ما تأثير التصعيد بين الحوثي وإسرائيل على قناة السويس؟
يساور القلق مصر حيال تأثير المواجهات واتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، والتصعيد الأخير بين الإحتلال وجماعة الحوثي في اليمن، وتأثيره ذلك على إيرادات قناة السويس التي تعول عليها بشدة.
وقصفت طائرات الإحتلال الإسرائيلية أهدافا قرب ميناء الحديدة في اليمن يوم السبت، مما أسفر عن استشهاد ستة على الأقل وإصابة العشرات، وذلك بعد يوم واحد من هجوم بطائرة مُسيرة شنه الحوثيون على تل أبيب وأدى إلى مقتل شخص واحد.وفق وكالة أنباء العالم العربي.
ويهاجم الحوثيون سفن الشحن في البحر الأحمر تضامنا مع الفلسطينيين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ تسعة أشهر وأودت بحياة ما يقرب من 39 ألف فلسطيني وسوت غالبية مناطق القطاع بالأرض.
وتسببت هجمات الحوثيين في «اضطراب حركة التجارة العالمية واضطر مالكو السفن لتغيير مساراتها بعيدا عن قناة السويس والإبحار حول أفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة». وردا على هذه الهجمات، «تنفذ الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على أهداف للحوثيين منذ فبراير».
قلق بالغ
وعبرت مصر يوم السبت عن «قلقها البالغ إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأراضي اليمنية، وطالبت بضبط النفس والتهدئة وإنهاء الحرب على قطاع غزة بوصفها الخطوة الضرورية لاحتواء التوتر في المنطقة».
وحذرت مصر في بيان لوزارة الخارجية من «مخاطر توسيع رقعة الصراع في المنطقة بسبب حرب الإحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مما يدفع الإقليم بأسره إلى دائرة مفرغة من الصراعات وعدم الاستقرار».
ونقلت الوكالة عن محمد داود، نائب رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري للشؤون البحرية قوله، إن «هجمات الإحتلال الإسرائيلية على ميناء الحديدة وما يترتب عليها من رد من جماعة الحوثي ستزيد من الاضطرابات في البحر الأحمر وسيكون لها تأثيرات سيئة على حركة الملاحة في قناة السويس».
وأبلغ داود الوكالة أن «هذه الضربات ستدفع الحوثيين لتوسيع دائرة الاستهداف للسفن التجارية في البحر الأحمر، مما يضطر الشركات لتغيير طريقها إلى رأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس».
ارتفاع الأسعار
وأضاف «بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على إيرادات قناة السويس، هناك تأثيرات أخرى خاصة بارتفاع أسعار السلع بسبب ارتفاع تكلفة النقل وتكلفة التأمين واضطراب حركة التجارة العالمية».
ومع تحول بعض شركات الشحن إلى مسارات ملاحية بديلة لتجنب هجمات جماعة الحوثي، أعلنت هيئة قناة السويس يوم الخميس أن «إيرادات القناة تراجعت حوالي 23.4% إلى 7.2 مليار دولار في السنة المالية الماضية، مقابل 9.4 مليار دولار في 2022-2023».
ونقل بيان هيئة قناة السويس عن رئيسها أسامة ربيع قوله إن «عدد السفن التي عبرت القناة تراجع إلى 20148 سفينة في السنة المالية 2023-2024 من 25911 في السنة المالية السابقة».
وقناة السويس التي تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط هي أسرع ممر شحن بين آسيا وأوروبا، ومصدر رئيسي للعملة الأجنبية في مصر. ووفقا للبنك الدولي، يمر عبر قناة السويس حوالي ثمن حجم التجارة العالمية، بما في ذلك حوالي 30% من حركة الحاويات في العالم.
ومع معاناة مصر من «أزمة اقتصادية، فإن تراجع إيرادات قناة السويس من العملة الصعبة يمثل ضربة موجعة».
وقال داود «لا يمكن حل هذه الأزمة وما لها من تداعيات إلا بوقف حرب الإحتلال الإسرائيلي في غزة، والتوقعات تشير إلى أنه حال استمرار الحرب ستتسع رقعتها وسيكون هناك المزيد من الاضطرابات خاصة في منطقة البحر الأحمر، وسيكون لذلك تأثيرات أكبر على التجارة العالمية والاقتصاد العالمي».
تصعيد خطير
مع تصاعد الصراع في المنطقة بسبب حرب الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، التقى رئيس هيئة قناة السويس مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا يوم الخميس لبحث الأوضاع والتوتر في منطقة البحر الأحمر.
ونقلت الوكالة عن الخبير العسكري اللواء محمود متولي قوله إن «الهجمات الإحتلال على الحديدة تشكل تصعيدا خطيرا لأنها تمثل بداية تدخل الإحتلال الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر التي تحظى بأهمية كبيرة للأمن القومي المصري والعربي»
وأبلغ متولي الوكالة أن «هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر أعطت الإحتلال الإسرائيلي وغيرها من القوى العالمية ذريعة للوجود العسكري بحجة حماية الملاحة الدولية».
وأضاف «هذه الأحداث تزيد من التدخلات في البحر الأحمر الذي يعد بحيرة عربية ويمنح الإحتلال الإسرائيلي، التي تقتصر سواحلها على البحر الأحمر على حوالي 800 متر فقط، ذريعة للتدخل في البحر الأحمر برعاية أميركية».
وتابع «الإحتلال الإسرائيلي يسعى لتدويل البحر الأحمر وهو امتداد جغرافي لقناة السويس، وجماعة الحوثي تمنحها الذريعة لتحقيق ذلك».
وتسعى الحكومة المصرية الجديدة إلى تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن بهدف وضع حلول مستدامة لتأمين منطقة البحر الأحمر.
وجاء في برنامج الحكومة الذي عرضته الأسبوع الماضي ويستمر لثلاث سنوات حتى 2026-2027«انطلاقا من أهمية البحر الأحمر وقناة السويس.. .تعمل الدولة على تعزيز أمنها بهدف ضمان سلامة وحرية الملاحة بالبحر الأحمر وقناة السويس ولمواجهة التحديات المختلفة».
الأمن القومي المصري
ونقلت الوكالة عن محمد الغباري مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر قوله «أي تهديدات للبحر الأحمر تنعكس سلبا على الأمن القومي العربي بأكمله وخاصة المصري».
وأضاف «طائرات الإحتلال الإسرائيلية ليست في حاجة لاختراق الأجواء العربية أو المصرية مع العلم أن مصر لن تسمح بذلك، هذه الطائرات تخرج من خليج العقبة إلى البحر الأحمر ومنها إلى اليمن وتعود من نفس الطريق».
وتابع قائلا «المُسيرات والصواريخ الحوثية هي التي تسبب حرجا لبعض الدول العربية لأنها تشكل انتهاكا لسيادتها ومجالها الجوي، وإن تم اعتراضها يتم الحديث عن حماية الإحتلال، وإن تم السماح بمرورها تكون انتهكت سيادة الدول التي مرت في أجوائها».
أقرأ المزيد
الدين الخارجي لمصر سجل تراجعا تاريخيا بقيمة 14 مليار دولار
نجيب ساويرس يسخر من اختيار كامالا هاريس بديلاً عن بايدن
عنف مروع وخرس عالمي.. تقرير دولي يحذر من تفاقم الأوضاع بالسودان