وكان الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الشيخ نواف السعود الصباح أعلن الأسبوع الماضي «ان المؤسسة ستبدأ إجراءات أعمال الحفر والبناء في حقل الدرة في 2024، وأن تحديث الدراسات الهندسية المتعلقة بالحقل ستنتهي بنهاية هذا الصيف، وبعدها يبدأ العمل الفعلي في الحقل قبل نهاية 2024». حسبما نقلت وكالة رويترز

وسبق للسعودية والكويت أن جددتا التأكيد على أن ملكية الثروات الطبيعية في حقل الدرة للغاز الطبيعي بالخليج مشتركةٌ بينهما فقط، ووجهتا الدعوة إلى إيران، العام الماضي، للتفاوض على الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرف تفاوضي واحد».

وقبل خمس سنوات، جرى التوقيع على اتفاق المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت، فيما من المقرر أن ينتج الحقل 200 مليار متر مكعب، مما يعزز الإنتاجية للكويت والمملكة العربية السعودية، ضمن العمليات المشتركة بين البلدين.

الأمر غير مثمر

وعن ردود الفعل الإيرانية المتوقعة، لم بستبعد الخبير الاستراتيجي السعودي اللواء دكتور محمد صالح الحربي «لجوء إيرانةإلى إتفاقية جنيف الخاصة بالمناطق المغمورة واعالي البحار والمياه الاقتصادية والدولية» ويضيف «بإمكان إيران أن تتفاوض على حقها - إذا كان لديها حق- وفق القانون الدولي» ويعتبر «إن هذا الأمر غير مثمر لأن المشروع قد مضى في طريق تنفيذه بالفعل».

ويتابع «لا زالت إيران تعترض على الجانب الشرقي من الحقل، ولكن لا بد أن يكون هناك حلول، والقانون الدولي واضح وصريح بشأن حدود الدول والمياه الأقليمية والداخلية والاقتصادية لكل منهما»، ويضيف «كل هذا معروف في اتفاقية جنيف 1982 والبروتوكلات الإضافية واضحة وصريحة» ويعتقد «إذا كانت ايران لا بد أن تدخل في هذه الأمور عبر المنظمة الدولية»

وتبلغ مساحة المنطقة السعودية الكويتية المحايدة والمعروفة أيضا باسم المنطقة المقسومة 5770 كم2، وتقع بين حدود المملكة العربية السعودية والكويت، وبقيت الحدود غير معروفة ما بين 2 ديسمبر 1922م حتى 18 يناير 1970م.

وفي نهاية العام الماضي، هدّدت طهران بمواصلة أعمال التنقيب عن الغاز في الحقل ذاته، إذ قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي حينها «إن بلاده قد تتابع أعمال التنقيب في الحقل حتى من دون الوصول إلى اتفاق، وأن إيران تتابع حقوقها ومصالحها فيما يتعلق باستغلال واستكشاف الحقل.. .إذا لم تكن هناك رغبة في التفاهم والتعاون». بحسب ما نقلت وكالةسانا الرسمية الإيرانية للأنباء.

وفي خطوة تصعيدية ردا على التصريحات السابقة « قالت السعودية والكويت إنهما وحدهما تمتلكان حقل غاز وتدعي إيران ملكيته» و «وجدّدت الكويت والسعودية دعوات سابقة ومتكررة لإيران من أجل التفاوض على ترسيم حدودها البحرية وحسْم تلك القضية» وفقا لبيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية السعودية.

ويعرف الحقل البحري باسم آرش في إيران وباسم الدُرّة في الكويت والسعودية، ولطالما مثّل الحقل نقطة خلاف محورية فيما بين الدول الثلاث، ومنذ عامين، وقّعت الكويت والسعودية اتفاقية مشتركة لتطوير الحقل البحري، رغم اعتراضات أبدتها إيران التي وصفت الاتفاق بأنه غير قانوني.

صعوبة التفاهم بين الأطراف

ويعتقد نجاح محمد علي، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإيراني، « ان هذه المنطقة تمتلك الجغرافية السياسية الأكثر تعقيدا»، منبها إلى «ضرورة التفاهم بشأن حقل الدرة «من الناحية الفنية ومراعاة الساحل البحري في أوقات مختلفة والأخذ في الإعتبار وضع الجزر الإيرانية وأيضا الجزيرة الكويتية في المنطقة، فضلا عن وجود منطقة الحياد المشتركة بين المملكة العربية السعودية التي وجدت في ظرف تاريخي حساس» ».

ويقول في تصريح إلى «خليجيون» أن «معالجة هذا الخلاف في وسائل الإعلام من قبل الناشطين والإعلاميين في إيران والكويت والسعوية والعراق، يؤدي إلى تفاقم المشكلة ولا يسهم في حلها بالطريقة السياسية الودية»، ويقترح اتباع «الإنحناءة الدبلوماسية». ويؤكد «مثل هذه التصريحات في الفضاء الإعلامي تؤدي بقصد أو غير قصد إلى ظهور توترات في العلاقات السياسية والدبلوماسية، ويجب حصر هذا الملف في اللقاءات الثنائية وعلى طاولة المفاوضات بين الطرفين أو حتى إذا إرادت المملكة السعودية أن تكون طرفا».

مسمار جحا النفطي

ويعتقد نجاح محمد علي «أن دخول السعودية في هذا النزاع في المنطقة المحايدة التي يعتبروها (مسمار جحا) وتسبب أزمات بين دول المنطقة سيكون داعما لدولة الكويت في تلك المرحلة، ولذلك هم يفضلون التعامل مع الكويت فقط»، ويؤكد «إذا تدخلت لسعودية مع التطورات الراهنة يزال الحل ليس سهلًا، لأن ازمات المنطقة بداية من فلسطين إلى سوريا إلى العراق إلى اليمن تترك تداعياتها على حل هذه القضية».

