تحية للشعب الكويتى

تحية للشعب الكويتى
الكاتب الصحفي كرم جبر
كرم جبر

لا يمكن أن نتحدث عن ذكرى غزو الكويت 2 أغسطس 1990، دون الحديث عن ذكرى تحرير الكويت 26 فبراير 1991، وبين التاريخين عنوان كبير" الأخطار العظيمة والدروس الكبيرة"، ورغم مرور 34 عاما إلا أن توابع زلزال غزو العراق للكويت لا تزال مستمرة حتى الآن.

كانت القاهرة فى ذلك الوقت تحتضن المؤتمر الإسلامي في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، ألغي المؤتمر وعقدت القمة العربية الطارئة وناشدت صدام بالإنسحاب، واتجهت العيون والقلوب صوب الكويت، والكل ينتظر أحداثا تشبه يوم القيامة.

جرح عربي غائر لم يندمل

فتح صدام حسين جرحا عربيا غائرا لم يندمل حتى الآن، بعد ان صار العدو هو الأخ الشقيق والجار، وتلقى مفهوم الأمن العربى المشترك طعنة غادرة فى القلب، وتدفع المنطقة ثمن خطيئته الكبرى، وكل الجروح تطيب بمرور الوقت إلا هذا الجرح.

كان طبيعياً أن يعيد أبناء العروبة التفكير فى جدواها، بعد أن انقسم الشارع العربي على نفسه واشتعلت الفتن والمعارك الكلامية فى البيت الواحد، فقد كانت الكويت دائما سنداً قوياً للعروبة، ولم يلق الفلسطينيون ترحيباً وضيافة مثلما كانوا في أراضيها، وفجأة استيقظ شعبها على تتار صدام، يسرقون وينهبون ويحرقون ويدمرون، بدعم ومساندة بعض المناضلين العرب الذين أكرمتهم واحسنت ضيافته، وتوالت توابع الزلزال.

قبل الغزو بشهرين، كانت الخدعة الكبرى عندما دعا صدام إلى قمة عربية في قصره ببغداد وظن أنه الأذكى

قبل الغزو بشهرين، كانت الخدعة الكبرى عندما دعا صدام إلى قمة عربية في قصره ببغداد وظن أنه الأذكى، ويستطيع أن يتحايل على الجميع، وارتدى ثوب العروبة فى الحديث عن شعارات نضالية، وقال كلاماً هو الأعظم في تاريخ العمل العربي المشترك، واتخاذ التدابير التي تواجه الأمن القومي العربي، لكنه كان مثل الثعالب الماكرة.

وقرر صدام أن يسالم إيران ويغلق جبهتها، ولم يكن ذلك من أجل صالح العرب كما زعم، ولا من أجل السلام مع إيران، ولكنه كان يمهد الأجواء لغزو الكويت، فأطلق سراح الأسرى الإيرانيين، وظن أن الطريق إلى الكويت أصبح مفروشاً.

وقبل الغزو بشهر واحد، جلس صدام مع السفيرة الأمريكية في بغداد "جلاسبي" ونصبت له المصيدة، وقالت له كلاماً غامضاً حول حياد أمريكا، فهم "هو" منه أن واشنطن لن تتدخل ضده إذا قام بغزو الكويت، واستعرض عضلاته العسكرية، وجيشه البرى الذي زعم أنه يستطيع أن يغرق جيوش الغرب في مياه الخليج فإبتلعته رمال الصحراء، وتمكن الشيطان من رأسه حتى قدميه، ولم يستجب لأي نداء بحقن الدماء، وصمم على استمرار العدوان، حتى لقى مصيره المأساوى، وترك المنطقة تنزف دما حتى الآن.

لم يفقد أبناء الكويت الأمل لحظة

تحية لشعب الكويت فى هذه الذكرى الأليمة، والشعوب المؤمنة بأوطانها تقدم أرواحها ودمائها دفاعا عنها، ولم يفقد أبناء الكويت الأمل لحظة فى أن تعود اعلام بلدهم ترفرف فوق قلاعها ومبانيها، وأن يعزف السلام الوطنى الكويتى وليس سلام الصدام.

----------------------------------

الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر

أهم الأخبار