عالق منذ 6 سنوات باليمن..

كيف انتهى حلم الأثيوبي «أبسا» بالهجرة إلى الخليج؟

كيف انتهى حلم الأثيوبي «أبسا» بالهجرة إلى الخليج؟
صنعاء: «خليجيون»

ظل حلم الخروج من براثن الفقر بإثيوبيا والعمل بإحدى دول الخليج يلازمه، حتى أفاق على نفسه عالقا منذ سنوات في دولة لا يرى فيها استقرارا ولا رغدا في العيش، ولا يختلف الوضع فيها كثيرا عنه في بلاده.

في قلب الفوضى والحرب اللذين يعصفان باليمن، تبرز قصة المهاجر الإثيوبي أبسا العالق في اليمن منذ ست سنوات والذي ترك وطنه بحثا عن حياة أفضل بعيدا عن الفقر والحروب، لكنه ظل عالقا في اليمن في قصة تشبه قصص آلاف المهاجرين الأفارقة الذين حالت الحروب الدائرة دون تحقيق أحلامهم في الوصول إلى دول الخليج.

ويحكي أبسا لوكالة أنباء العالم العربي كيف كان يأمل في فرصة عمل تنتشل أسرته من براثن الفقر في منطقة تشهد حروبا متعددة وأوضاعا اقتصادية بائسة.

تحمَّل أبسا صعاب الهجرة غير النظامية ومخاطرها في سبيل تحقيق حلمه، لكنه وجد نفسه واحدا من آلاف تقطعت بهم السبل في اليمن وحالت الحرب الدائرة به دون تحقيق أحلامهم في دول الخليج.

لكنه على عكس الكثير من المهاجرين الأفارقة في اليمن، لم يستسلم للواقع وغرّد خارج سرب المعاناة التي يتجرعها المهاجرون في مدن اليمن وأريافه، وبحث عن عمل يمكنه أن يعوّل عليه، بل وكوَّن أسرة في بلاد الغربة.

قال «فكرت أنني يمكن في مجتمع كالمجتمع اليمني، متعاطف ويسهل الاندماج فيه وقبول الآخرين، أن أبحث عن عمل في مدينة عدن»، التي كانت أول ما وطأته قدماه في اليمن بعد قدومه من إثيوبيا عام 2019.

وتنقل الإثيوبي بين أعمال متعددة، كما تنقل بين صنعاء وعدن ولحج، حتى استقر به الحال منذ أربع سنوات في محافظة مأرب بوسط اليمن والتي يتخذها آلاف المهاجرين محطة لحين حدوث انفراجة تتيح لهم العودة إلى ديارهم أو العبور نحو الحدود السعودية في مغامرة محفوفة بمخاطر جمة وسط الحرب الدائرة على طول الحدود اليمنية الشمالية مع السعودية.

التأقلم في اليمن

في مأرب، أصبح أبسا موظفا متعاقدا في صندوق النظافة والتحسين لمدة عام، وشارك في تهذيب المدينة وتشجيرها. بعدها انتقل للعمل في تنظيف العديد من المكاتب الخاصة ومكاتب وسائل الإعلام، وكوَّن صداقات واسعة في المحافظة قبل أن ينتقل للعمل الذي يمارسه اليوم في مستشفى الأمومة والطفولة الحكومي ويقدم خدمات تطوعية إلى جانب عمله الرسمي في الإشراف والنظافة.

وفي المستشفى الممول من قبل المنظمة الدولية للهجرة، تطوع أبسا للعمل في التواصل بين الأطباء والمهاجرين المرضى حيث كان يترجم الحديث وينسق بينهم. وهو يقدّم أيضا خدمات متعددة لمساعدة الأسر النازحة التي تأتي إلى المستشفى الوحيد للأمومة والطفولة ورعاية المهاجرين بالمحافظة.

وبعد سنوات من الهجرة والاغتراب في اليمن، قرر أبسا تكوين أسرة، فتزوج من مهاجرة إثيوبية. يقول «قررت أن أتزوج بعد أن وُلدت لديّ قناعة بأن الحياة محطات، ولا يمكننا انتظار المحطة الأنسب لحياة أفضل».

وتعمل زوجته حاليا قابلة بأجر زهيد في مخيم تسكنه أسر مهاجرة أو أفراد تزوجوا في اليمن وانتقلوا إلى مأرب مع أسرهم الجديدة.

وتروي زوجته، التي اختارت لنفسها اسم (قمر) في هذه المقابلة، كيف هاجرت من إثيوبيا إلى الصومال ومنه عبر البحر إلى اليمن قبل أربع سنوات برفقة 200 مهاجر ومهاجرة، وكيف كانت صعوبة المعاناة في رحلة الهجرة من الصومال إلى السواحل اليمنية والتي توفيت فيها أربع نساء فيما نجت هي من الغرق بأعجوبة.