وبخصوص طرح الأمر على المحكمة الدولية يقول «إيران لا تميل كثيرا إلى زج المحكمة الدولية في النزاع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجزر الثلاث المتنازعة عليها بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، لأسباب كثيرة من وجهة نظرهم أن هذه المحاكم من الإمكان توجيهها بطريقة غير عادلة»، ويضيف «بحكم تاريخ المحكمة الدولية وتاريخ إيران الجيد مع الكويت هما يميلان أن تكون تسوية المسائل الحدود على نحو ودي وأن يسعى الطرفين إلى إيجاد صيغة مشتركة مربحة للطرفين من خلال تشكيل خبرات وفنيين لحل هذه الأزمة».

العراق طرف في الصراع

هناك مقترحات كثيرة يدرسها الإيرانيون للتوصل إلى حل بشأن حقل الدرة، من ضمنها تشكيل لجنة فنية من البلدين كاملة الصلاحيات، وأيضا تمتلك تقديم التنازلات، وفق الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، ويشير إلى «إمكانية تراجع الدول الثلاثة أطراف النزاع في حال وجود مفاوضات جادة، مع ملاحظة الاهتمام بالطرف العراقي، حتى لو كان العراق يلتزم الصمت في الفترة الحالية».

ويلفت إلى أن «احتياطي الغاز الطبيعي في حقل الدرة يقدر بنحو 20 تيرليون قدم مربع، كما يقدر احتياطي النفط الخام بنحو 310 مليون برميل، وتقدر حصة إيران من كل ذلك بنحو 40% وعلى هذا الإساس هذا الحقل الدرة استغلاله واستثماره يظل مورد نزاع». ويؤكد على «ضرورة خفض التوترات وتحسين وتطوير العلاقات بين الدول وإزالة كل إسباب وبؤر التوتر وهذا هو الشعار التي ترفعه إيران» ويلفت إلى أن «الإيرانيين يعتقدوا أن علاقتهم بالمملكة العربية السعودية في تطور ايجابي».

ويستبعد أن يكون هذا الخلاف سبب في اندلاع الحرب بين الأطراف بسبب هذا الحقل ويقول «استبعد ذلك في الوقت الحاضر بالرغم أن الظروف مهيأة في المنطقة بسبب النزاعات بين عدة دول وتهديد الإحتلال الإسرائيلي بتوسيع الصراع في المنطقة، وأيضا وجود قوات وقواعد أميركية تتواجد في المنطقة».

فراغ الميزان الكويتي

وفي تغريدة للكاتب والمحلل السياسي عبد الله خالد الغانم، عبر منصة «إكس» موجها حديثه للرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول بالكويت، نواف السعود الصباح يقول «ننصح الشيخ نواف بإعطاء مفاوضي الخارجية الكويتية ورقة تجميد عمليات الحفر والاستخراج- لمدة ستة شهور فقط لأسباب استراتيجية، بينما تنصرف كل (الحواس الأميركية) إلى الداخل الأميركي على حساب اعتبارات حلفاء اميركا في الخارج».

ويتابع «إننا نلمس بوضوح حالة فراغ في ميزان الكويت الإستراتيجي مع الجانب الإيراني، وستستمر حالة الفراغ هذه حتى شهر يناير 2025، وهو الشهر الذي سيصعد فيه رئيس أميركي جديد يتولى قيادة البيت الأبيض»، ويضيف «ولذلك ننصح وبشدة أن تحرص وزارة الخارجية الكويتية على تبريد كل بؤر وأسباب التوتر مع الجانب الإيراني حتى شهر فبراير 2025 على أقل تقدير».

تجميد ستة أشهر

ويرى الغانم أن «من أهم الملفات التي ننصح بتجميدها لمدة ( ٦ شهور فقط ) وذلك في سياق جهود تبريد بؤر التوتر مؤقتاً، هو ملف الحفر والبناء والاستخراج في أيٍ من المناطق المائية الواقعة في نقاط الخلاف الكويتي/الايراني، كحقل الدرة وما كان في حُكمها، وحتى تكون التوصية واضحة المعالم»، ويؤكد «لا أقول أبداً بأن نتنازل عن حقوقنا، كما لا أقول بإلغاء عمليات الحفر والبناء والاستخراج والتنقيب، وإنما فقط تعليقها لمدة ٦ شهور فقط، لأسباب أمنية واستراتيجية تستدعيها -ضرورات اللحظة- وطبيعة معطياتها الأمنية الحساسة مرحلياً ٦ شهور».

ويعود تاريخ الخلاف على الحقل إلى حقبة الستينيات من القرن الماضي، عندما منحت كل من إيران والكويت حق التنقيب البحري لشركتين مختلفتين، وقد تقاطع عمل الشركتين في الجزء الشمالي من الحقل، ويقدّر احتياطي الغاز القابل للاستخراج من حقل الدرّة/آرش بنحو 200 مليار متر مكعب. وعلى مدى سنوات، فشلت محادثات أجرتها إيران والكويت بشأن المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها بين البلدين، والغنية بالغاز الطبيعي.

أقرأ المزيد

«خليجيون»| ما مصير مخرجات اجتماع الفرقاء الليبيين في القاهرة؟

من سد النهضة إلى غزة.. ما المنتظر من حكومة مدبولي الثانية في مصر؟

خليجيون| هل انطفأت نيران الحرب المحتملة بين حزب الله وإسرائيل؟

أهم الأخبار