خليجيون| العمالة الوافدة تعيد دول الخليج إلى مربع الاتهامات الدولية
تباينت آراء حقوقيين ومهتمين بالقضايا العمالية حيال تقرير حقوقي دولي يطالب دول مجلس التعاون بحماية العمال المهاجرين من ارتفاع الطقس في دول الخليج العربي مما يهدد حياتهم، إذ رأى البعض أن له ما يبرره، فيما رأى آخرون أنه يحمل أهدافا سياسية أخرى.
وعلى نحو سنوي تتكرر الاتهامات لدول الخليج بشأن انتهاك حقوق المهاجرين الآسيويين الذين يشكلون المكون الرئيسي في العمالة الوافدة، ويوم الخميس طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» دول الخليج بحماية العمّال المهاجرين من الحرّ خلال فصل الصيف مشيرةً إلى «المخاطر الصحية الشديدة» التي يتعرّضون لها في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بالتغيّر المناخي.
التغييرات المناخية لا تقتصر على دول الخليج
ويرى صلاح الإنصاري، القيادي العمالي أن «التغير المناخي خارج عن إرادة كل الدول وليس مقتصرا على دول الخليج العربي، ويشير إلى «الفيضانات والسيول في السودان، وفي أسوان بمصر، وعدد من الدول الأخرى، وطبيعة مناخ الخليج حار منذ الأزل»
ويلفت الأنصاري إلى توقيت إصدار التقرير الحقوقي عن ارتفاع درجات الحرارة في دول الخليج ويقول «الطقس في الخليج وارتفاع درجات الحرارة من البديهيات بمجرد النظر إلى خط الاستواء، وبالتالي توقيت التقرير يطرح الكثير من التساؤلات قد يكون لها بعد سياسي».
ويوضح « لا بد من وضع معايير بيئة عمل آمنة للعمل، وذلك ضمن معايير العمل الدولية التي صدقت عليها كل الدول ضمن ميثاق الأمم المتحدة».
وينوه إلى «دور وزارات العمل التي تحقق ذلك ضمن ما يخص السلامة والصحة المهنية، عن طريق التفتيش المستمر على جهات العمل» ويؤكد «في حالة عدم توافر بيئة عمل آمنة للعمال لا بد من التقدم بشكوى لتطبيق المعايير الدولية» ويقول «بعض الدول تمنع العمل في حالة تجاوز درجات الحرارة الحد الآمن».
وعن ضوابط العمل يقول القيادي العمالي «توفير بيئة عمل آمنة يندرج تحتها وضع بدائل عن العمل النهاري، وتوفير ملابس الحماية الملائمة للتغييرات المناخية، وتوفير السوائل ومياه الشرب» ويستكمل «دور العمل النقابي أن يجد بدائل وتفاوض للعمل الذي يرهق العمال وقد يؤدي بحياتهم».
ولم تردّ سلطات الدول الثلاث على التقرير الذي دعا «على السلطات الخليجية أن تتبنى فورًا تدابير حماية من الحر على أساس المخاطر» و«على أصحاب العمل أيضًا توفير مناطق للراحة في الظل وماء الشرب».
ويلفت هيثم محمدين، محامي متخصص في القضايا العمالية إلى المعايير العلمية في تقييم ظروف العمل ويقول «إذا كان العمل في أوقات معينة قد يؤثرعلى حياة وسلامة العمال وفق للمعايير المحددة بشكل علمي، فلا مجال للحديث عن إجراءات حماية».
ويعتبر في تصريح إلى «خليجيون» أن «الاجراء الوحيد الممكن في مثل هذه الحالة هو حظر العمل في تلك الأوقات نهائيا، واعتبار كل من يقوم بتشغيل عامل في هذه الظروف جريمة شروع في قتل».
قال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش «ترغب دول الخليج في أن يُنظر إليها على أنها رائدة عالميا في مجموعة من القضايا، لكن في القضية ذات الأهمية العالمية المتعلقة بالحماية من الحر، فإن سجلها باهت في أحسن الأحوال. نتيجة لذلك، يعاني العمال الوافدون في دول مثل السعودية والإمارات وقطر، والذين يحاولون إعالة عائلاتهم في أوطانهم، كل يوم بلا داع ويصابون بأمراض مزمنة، بل ويموتون بسبب الحر الخانق».
قواعد السلامة المهنية
وعن إجراءات حماية العمال في أوقات الحرارة المضرة وغير القاتلة يرى المحامي الحقوقي ضرورة «توفير فترات مناسبة للراحة، ومهمات سلامة مهنية التي من ضمنها توفير المياة الباردة وقياس الجهد الحراري باستمرار».
