هل تشهد مصر موجة غلاء جديدة؟
أبدى عدد من المصريين تخوفهم من موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع والخدمات بعد إعلان الحكومة أمس الخميس رفع أسعار الوقود بنسب تصل إلى 11 بالمئة وتوقعات بزيادة قريبة لأسعار الكهرباء، وذلك قبل أيام من إجراء صندوق النقد الدولي المراجعة الثالثة للبرنامج الموقع مع مصر.
ورفعت مصر أسعار الوقود اعتبارا من اليوم، إذ قررت لجنة تسعير المواد البترولية زيادة سعر لتر البنزين 80 أوكتين من 11 جنيها إلى 12.25 جنيه (0.25 دولار)، ولتر البنزين 92 أوكتين من 12.5 جنيه إلى 13.75 جنيه، ولتر البنزين 95 أوكتين من 13.5 جنيه إلى 15 جنيها، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
وجرى تحديد سعر الكيروسين عند 11.50 جنيه للتر، وسعر السولار عند 11.50 جنيه للتر، بينما تحدد سعر المازوت عند 8500 جنيه للطن لصناعات الطوب والأسمنت وبقية الجهات والقطاعات والاستخدامات الأخرى.
أسعار مايو
وفي مايو الماضي، رفعت اللجنة أسعار البنزين بواقع جنيه للتر الواحد، بينما وصلت الزيادة في السولار إلى 1.75 جنيه للتر.
وتعقد لجنة التسعير اجتماعا كل ثلاثة شهور لمراجعة أسعار الوقود وتحريكها ارتفاعا أو انخفاضا أو تثبيتها. وتعتمد اللجنة في قرارها على مستوى أسعار البترول العالمية، إضافة إلى أسعار الصرف وتكاليف النقل والتشغيل والإنتاج.
واردات مصر من الوقود
بلغت واردات مصر من الوقود خلال العام الماضي نحو 9.5 مليارات دولار، مقارنة مع حوالي 11.18 مليار دولار في 2022.
ويتبع رفع أسعار الوقود موجة من الغلاء تطال السلع والخدمات، حيث ترتفع تعريفة المواصلات وتزيد أسعار السلع والمنتجات الزراعية والصناعية بسبب زيادة تكلفة النقل ومستلزمات الإنتاج.
وفور الإعلان عن القرار، أعلنت المحافظات عن رفع تعريفة المواصلات بنسبة تصل إلى 15%، وقام عدد من المسؤولين بجولات ميدانية لضمان التزام السائقين بالتعريفات الجديدة وعدم المبالغة في الزيادة.
وأعلنت الشعبة العامة للمخابز اليوم أن أسعار الخبز غير المدعم ستشهد ارتفاعا بسبب زيادة أسعار السولار، لكنها أكدت على أن أسعار الخبز المدعم لن تشهد تغييرا.
مطالب صندوق النقد
وفي أبريل الماضي، أكد صندوق النقد الدولي على ضرورة انخفاض دعم الوقود في مصر من 331 مليار جنيه خلال السنة المالية 2023-2024 إلى 245 مليار جنيه في السنة المالية الحالية التي بدأت في الأول من يوليو تموز الجاري.
غير أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي نفى فرض صندوق النقد أي شروط على حكومته.
وقال مدبولي في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء إن برنامج صندوق النقد الدولي في مصر تم وضعه من قبل خبراء مصريين وتم مناقشته مع الصندوق ويكون هناك مجال للتفاوض بمستهدفات تحقق الصالح العام.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم رفع أسعار المواد البترولية تدريجيا على مدى عام ونصف العام، في حين أن خطة رفع أسعار الكهرباء ستكون على مدى زمني أطول قد يصل إلى أربع سنوات.
ضغوط صندوق النقد
عزا حسن الصادي أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود وما سبقها من قرارات مماثلة إلى ما وصفها بضغوط صندوق النقد الدولي على الحكومة لصرف الدفعة القادمة من القرض.
ومن المقرر أن يقوم صندوق النقد بالمراجعة الثالثة لاتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» مع مصر في نهاية الشهر الجاري، والتي سيتم بعدها صرف الدفعة الثالثة البالغة قيمتها 820 مليون دولار.
ووقعت مصر الاتفاق مع الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2022، واستكمل المجلس التنفيذي للصندوق المراجعتين الأولى والثانية للاتفاق ووافق على زيادة الموارد المتاحة من خلال البرنامج الأصلي بحوالي خمسة مليارات دولار.
وقال الصادي «توصيات صندوق النقد ثابتة في الغالب لكافة الدول التي تقترض منه، أهمها تخفيض النفقات العامة وغالبا تتركز على قطاعي التعليم والصحة، وخفض الدعم وزيادة الإيرادات من الضرائب، وكل هذه الأمور تؤثر سلبا على الطبقات الفقيرة».
وأشار إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود وما سيتبعها من ارتفاع في أسعار الكهرباء سينتج عنه ارتفاع في أسعار السلع والخدمات في الأسواق وزيادة الأعباء على المواطنين.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن الحكومة ليس لديها قدرة على ضبط الأسواق، لذلك «سنشهد خلال الأيام المقبلة فوضى في رفع الأسعار بسبب ارتفاع النقل وتكلفة الصناعة وما يتبع ذلك من ارتفاع لأسعار السلع المستوردة».
وأضاف «نعيش منذ سنوات في دائرة من الفوضى بسبب توصيات صندوق النقد، نقلل الدعم فيتبع ذلك حدوث فوضى في الأسواق وارتفاع للأسعار ويحدث ضغط على الجنيه وتظهر السوق الموازية للدولار ويتم خفض قيمة الجنيه، ما يزيد من الدعم المقدم مرة أخرى ونبدأ من جديد نفس الدائرة».
عدم الالتزام بتعليمات صندوق النقد
ويرى الصادي أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو عدم الالتزام بتعليمات صندوق النقد وتوفير العملة الأجنبية من خلال تقليل الواردات من السلع غير الضرورية مثل المكسرات وأطعمة الكلاب والقطط والمجوهرات وخفض وارداتنا من السيارات إلى النصف.
وحذر أستاذ اقتصاديات التمويل من أن «السير على نفس الطريق والالتزام بتوصيات الصندوق التي لا تراعي ظروفنا سيقودنا إلى كارثة اقتصادية».