«خليجيون» تستكشف رسائل إيران الخفية من «هدهد» حزب الله

«خليجيون» تستكشف رسائل إيران الخفية من «هدهد» حزب الله
القاهرة: دينا بهاء

اتفق محللون سياسيون على أن توازن القوى العسكري في لبنان أختلف منذ حرب السابع من أكتوبر لصالح حزب الله، خصوصا بعد واقعة الطائرة هدهد التي أجرت عمليات تصوير لقواعد عسكرية إسرائيلية، مشيرين إلى أن «الدعم العسكري الإيراني» يمثل رمانة الميزان في الصراع بين الإحتلال ولبنان، وأن كل الوقائع تشير إلى تراجع فكرة إتساع الحرب وبقاء معارك الاستنزاف.

ومؤخرا، بث حزب الله اللبناني عدة فيديوهات لما قال إنه استطلاع جوي لمناطق في شمال إسرائيل، تم التقاطه بواسطة مسيرة معروفة باسم «الهدهد»، التي تتميز بقدرتها على الإقلاع والهبوط العمودي، دون حاجة إلى مدرج، بل يمكنها مواصلة التحليق الآمن حتى في حال فقدان أو عطب أحد محرّكاتها. كما تمتلك أيضا القدرة على نقل شحنة يبلغ وزنها ثلاثة كيلوغرامات، وبإمكانها أن تحمل مجموعة متنوعة من الكاميرات المتطورة وشحنات من الأدوية، وقد تكون مناسبة في الأماكن التي يتعذّر الوصول إليها.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز أن «طائرات الهدهد الثلاث جزء من توازن الردع الذي تحكمه عدة عوامل من بينها أن طبيعة الجغرافية جنوب لبنان، الجبلية والوعرة والساحلية، تختلف عنها في غزة» ويوضح «مساحة القطاع 350 كيلومترا مربعا، ومحاصرة من كل الجهات، أما في لبنان فالجبهة تمتد عرضا على مساحة 120 كيلومترا مع عمق كبير مفتوح على سوريا والبحر، وذلك يؤمن عمليات الإمداد والاحلال».

وتضمنت مشاهد المسيرة هدهد «لقطات مصورة لقواعد استخبارات إسرائيلية، ومقرات قيادية، ومعسكرات في الجولان السوري المحتل»، وأيضًا ظهر قواعد وصفها حزب الله بـ«6 محطات استراتيجية للاستطلاع الإلكتروني، وهي مواقع شلاغيم الغربي، وأسترا، وشلاغيم الشرقي، ويسرائيلي، وأفيطال، وموقع تل فارس» وأيضا «مشاهد جوية لمدينة حيفا، من بينها مجمع الصناعات العسكرية ومنطقة الموانئ التي تضم قاعدة حيفا العسكرية ومنشأة بتروكيميائية، علاوة على مبنى قيادة وحدة الغواصات وسفن ساعر الحربية بأنواعها».

ترسانة ضخمة

ويضيف الرز في تصريح إلى «خليجيون» «علاوة على ذلك، تمتلك المقاومة ترسانة ضخمة من الصواريخ الدقيقة والذكية ومتوسطة وبعيدة المدى، وما يقارب 100 الف مقاتل، ومنظومة سلاح جوي التي عُرف منها صواريخ سام، والآف المسيرات مع شبكة إلكترونية حربية متطورة وقوة بحرية، عدا عن السلاح التقليدي» ويؤكد «كل ذلك يعني أن خسائر كبرى وغير مسبوقة سوف تتكبدها إسرائيل».

وينوه الكاتب اللبناني إلى أن «هذه المعلومات ليست مخفية، بل أركان الكيان الإسرائيلي يتحدثون عنها ويطالبون الولايات المتحدة بمدد عسكري متقدم لمواجهتها، وهم يطلقون التهديدات القوية ضد لبنان لكنهم يربطونها بتشجيع المساعي الدبلوماسية لاطفاء التوترعلى الحدود مع فلسطين المحتلة» حسبما يقول.

وتعد هدهد إحدى الطائرات المسيرة إيرانية الصنع والتصميم، وهي فرد من عائلة تتكون من هدهد 1، وهدهد 3، وبحسب الإعلام الإيراني، فقد صُنعت هذه الطائرة من بدن بطول 150 سم، وجناح يبلغ طوله 190 سم، ويمكن لهذه المسيرة التحليق لمدة 90 دقيقة، ويبلغ مداها 30 كيلومترًا، ويستفاد منها في تحديد إحداثيّات تجمعات العدو وعتاده.

معارك الاستنزاف

ويقول الرز «المعلومات تفيد أن الولايات المتحدة الأميركية تتريث وتنصح نتنياهو وحكومته بعدم اللجوء إلى حرب موسعة في لبنان من شأنها أن تتحول إلى حرب اقليمية لا قدرة لإسرائيل على تحملها بعد انهاك جيشها طيلة عشرة أشهر في غزة» ويستكمل «الرئيس بايدن يرى أن مثل هذه الحرب سوف تقدم هدية كبرى إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكان الرئيس المصري حذر من توسيع حرب غزة إلى محاور أخرى لان ذلك قد يسقط كل المعادلات في المنطقة».