ويضيف هيثم محمدين «من المهم أيضا أن يكون هناك عقد عمل وتأمين صحي يضمن نقل وعلاج كل من يتعرض لضرر بسبب التغييرات المناخية، مع صرف تعويضات للمتضررين». ويدعو إلى «اعتبار العمل في مثل هذه الظروف ذا طبيعة خاصةـ مما يعني صرف بدل طبيعة عمل شاق».
وتتميز دول الخليج بخصوصية عن باقي البلدان العربية المجاورة والبعيدة هو أنها تعتمد بشكل متفاوت (ولكن هام) على اليد العاملة الأجنبية لتأمين الخدمات الأساسية ف وحسب آخر إحصائيات رسمية، فإن نسبة المهاجرين الأجانب بلغت أكثر من 35% من مجموع سكان بلدان مجلس التعاون الخليجي المقدر بحوالي 29، 3 مليون نسمة.
وتقول منى عزت، استشاري في قضايا التمكين الاقتصادي والاجتماعي « التغيرات المناخية التي حدثت وارتفاع درجات الحرارة تفرض اتخاذ أصحاب العمل لبعض الإجراءات مترتبط بالإطار التوجيهي التي أرسته منظمة العمل الدولية، حتى يحدث الانتقال العادل المرتبط بالتغييرات المناخية» وتوضح «المقصود بالانتقال العادل هو الاجراءات التي تتخذها أطراف العمل الثلاث (أصحاب العمل، النقابات، الحكومات) حتى تستطيع أن تتصدى للتغيرات المناخية والبيئية وتحقق الاقتصاد الأفضل والمستدام والوظائف الخضراء».
الإطار التوجيهي ضمن قوانين العمل
وتتابع في تصريح إلى «خليجيون» «الإطار التوجيهي لمنظمة العمل الدولية حدد أكثر من قاعدة، وفيما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة تنص البنود على إعادة النظر في ساعات العمل» وتنوه إلى «تطبيق تلك القاعدة على العمالة الزراعية التي تعمل من ساعات الفجر الأولى حتى 11 ظهرا ثم يستكملوا العمل من 4 عصرًا حتى 7 مساءا وفي فترات ارتفاع دراجات الحرارة يتوقفوا عن العمل تجنبا للتعرض إلى الأمراض المهنية».
ووفق تقرير هيومن رايتس «الأسبوع الثالث من يوليو 2024 سجل من الأيام الأحر من 1940، وفقا لمجموعة بيانات علمية، وتجاوز مؤشر الحرارة في بعض مدن الخليج 35 درجة مئوية. صُنّفت دبي والدوحة مؤخرا على أنهما المدينتان الأكثر تعرضا لحر الصيف على مستوى العالم. أفادت وسائل إعلام أن درجات الحرارة المحسوسة في دبي في 17 يوليو، عند أخذ الرطوبة بعين الاعتبار، بلغت 62 درجة مئوية»
وتضيف الناشطة الحقوقية «في حالة العمل داخل المصانع أو المؤسسات لا بد أن تتوافر أماكن للتهوية ويتوفر مياه للشرب وملابس واقية من الحرارة المرتفع وذلك يقع ضمن إجراءات الصحة والسلامة التي تراعي التغيرات المناخية».
أمراض المهنة وتصنيفها
وتستكمل منى عزت «هناك أيضا إجراءات ترتبط بأمراض المهنة الناتجة عن التغيرات المناخية مثل الإجهاد الحراري وارتفاع ضغط الدم والصداع والهبوط والأمراض الجلدية» وتشير إلى أن «هذه الأعراض لا بد أن تندرج تحت إطار الصحة والسلامة المهنية وتصبح أمراض مهنية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وأن تعرض العامل لها يستوجب الحصول على اجازات مرضية ويكون لهم نظم حماية اجتماعية ورعاية صحية تراعي التغييرات التي تحدث في درجات الحرارة، وأن تُعدل ساعات العمل بما يتلائم مع أوقات ذروة الحرارة».
وصف العمال الوافدون في السعودية وقطر والإمارات الذين نقلت هيومن رايتس ووتش شهاداتهم، أعراض أمراض مرتبطة بالحر، منها الإغماء والقيء، والشعور بالاختناق بسبب الحر.
اقرأ المزيد:
والد حسام حبيب: «شيرين محتاجة راجل»
تحقيق وعقوبات دولية.. ماذا قالت دول الخليج عن «مجزرة التابعين» في غزة؟