ومع المخاوف التي تعتري أي فتاة مهاجرة، فضَّلت قمر الارتباط بشاب يحميها ويقيها مما يمكن أن تتعرض له من مضايقات واعتداءات في أرض غريبة.

وبلغة عربية ركيكة تقول قمر إنها كانت تعمل قابلة للمهاجرات بعد تلقيها تعليمات بسيطة من إحدى صديقات والدتها في إثيوبيا، إلى جانب عملها في البيوت بمأرب. لكنها في مخيم المهاجرين بمحافظة مأرب دورات تدريبية طبية قدمتها منظمة الهجرة، فباتت تقدم خدمات طبية بسيطة بمقابل رمزي لمن هن في المخيم الذي تسكنه نحو 150 أسرة مهاجرة.

مضى عام كامل على زواج قمر وأبسا. ومع طول المدد الزمنية التي يمضيها المهاجرون في محطة إجبارية بانتظار قطار تحقيق الحلم الذي لا يأتي، باتت قصص الزواج بين المهاجرين متعددة.

الحلم

لكن حلم الهجرة إلى الخليج تحوَّل إلى حلم العودة إلى الديار. يقول أبسا «الوضع في اليمن لا يختلف كثيرا عنه في إثيوبيا من حيث غلاء المعيشة وقلة الأعمال والحرب وتبعاتها على الناس».

وتكونت لدى أبسا وزوجته قناعة بأن المغامرة نحو الحدود اليمنية السعودية في ظل الحرب ما هي إلا خيال دفع بالكثير من المهاجرين إلى هوة الموت أو الاستغلال، وأن الخطوة المستقبلية المهمة هي العودة إلى إثيوبيا.

يقول «رسالتي لأبناء بلدي في إثيوبيا ألا يهاجروا أبدا إلى اليمن في الوضع الحالي، فاليمن لا يختلف كثيرا عن إثيوبيا بأوضاعها».

ويؤكد «المهربون هم من يمهدون الطريق ويسهلونها أمام الشباب الإثيوبي للهجرة نحو اليمن. وهذه في الحقيقة فكرة قاتلة، فإن لم تقتلك أمواج البحر والاستغلال، قتلتك سنوات الانتظار دون أمل الوصول إلى الخليج».

ومثل أبسا وقمر، ينتظر في محافظة مأرب 37541 مهاجرا ومهاجرة فرج العودة إلى إثيوبيا. وفي مايو الماضي، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمهاجرين العالقين في مأرب وخارجها لتمويل برنامج العودة الطوعية.

وأشارت إلى أنه خلال الربع الأول من العام الجاري عاد 2300 مهاجر، فيما عاد خلال العام الماضي ما يقرب من 6600 من صنعاء وعدن. ولا يزال المهاجرون في مأرب بانتظار تمويل إضافي.

الحاجة للمساعدات الإنسانية

توقعت منظمة الهجرة في تقريرها أن يحتاج أكثر من 300 ألف مهاجر في اليمن، معظمهم من الصومال وإثيوبيا، مساعدات إنسانية وخدمات حماية خلال العام الجاري، خاصة النساء منهم والفتيات.

ومع محدودية فرص الحصول على غذاء أو مأوى أو فرص عمل، تظل محنة المهاجرين مروعة، وهم ينتظرون أمل العودة للديار.

وقالت منظمة الهجرة في تقريرها «لطالما كان اليمن نقطة عبور ووجهة مهمة للمهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى فرص معيشة أفضل في دول الخليج».

وتابعت «على الرغم من الصراع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وعلى الرغم من التوتر القائم في البحر الأحمر، زاد عدد المهاجرين الذين يصلون سنويا لثلاثة أمثاله من عام 2021 إلى عام 2023، حيث ارتفع من حوالي 27 ألفا إلى أكثر من 90 ألفا».

وقالت إن مدينة مأرب، نظرا لموقعها القريب من خطوط المواجهة، أصبحت نقطة عبور ونزوح في الوقت نفسه للمهاجرين الذين يجد الآلاف منهم أنفسهم إما عالقين غير قادرين على عبور خطوط المواجهة الخطيرة وإما أسرى لدى المهربين.

أما النساء، فيزداد وضعهم هشاشة، وغالبا ما يتعرضن للعنف الجنسي ويواجهن مهمة صعبة تتمثل في رعاية الأطفال الرضع في ظروف معيشية قاسية.

اقرأ المزيد

شاهد.. لقطة عفوية بين أمير قطر وشقيقته في افتتاح أولمبياد باريس 2024

السعودية تحقق رقما عالميا في مجال الطيران

أخر تطورات الحالة الصحية لفنان محمد عبده

أهم الأخبار