ويعتقد سعيد الرز أن «هذه الوقائع تشير إلى تراجع فكرة الحرب الموسعة وتقدم احتمالات بقاء معارك الاستنزاف بين الجانبين مع بعض التوسع في الجنوب اللبناني والكيان الإسرائيلي، وذلك حتى تنتهي الانتخابات الأميركية المقبلة».

ويرى الباحث اللبناني أن «هناك قوى لبنانية رافضة لاشتعال المعارك مع الجيش الإسرائيلي، وهناك من ينكر على حزب الله وحلفائه انفرادهم في فتح هذه الحرب المحدودة ويعتبرونها جزء من الأجندة الإيرانية» ويتابع «في المقابل نجد قوى مؤيدة ومنخرطة سياسيا وعمليا في المعارك»، ويقول «لا يمكن تجاهل عوامل عديدة جعلت الإحتلال الإسرائيلي يراجع حساباته في توسيع الحرب على لبنان» وينوه إلى «إذا أيقن الإحتلال من تحقيق أهدافها بخسائر محدودة، لما ترددت في إعلان الحرب على لبنان، دون أن تعير اهتماما لأي جهة اقليمية أو دولية».

وكانت إيران نشرت خلال السنوات الماضية تطوير مسيرة استطلاعية اسمها هدهد، فيما لم ينشر حزب الله اللبناني معلومات رسمية حول الطراز المحدد الذي استخدمه لالتقاط هذه الصور.

إمكانيات عسكرية

ويعتقد الدكتور عبد الله نعمة، المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي في العلاقات الدولية، أن «حزب الله يملك إمكانيات عسكرية متقدمة وآلاف الصواريخ البعيدة المدى وأسلحة لم يكشف عنها بعد طاقات بشرية كبيرة» ويعتبر أن «الصور التي التقطتها مسيرة هدهد تشير بوضوح إلى قدرات حزب الله العسكرية ومدى التوازن العسكري لمحور الممانعة والمقاومة».

ويوضح في تصريح إلى «خليجيون» أن «كل ذلك سيغير قواعد الاشتباك العسكري في جنوب لبنان لما هو قبل العام ٢٠٠٦ وحرب تموز، ومن هنا يجري الحديث في هذه الفترة عن توازن الرعب والتسلح بين العدو الصهيوني وحزب الله». ويقول « هناك قدرات رادعة لدى حزب الله وهناك أسرار عسكرية يصعب للعدو اكتشافها بسهولة، وبالرغم من الدعم الأميركي للعدو بكافة انواع الأسلحة المتطورة، يظل هناك توازن عسكري للجانبين».

رسائل إيران

وعن رسائل إيران المخفية يقول «الاحتلال يعلم جيدًا أن التوازن العسكري لحزب الله نتيجة الدعم الإيراني المباشر، وأن قيادات حزب الله ينفذون أجندة إيرانية كاملة، رغم موقفها من حرب غزة، وأن السياسة الاستراتيجية لإيران في منطقة الشرق الأوسط واضحة، ومع الأسف السياسيين اللبنانيين واللاعبين الاستراتيجيين في المنطقة العربية حلفاء لإيران».

والمسيرة الهدهد هي صناعة إيرانية وهي طائرة كهربائية بلا بصمة حرارية أو صوتية وتبلغ سرعها القصوى 70 كلم في الساعة ولديها القدرة على حمل مجموعة متنوعة من الكاميرات.

ويؤكد نعمة أن «توسيع نطاق الحرب ليس سهلا على الإطلاق، وأن حجم الدمار الذي ستخلفه على جانبي الحدود بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، سيكون أكبر حجما وتأثيرا مما حصل خلال حرب تموز ٢٠٠٦» وينوه إلى «لذلك حذرت الأمم المتحدة من التصعيد في جنوب لبنان، ودعت الأطراف إلى ضبط النفس و ذلك في ظل دعوات دبلوماسية دولية وعربية للجم التدهور في غزة وجنوب لبنان».

ونشر Joe Truzmanباحث ومختص في جماعات المقاومة الفلسطينية والمنظمات التابعة لإيران، عبر منصة «إكس» أن «إذا كان هذا صحيحا، فإنه يدل على أن حزب الله لديه القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية عن المواقع الإسرائيلية الحساسة، الأمر الذي ينبغي أن يثير قلق جيش الإحتلال الإسرائيلي».

وزعم الإعلام الإسرائيلي أن «هدهد» الطائرة المستعملة في التصوير، هي طائرة كهربائية إيرانية مسيّرة، تحلق عموديًا وبصورة آلية تمامًا في مختلف الأجواء، لها ثمانية محركات، وفي كل جناح ثلاث مراوح. وهي من تصميم وتصنيع الباحثين في «جامعة شريف» الصناعيّة في طهران، وتبلغ السرعة القصوى لهذه الطائرة 70 كيلومترًا في الساعة، وبإمكانها أن تحلق نحو 53 دقيقة.

أقرأ المزيد

«خليجيون»| هل اقترب التطبيع بين السعودية وإسرائيل قبل مغادرة بايدن؟

دبلوماسي خليجي يحذر من مفاجآت هاريس للمنطقة

أول لقاء بين رئيس الوزراء البريطاني الجديد وقائد خليجي

أهم الأخبار