الفلسطينيون يترقبون موقفهم مع الإدارة الأميركية الجديدة
يسعى الفلسطينيون لإيجاد موقف مؤيد لهم في الإدارة الأميركية القادمة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، ويحاولون بشتى السبل استمالة الموقف الأميركي لصالحهم.
ولم تكن علاقة السلطة الفلسطينية مع الإدارة الأميركية على ما يرام في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي وقَّع على قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالمدينة كاملة عاصمة لإسرائيل، في خطوة تتعارض كلية مع تطلعات الفلسطينيين الذين يريدون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.
ترامب، المرشح الجمهوري
واستبق ترامب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المقرر الجمعة بنشر رسالة تلقاها من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها هذا الشهر خلال تجمع انتخابي جماهيري في ولاية بنسلفانيا.
ونشر الرئيس الأميركي السابق الرسالة على منصة تروث سوشيال، وكتب في ذات المنشور «أتطلع لرؤية بنيامين نتنياهو يوم الجمعة، وأكثر تطلعا لتحقيق السلام في الشرق الأوسط». أما عباس فقد عبَّر في رسالته عن انزعاجه من محاولة اغتيال ترامب، وقال «لا ينبغي أن يكون لأعمال العنف مكان في عالم يسوده القانون والنظام».
وكتب ترامب في رده على الرسالة محمود عباس دمث للغاية، شكرا لك، كل شيء سيكون على ما يرام».
محاولة للتفاعل
ويرى مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية - مسارات هاني المصري أن الرسالة التي وجهها عباس إلى نتنياهو محاولة فلسطينية للتفاعل مع التطورات في المنطقة مع تزايد فرص ترامب للفوز بالسباق الرئاسي.
ويقول المصري لوكالة أنباء العالم العربي «لا يمكن النظر إلى أي ملف فلسطيني بمعزل عن تصور مفاده أن الإدارة الأميركية القادمة ستكون على الأغلب جمهورية وليست ديمقراطية».
ويطالب المصري الفلسطينيين بتجهيز أنفسهم لمواجهة التحديات القادمة، وقال «رغم أن هناك فروقا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكن في النهاية ما من أحد منهما يوافق على الحقوق الفلسطينية، والاختلاف هو في السياسات وبشكل محدود». ويحذر المصري من التعويل الكامل على الموقف الأميركي، ويدعو للاعتماد على تحقيق الوحدة الوطنية وبلورة موقف فلسطيني موحد لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة.
ويقول «أي رهان على ترامب أو على المرشحة الديمقراطية المحتملة كامالا هاريس سيكون خاسرا، فكلاهما محكومان بمنظومة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة والتي هي أكبر من موقع رئيس البيت الأبيض».
ويضيف «لا بد من ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق المصالحة حتى نكون أقوياء«، داعيا إلى الاعتماد على لقاء الفصائل الفلسطينية في بكين والبناء عليه للمضي قدما نحو إنهاء الانقسام.
وكانت حركة حماس قد أعلنت يوم الثلاثاء أن الفصائل الفلسطينية وقعت إعلانا في بكين يضمن تشكيل حكومة توافق وطني تتولى إدارة غزة والضفة الغربية وتهيئة الظروف للانتخابات وتشرف على إعادة الإعمار في القطاع.
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بأن اللقاء، الذي عُقد بدعوة من الجانب الصيني، حضرته شخصيات رفيعة من 14 فصيلا فلسطينيا في الفترة من 21 إلى 23 يوليو.
توحيد الموقف
قالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن ممثلي الفصائل اتفقوا في ختام جولة الحوار في بكين على «توحيد الموقف الفلسطيني في إطار منظمة التحرير لمواجهة حرب الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي وإنهاء الانقسام بما يحقق طموحات شعبنا في الوحدة والحرية والاستقلال الوطني».
وأضافت أنهم أبدوا الالتزام بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ورفض محاولات التهجير، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان والتوسع الاستيطاني، وفقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ورأي محكمة العدل الدولية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتوقيع إعلان بكين، وشجع الفصائل الفلسطينية على التغلب على خلافاتها عبر الحوار، كما حثها على متابعة تطبيق الالتزامات التي أعلنتها في الصين. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة إن تلك «خطوة مهمة باتجاه تعزيز الوحدة الفلسطينية«، مؤكدا أن «كل الخطوات التي تهدف إلى تحقيق الوحدة، مُرحب بها وسيتم تشجيعها».
