الاحتلال ينتهك السيادة الأردنية بطريقة غير تقليدية.. ما هي؟
يواجه الأردنيون أزمة بسبب التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي التابع للولايات المتحدة الأميركية، ويرجح البعض أن الأمر يتعلق بحادث إطلاق المسيرة على الجولان.
وقال وصفي الصفدي، خبير الاتصالات وتقنية المعلومات، إن «نظام تحديد المواقع العالمي التابع للولايات المتحدة يمكن التشويش عليه باستخدام أجهزة قادرة على تعطيل الترددات الخاصة بأنظمة الملاحة العالمية، وبالتالي "إعطاء معلومات غير دقيقة للمستخدم». حسبما ذكرت وكالة أنباء العالم العربي
ويؤكد الصفدي أن «أجهزة التشويش غير مصرح باستخدامها إلا من قبل الأجهزة الرسمية أو الأمنية داخل الدولة لارتباطها بسلامة وأمن تلك الدولة».
ويضيف «أي استخدام غير قانوني للتشويش على أنظمة الملاحة يعد جريمة يحاسب عليها القانون مثل أي نشاط إجرامي».
ويرجع الصفدي قيام دول بالتشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي، إلى «عدة أسباب من أهمها حماية تحركات كبار الشخصيات أثناء الأحداث البارزة أو لأسباب أمنية في منطقة معينة لمنع التتبع غير المصرح به لكبار الشخصيات أو المركبات الحكومية».
وأشار أيضا إلى أن «التشويش قد يستخدم لتعطيل أنشطة إجرامية تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي، مثل سرقة المركبات أو تهريب البضائع باستخدام أجهزة تعقب».
وذكر أن «الجيوش قد تستخدم أيضا التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي على نطاق واسع أثناء الحرب أو التدريبات لتعطيل أنظمة الاتصالات والملاحة الخاصة بالعدو، حيث يمكن أن يمنع هذا الأعداء من استخدام الأسلحة الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي».
تعديا على السيادة
من جانبه، قال مدير مديرية إدارة الطيف الترددي في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، نضال سمارة، لوكالة أنباء العالم العربي إن «استخدام الترددات داخل المجال الأردني يعتبر من السيادة الأردنية وبالتالي فإن التشويش من أي دولة مجاورة على تلك الترددات يعتبر تعديا على السيادة».
وأكد سمارة أن «الأردن خاطب الإحتلال الإسائيلي في مطلع العام الحالي بشأن التشويش لكن لم يكن هناك استجابة» على حد قوله.
وأضاف أن «عدم استجابة الإحتلال لطلب الأردن بوقف التشويش دفع المملكة إلى تقديم شكوى للاتحاد الدولي للاتصالات قبل أيام بالتنسيق مع عدد من الدول المجاورة».
ويأمل الأردن أن يتخذ الاتحاد الدولي للاتصالات قرارا يطالب إسرائيل بوقف التشويش، رغم أن سمارة لا يتوقع التزامها لا سيما في أثناء الحرب، وقال «مبرر إسرائيل هو تقديم المصلحة العسكرية على المدنية، وبالتالي لا نتوقع استجابة لوقف التشويش».
ولا يرى مدير مديرية إدارة الطيف الترددي خيارات دولية أو محلية تذكر أمام الأردن، حيث أن «الجهة العالمية المنظمة هي الاتحاد الدولي للاتصالات، ولا يتوقع سمارة تصعيد القضية دبلوماسيا بين الأردن والإحتلال».
ويقول سمارة «كل الخدمات التي تعتمد على نظام تحديد المواقع تأثرت بنسب متفاوتة»، مضيفا أن «المواطنين شعروا بتأثير كبير لأنهم يستخدمونه بالمجان، بينما استطاعت قطاعات أخرى استخدام أنظمة بديلة لكنها أكثر كلفة».
تشويش الإحتلال الإسرائيلي
وفي السياق ذاته، لم يعد سهلا على الصحفية الأردنية هبة إنجاز عملها في التغطيات الصحفية في مناطق مختلفة من المملكة، وذلك بسبب تأثير تشويش الإحتلال الإسرائيلي المستمر منذ أشهر على نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) على قدرتها على التنقل بسلاسة خلال اليوم لمتابعة القصص الإخبارية. بحسب ما نقلته وكالة أنباء العالم العربي
ونقلت الوكالة عن هبة إنها «تعتمد على نظام تحديد المواقع منذ سنوات لعدم معرفتها التامة بمختلف المناطق التي تحتاج للذهاب إليها، حيث كان نظام (جي.بي.إس) عاملا مساعدا حقيقيا في رحلاتها».
وتضيف «منذ حادثة إطلاق المسيرات اليمنية (على إسرائيل) ومرورها بالأجواء الأردنية وأنا أعاني صعوبة الوصول إلى أي مكان بسبب خلل يصيب نظام تحديد المواقع بشكل متكرر. وكفتاة أجد صعوبة أكبر في الوصول إلى المناطق دون الاستعانة بالجي.بي.إس».
ولم يخلُ الأمر من التندر والفكاهة عبر فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لمواطنين ضلوا طريقهم بينما يصر نظام تحديد المواقع على إيصالهم إلى القاهرة أو بيروت!
فقد وجدت هبة نفسها ذات مرة، حسب بيانات الموقع، في (حي المهندسين) بالعاصمة المصرية، على الرغم من وجودها فعليا في أحد شوارع العاصمة الأردنية عمان، وقالت «يقول لي الموقع أن الوقت المتبقي للوصول إلى وجهتي يحتاج إلى 11 ساعة!».
وعبر مواطنون عن «استيائهم الشديد من كثرة الزحام في الشوارع نتيجة اعتماد الكثيرين على نظام تحديد المواقع للوصول إلى وجهاتهم».
ويعتمد الشاب سامر بشكل كلي على «نظام تحديد المواقع في عمله المسائي كمتعاون مع أحد تطبيقات توصيل الطلبات مستخدما دراجته، ويشكو من تضرره أيضا من مشكلة التشويش».
وقال سامر إن «زبائن التطبيق تقدموا بعدد من الشكاوى بسبب تأخر طلباتهم عن الموعد المحدد، مشيرا إلى أنه يواجه دوما خللا في نظام تحديد المواقع الذي يصر على توجيهه إلى مناطق خارج الأردن»، مضيفا «يصر النظام أنني أتواجد في بيروت بدلا من عمان».
وتابع قائلا «يدخلني النظام شوارع شديدة الأزمة بسبب الخلل الحاصل منذ أشهر، وهو ما تسبب بمضاعفة الوقت الذي أحتاجه للوصول إلى وجهتي، وأثر على عملي الذي انخفضت وتيرته».
ولم يقتصر التشويش الإسرائيلي، الذي يعتقد أنه يستهدف إعاقة عمل الطائرات المُسيرة، على الأردن. فمنذ بدء المناوشات عبر الحدود بين قوات الإحتلال الإسرائيلية وجماعة حزب الله اللبنانية، «تعاني معظم القطاعات التي تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي في لبنان تشويشا ألقت الحكومة فيه باللوم على إسرائيل».
وقالت وزارة الخارجية اللبنانية في مارس إنها «طلبت من بعثة لبنان الدائمة في الأمم المتحدة التقدم بشكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي»، متهمة إياها «بالتشويش على أنظمة الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي».
وحذر وزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية علي حمية في صفحته على منصة إكس من أن التشويش الاسرائيلي «بشكل مستمر ومتواصل يشكل خطرا كبيرا على سلامة وأمن الملاحة الجوية».