غير أن محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، يقول لوكالة أنباء العالم العربي إن مخرجات اجتماع الفصائل الفلسطينية في بكين لا تنهي الانقسام ولا تلبي طموح الشارع الفلسطيني في طي هذه الصفحة إلى الأبد.
ويؤكد أن ما جاء في البيان الختامي للفصائل الفلسطينية هو تكرار لما تم الاتفاق عليه سابقا في موسكو والجزائر وغيرهما من عواصم العالم التي احتضنت اتفاقات مصالحة، مضيفا «لا جديد في بيان بكين، وهذه ليست نظرة تشاؤمية إنما نظرة واقعية، فنحن لا نبني أحلاما على لا شيء».
ويقول الهباش إن الشيء الذي كان مطلوبا في اجتماع بكين لكنه لم يكن حاضرا هو إنهاء الانقسام. ويتابع «الاستمرار في الحديث بنفس الطريقة فيه نوع من الإنكار للحقيقة وللحالة المزرية التي وصلنا إليها. فهل يعقل أنه بعد 17 عاما نعود للحديث عن وحدة بنفس الطريقة وبنفس العبارات؟«، مؤكدا أن المطلوب هو خطوات عملية وليس مجرد نوايا.
ويضيف «كل الفصائل ذهبت بنوايا لإنهاء الانقسام لكن هذا لم يحدث على أرض الواقع، فمنذ 17 عاما ندور في حلقة مفرغة ونؤكد على المؤكَّد عليه ونكرر المكرَّر».
الهواجس
وبينما يسعى فيه الفلسطينيون لترسيخ موقع لهم في الإدارة الأميركية القادمة، يحاول الإسرائيليون فعل الشيء ذاته. ومن المقرر أن يُلقي نتنياهو كلمة أمام الكونغرس الأميركي في واشنطن مساء الأربعاء، على أن يلتقي الخميس مع الرئيس جو بايدن، وكذلك المرشحة الديمقراطية المحتملة هاريس، ويوم الجمعة يجتمع مع ترامب.
وتبدي الإدارة الأميركية توجسا إزاء الخطاب الذي يلقيه نتنياهو أمام الكونغرس، خاصة أنه يأتي قبل فترة وجيزة من موعد الانتخابات بالولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر. قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية يوم الأربعاء إن هواجس الإدارة الأميركية تنبع خوفا من هجوم محتمل ربما يشنه نتنياهو على إدارة بايدن.
وبحسب الصحيفة فإن مسؤولين في البيت الأبيض تواصلوا مع مكتب نتنياهو لمعرفة تفاصيل الخطاب المرتقب.
وذكرت أن تعديلات أُدخلت على الخطاب أكثر من مرة خاصة بعد تأجيل اللقاء الذي كان مقررا بين بايدن ونتنياهو الثلاثاء وترحيله إلى الخميس.
وقالت معاريف «التغييرات العديدة في الجدول الزمني أفادت نتنياهو. وأعطى البيت الأبيض نتنياهو عدة ساعات إضافية للعمل على خطابه.
وما كان يثير قلق إدارة بايدن حتى وقت قريب هو التخوف من محتوى خطاب نتنياهو».
السباق الفلسطيني الإسرائيلي
ويظل السباق الفلسطيني الإسرائيلي نحو حجز موقع متقدم في اهتمامات البيت الأبيض محكوما بتطورات الأحداث على الساحة الأميركية من ناحية، والتغيرات التي قد تشهدها الساحتان السياسية والميدانية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية من ناحية أخرى، في ظل مساعي المعارضة الإسرائيلية لإجراء انتخابات مبكرة، وبحث الفلسطينيين عن حلول لمسألة اليوم التالي في قطاع غزة والتي ستكون إسرائيل طرفا أكيدا في الموافقة عليها أو رفضها.
اقرا المزيد
من هم اللاعبون الرئيسيون في حرب السودان؟ترك الوظيفه من أجل حلمه.. موسيقى البلوز تودع جون مايال